أدب الرعب والعام

رداء الإخفاء

بقلم : امل شانوحة – لبنان
موقع الكاتبة : lonlywriter.blogspot.com

رداء الإخفاء
كيف دخلت الى هنا يا بنيّ ؟!

استيقظ السجين تلك الليلة , ليتفاجىء بإبنه جيم (ذو الثماني سنوات) يقف امام سريره في الزنزانة , مرتدياً قناعاً على عينيه و رداءً اسود , و يحمل بيده كيساً ..ففتح السجين عيناه بصعوبة و هو لا يصدق ما يراه !

السجين : ابني !
ابنه بابتسامة طفولية : نعم ابي ..هذا انا !!
– و كيف دخلت الى هنا ؟!
ابنه بفرح : بواسطة هذا !!

و اشار الى ردائه..

فقام و جلس والده على حافّة سريره و هو يقول :
– لا , حقاً ! كيف سمحوا لك ؟!
– يا أبي , هذا رداء الإخفاء .. أنسيت ؟! ففيه يمكنني التجوّل اينما اشاء , و دون ان يراني احد
فيمدّ ذراعيه نحو ابنه , و يقول بشوق :
– جيم , تعال !! اريد ان احضنك , فقد اشتقت اليك كثيراً
(جيم) بصوتٍ منخفض :
– لا ابي , ليس هنا ! بل بعد ان نعود سوياً الى منزلنا
فيستفسر بإستغراب : و كيف بنيّ ؟!
فيخرج ابنه من الكيس (الذي كان يحمله) رداء الإخفاء (بحجمٍ كبير)..
– لقد احضرت لك رداءً بحجمك .. فالبسه فوراً !!
فلبس الأب (السجين) هذا الرداء (الأسود الكبير).. ثم عاد و اخرج ابنه (من الكيس) قناعاً اسود ليغطي عينيه ..و اعطاه لوالده
– خذّ ابي !! غطّي عيناك بهذا القناع .. ثم الحقني !!

 
و بعد ان انتهى السجين من لبس ثيابه التنكرية , رأى نور الكشّاف الذي يحمله احدى الحراس (و الذي عليه واجب التأكّد  من المساجين النائمين) .. فقال لإبنه بقلق و بصوتٍ منخفض :
– لقد اتى الحارس ! هكذا سيرانا
بصوت منخفض و بثقة :
– لا تقلق ابي .. فقط اسند ظهرك على الحائط .. هيا بسرعة !!
و فعلاً ..التصق الأب و ابنه على احدِ جدران السجن (بالقرب من القضبان الحديدية) , فلم يرهما الحارس الذي صرخ بقوّة قائلاً :
– السجين رقم 112 ليس موجوداً في سريره ! افتحوا الباب بسرعة !!!
و فُتح باب السجن .. فهمس الأبن لإبيه المرتعب : 
– هيا ابي بسرعة , لنخرج من هنا !!
والده بخوف و بصوتٍ منخفض : و كيف ؟! .. سيرانا حتماً !!
بإصرار و ثقة : ابي ! انسيت رداء الإخفاء ؟! هيا بسرعة قبل ان يُغلقوا الأبواب من جديد !

 
و مع ان الأب يكاد لا يصدّق كل ما يحدث ! الا انه بالفعل خرج من سجنه , و لم يره الحارس الذي كان يبحث عنه اسفل السرير ..

و في كل مرّة ..كان الأب و ابنه الصغير يمرّان من ابواب السجن , التي كانت تُفتح ليدخل المزيد من الحرّاس الذين اسرعوا للبحث عن السجين الهارب .. و هكذا حتى وصلا الى ساحة السجن الخارجية , بعد ان تركا السجن في الداخل  هائجاً بغضب الحرّاس و صراخ المساجين الذين كانوا يطرقون بأكوابهم على قضبان زنزاناتهم , فرحين بهروب احدهم  من هذا السجن المرعب

 

و هناك في ساحة السجن .. التصق الأب و ابنه بجدران السجن الخارجية , خوفاً من ان يراهم الحارس المسلّح الموجود بأعلى برج المراقبة

فيهمس لإبنه بخوفٍ بالغ :
– ابني ..انتبه !! فهناك مراقباً لساحة السجن بأعلى البرج .. و إذا طالنا ضوء المنارة , فأنه سيطلق الرصاص علينا حتماً !
فيبتسم ابنه بثقة :
– يبدو انك في كلّ مرّة تنسى رداء الإخفاء ! هيا ابي لا تخفّ , و لنذهب الى بيتنا
لكن فجأة !! لمع الضوء في عين السجين
فقال السجين بهلع :
– يا الهي ! لقد قبضوا علينا !!

***

و عندما فتح السجين عيناه , رأى حارس السجن و هو يقرّب نور الكشّاف من سريره , و هو يقول له ..

