أدب الرعب والعام

ساتن وجنون العظمة (ج٣)

بقلم : أحدهم – كوكب الأرض
للتواصل : [email protected]

ساتن وجنون العظمة (ج٣)
حان موعد السفر عبر ممرات الكون التي تسلكها الكائنات النورانية في جولاتها فيه

ملخص الأجزاء السابقة:

كان ساتن هو المختار من بني قومه ليذهب مع الكائنات النورانية ليزور مملكة السماء، وكان ساتن يخطط للفوز بحظوة مقدسة لا يستحقها بين الكائنات النورانية، فأخذ يزرع بذور الشك في مملكة السماء، وكانت السماء تعلم بحقيقة جوهره وخبث مقصده.. وفي لحظة ما جن جنون ساتن عندما علم بأن مخلوق آخر (هومن) هو من أخذ شرف المكانة الأعظم في مملكة السماء وكان سيد الكائنات فيها، وأخذ ساتن يكيد له حتى أوقعه في شراك حيله وخداعه حتى أطعمهم فاكهة محرّمة، وكان على هومن وإيڤاني ونسلهم أن يهبطوا من مملكة السماء إلى مملكة الأرض حتى تذهب عنهم بقايا الفاكهة المحرّمة حتى موعد قدرهم للعودة إلى حديقة السماء مرة أخرى.

 ***

الرحيل:

وجُهّزت مراكب السفر.. ووجد هومن نفسه في بلورة زجاجية حتى لا تؤذي الرياح الكونية بنيته الضعيفة، ووجد إيڤاني بالقرب منه في بلورة زجاجية خاصة بها، وكانت الفراشات الهومية تسبح في جو بلورة زجاجية ثالثة بالقرب منهم.. ثم رأوا بعدها ساتن بشكله القبيح وصراخه المقيت يُسحب مقيداً إلى مركب قريب، وحان موعد السفر عبر ممرات الكون التي تسلكها الكائنات النورانية في جولاتها فيه.. ثم كان ذلك الحوار بين هومن وساتن أثناء رحلة النزول إلى الأرض.. نظر هومن لساتن مطولاً ثم سأل (كيف تُعصى السماء في السماء؟ وكيف يَعصي العاقل بعد كشف الحجب؟)، قال ساتن (وكيف يكون للسماء شأن إن كان سيدها ليس ذي شأن؟)، قال هومن (وما فعل لك الضعيف حتى تحقد وتكذب وتخدع؟)، قال ساتن (وما فعلتُ أنا حتى تُخلق أنت؟)، قال هومن (هذه مشيئة الإله العظيم) قال ساتن في تبجح ووقاحة (إن كان هو إله السماء، فأنا هو إله الأرض