الحارس :

– روبرتو , استيقظ !! …هيّا !! لقد حان الوقت

فعَلِمَ السجين بأنه كان يحلم ! و بأنهم قدموا ليأخذوه و ينفّذو عليه حكم الأعدام , بعد ان امضى سنة و نصف في المرافعات القضائية

و بعد دقائق .. كان الحرّاس قد انتهوا من تجهيزه , بعد ان قيدوا يديه و ساقيه بالسلاسل .. ثم اخرجوه من زنزانته ليقتادوه الى قاعة تنفيذ الحكم .. اما المساجين الآخرين فكانوا يتابعون ما يحصل من الأعلى , و هم يطرقون بالأكواب على قضبان زنازينهم ليحيّوا روبرتو للمرّة الأخيرة..

و في طريقه الى هناك .. تذكّر روبرتو آخر مرافعة له في المحكمة , حين كان محاميه يصرّ عليه ان يدافع عن نفسه (لآخر مرّة)..

المحامي و هو يهمس له :
– سيد روبرتو !! الأمر خطيرٌ جداً , فربما يصدر الآن حكم اعدامك.. لذا رجاءً !! دافع عن نفسك ..انها فرصتك الأخيرة !
لكن قطع كلامه صوت القاضي , و هو يطلب من روبرتو الوقوف..
و بعد ان وقف , سأله مجدداً
القاضي : سيد روبرتو !! سأسألك للمرّة الأخيرة .. ماذا تقول بشأن قتلك لأبنك و لمعلمته ؟
السجين روبرتو : اقول اني …. مذنب !!
فخاب امل محاميه , و بعض اقاربه الذين تواجدوا في المحكمة ..
و حان الوقت .. و وقف الجميع لسماع الحكم النهائي

فقال القاضي بصوتٍ عالي :

– اذاً !! و بعد ان سمعنا اقراره بالذنب في اكثر من جلسة .. لم يعدّ امامنا الا الحكم عليه ….. بالإعدام !!! و ستنفّذ العقوبة بأول يومٍ من هذا الشهر , بواسطة الكرسي الكهربائي !! … رفعت الجلسة !!!

 
و هنا !! هاجت القاعة ما بين حزين و ما بين فرحٍ بهذا الحكم , لكن اشدّهم فرحاً كان اهالي المعلمة المغدورة..

 

***

 

ثم عاد ذهن السجين إلى الواقع , بعد أن ادخلوه الحرّاس المرافقين إلى القاعة الصغيرة , حيث كان في وسطها يقبع وحيداً ذلك الكرسي الخشبي الكئيب الموصول بالأسلاك الكهربائية..        

و بعد ان اجلسوه و قيدوه به.. اقترب منه رجل الدين و صار يرتّل بعضاً من الإنجيل .. لكن عينا روبرتو في هذه الأثناء  كانتا مسمّرتين على الأشخاص الذين جلسوا (خلف الزجاج) ليكونوا شهوداً على موته ..                                     

و هنا ! تذكّر اسباب ارتكابه لتلك الجريمتين , فعاد بذاكرته الى الوراء

فإبنه الوحيد جيم (ذو الثماني سنوات) اصبح قليل الكلام بعد ان اصيب بالإكتئاب بسبب وفاة والدته بالسرطان , كما ان وضعه في المدرسة لم يكن جيداً ..

لكن الصغير كان يجد راحته في مشاهدة مسلسله الكرتوني المفضّل الذي يُحكى فيه : (( عن ولدٍ صغير يقوم , بعد ان يلبس معطفاً اسوداً و يختفي عن الأنظار , بمساعدة الناس دون علمهم )).. و بعد انتهاء المسلسل .. بدأت الإعلانات التجارية تُعلن : بأن رداء الإخفاء بحجمه الصغير , صار متوفراً بمحلات الألعاب..

و حينها صار كلّ همّه : هو شراء هذا الرداء .. لكن والده (روبرتو) : العامل البسيط في معمل المنظّفات الكيماوية , لم يكن في مقدوره شراء هذا الرداء (الغالي بعض الشيء) …. و بدأ اصرار ابنه على شرائه يغضبه..

 

***

 

و في صباح احدى الأيام …اقترب جيم من ابيه و هو يحمل ورقة , و قال له :

– ابي !! لقد سألتني البارحة قبل ان تنام , لماذا اصرّ كثيراً على شراء هذا الرداء ؟ .. و قد كتبت لك في هذه الورقة كل شيء عن رغبتي ..
لكن الأب (روبيرتو) اخذ منه الورقة و رماها على الطاولة , قائلاً بعدم مبالاة : 
– حسناً , سأقرأها فيما بعد
– لكن ابي ..
فصرخ عليه مقاطعاً :
– قلت فيما بعد !! هيّا حضّر نفسك للمدرسة , و انا سأذهب الى عملي .. لقد تأخّرنا !!

 

***

 
و مضى شهر , و الورقة مازالت على الطاولة ..                                         
و في احدى الأيام .. فاجأ الصبي أباه ببعض المال 

– ابي !! ..امسك
فأخذ الأموال منه (بدهشة) ..
والده : ما هذا ؟!
ابنه بحماس و فخر :
– انها سبعون دولاراً , ثمن الرداء !!
الأب بقلق : و من اين احضرتها ؟!
الابن : لي مدّة و أنا أدّخر مصروفي .. كما كنت اُحضر بعض الحاجيات لجارتنا العجوز , و هي في المقابل تعطيني بعض المال

والده بإستهزاء :
– و كل هذا من أجل ردائك السخيف ؟!
بعصبية و اصرار : لا تقلّ هذا يا ابي ! فأنا احتاجه فعلاً !! و قد قمت بدوري و جمعت لك ثمنه ! و كلّ ما عليك فعله هو ان تذهب للسوق و تشتريه لي .. رجاءً !!
ففكّر الوالد قليلاً , ثم قال :
– حسناً ….سأفعل !!
جيم الصغير و هو لا يصدّق ما سمعه :
– احقاً ؟!
– نعم , و سأذهب الآن .. لكن عدّني بأنّي عندما اعود , تكون قد انتهيت من واجباتك الدراسية
ابنه بحماس و فرح :
– حاضر ابي !! سأبدأ حالاً !!!
و ركض سعيداً الى غرفته..

فأبتسم الأب ..و وضع المال في جيبه .. ثم خرج من المنزل..

 

***

 

و في سيارته , و قبل ان يصلّ لشارع التسوّق .. لاحظ بعض رفقائه (في المعمل) مُتجمّعين في احدى جنبات الطريق .. فأوقف سيارته و اقترب منهم..
روبرتو : ماذا يحدث ؟!
احد اصدقائه بغضب :
– الم تسمع ؟!! سيغلقون معمل المنظّفات الكيماوية غداً !
روبرتو بدهشة : و لماذا ؟!
صديقٌ آخر بعصبية :
– لأن بعض نشطاء الحفاظ على البيئة , ربحوا اليوم القضية التي كانوا قد رفعوها ضد معملِنا .. و سيصدر الأمر بإغلاقه غداً !روبرتو متضايق و بقلق :
– و ماذا عسانا ان نفعل نحن ؟!
صديقه بحزن : لا ندري !
صديقٌ آخر بغضب :
– برأيّ ان نذهب و نرمي مكتب هؤلاء الحمقى بالحجارة , فربما نُرعبهم و يتركونا و شأننا !
روبرتو :
– لا , هذا سيزيد الأمر سوءاً !
فيجيبه نفس الرجل بغضب :
– و هل لديك حلاً آخر ؟!!
الصديق الثالث :
– انا سأذهب معك !! و لنلقّن هؤلاء الحمقى درساً لن ينسوه ابداً !!
صديق روبرتو :
– و انا معكم !! هآ , روبرتو !! هل ستذهب معنا ؟ ام ستخاف كالعادة !
روبرتو بعصبية :
– و من قال اني خائف ..انا قادمٌ ايضاً !!

 

***

 

و في آخر الليل ..عاد الأب (روبرتو) مرهقاً و حزيناً , فاستيقظ ابنه (الذي كان قد غلبه النعاس على الكنبة في انتظار عودة والده) ..و ركض فوراً الى ابيه , و هو يقول بحماس :

– لقد تأخّرت يا ابي ! .. لكن لا يهم .. هيّا اعطني الرداء !!
لكن الأب تهالك على الكنبة بتعب , و هو يقول :
– آسف بنيّ .. فقد دفعت مالك بالإضافة الى كل ما معي , كيّ اخرج من السجن بكفالة
ابنه بدهشة و غضب :
– ماذا ؟! كيف حصل هذا ؟!
– لا ادري .. لكني وجدت نفسي و قد علقت في مشاجرةٍ سخيفة .. و انتهى الأمر بعد ان قبضت علينا الشرطة ..  (ثم يتنهد بتعب) .. و هذا ما حصل ! … لكني اعدك بأن اعوضك الشهر القادم

فيبكي الولد بمرارة :
– لا ابي .. انا احتاجه غداً ضروري !!!!
فيصرخ والده عليه بغضب :
– اللعنة عليك و على هذا الرداء !! … خذّ , امسك !!
و يضع الملاءة (التي كانت على الكنبة) فوق رأس ابنه .. و يقول له ساخراً :
– هآقد حصلت على ردائك اللعين !! و الآن اذهب الى غرفتك !!!

لكن الولد صار يصرخ كالمجنون و يُخرّب كل شيء , و يقذف بالأشياء على والده (بهستيريا) و هو يقول :
– انا اكرهك !! انت والدٌ سيء ! ليتك متّ انت بدلاً عن امي !!
و هنا !! جنّ جنون الأب :
– ماذا قلت يا ولد ؟!!!
ثم حمل ابنه و رمى به الى الكنبة الأخرى .. لكن رأس ابنه ارتطم بقوّة بحافة الطاولة .. فتهاوى جسده دون حراك على الأرض .. فاقترب الوالد منه و هو يرتجف بخوف , ليرى بقعة من الدم خلف رأس الصغير .. فأسرع اليه و صار يهزّه برعب , و هو يبكي بهستيريا

الأب روبرتو :
– جيم حبيبي !! انا آسف .. هيّا قمّ ارجوك !! سأشتري لك ذلك الرداء .. احلف لك !! هيا رجاءً .. افتح عينيك !

 
و هكذا امضى الأب ليلته في البكاء و هو يحتضن جثة ابنه , حتى طلع عليه الصباح .. ثم حمل الأب ابنه , و وضعه على الكنبة .. و ذهب ناحية الهاتف ليبلّغ عن نفسه .. و اتصل بالشرطة بصوته المرهق الحزين

روبرتو : الو
الشرطي :
– الو نعم .. هنا الشرطة !! ..ما المشكلة ؟
و هنا ! انتبه روبرتو على الورقة التي كان اعطاهُ اياها ابنه قبل شهر , و هو بدوره رماها على طاولة ..

 
فأغلق الهاتف (دون ان يُكمل كلامه مع الشرطي) , ثم اخذ الورقة ليقرأها ..و كان فيها :

الرسالة :

(( اعرف يا ابي بأنّي اضايقك بإصراري على هذا الرداء .. لكن السبب الحقيقي : هو رغبتي في الإختفاء عن اعين معلمتي (ليندا) .. فهي قاسية جداً معي ! و دائماً ما تستهزأ من ثيابي البالية , و قلّة نظافتي ..مع اني اخبرتها اكثر من مرّة بأن امي متوفية و بأنك مشغول و أننا فقراء .. الاّ انها تصرّ على جعلي كمثالٍ سيء , ليستهزئوا بي رفاقي ! و لذلك اريد ان البس الرداء في حصّتها فقط , لأني لم اعد اتحمّل كلّ هذه الإهانة …فأنا اموت كل يوم يا ابي .. و لهذا ارجوك !! اشتري لي رداء الإخفاء , و ارحني من هذا العذاب !!!! ))

 

و ما ان قرأ روبرتو هذه الرسالة , حتى جنّ جنونه تماماً .. فلبس معطفه لكيّ يُخفي قميصه (الذي امتلأ بدم ابنه) .. ثم خرج مُسرعاً نحو المدرسة ..و بعد ان عَلِمَ بمكان الفصل الذي تُدرّس فيه المعلمة ليندا , توجه اليه فوراً .. لكن و قبل ان يفتح الباب , سمعها تقول للطلاب (بسخرية و ازدراء)

المعلمة ليندا : يبدو ان جيم الفاشل لم يحضر اليوم الى المدرسة .. و هذا افضل !! فنحن لا نريد لرائحته النتنة ان تعكّر علينا صباحنا ..اليس كذلك ؟

فضحكوا الطلاب..

 
و هنا !! فتح روبرتو الباب كالمجنون , و اقترب من المعلمة و هو يقول بغضب :
– سأريك من سيُعكّر عليك صباحك .. يا عديمة الرحمة !!

 ثم بدأ يخنقها بقوّة ..فهرب الطلاب من الفصل , و هم يصرخون برعب ..

و رغم ان حارس المدرسة و مديرها اسرعا بإتجاه الفصل .. لكنها كانت قد فارقت الحياة..

 

***

 و في قاعة الإعدام..

عاد ذهن روبرتو الى الواقع , بعد ان سمع السجّان (المسئول عن الأعدام) يسأله :
– هل لديك طلبٌ أخير سيد روبرتو , قبل ان ننفّذ الحكم ؟

 و هنا ! تراءى له ابنه (و هو يلبس رداء الإخفاء) جالساً (خلف الزجاج) مع الشهود (على تنفيذ الحكم) ..

و كان خيال ابنه يتمّتمّ : سنذهب لبيتنا يا ابي

 
فأعاد السجّان عليه السؤال :
– سيد روبرتو !! أتسمعني ؟!! .. هل لديك طلبٌ اخير ننفذه لك ؟!
فقال روبرتو (و دمعه ينساب بهدوء على وجنتيه) و بإبتسامةٍ حزينة :
– نعم !! … رداء الإخفاء !

و هذه كانت آخر كلماته , قبل ان يطلق صرخته المرعبة و الأخيرة !

تاريخ النشر : 2016-07-23

guest
59 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى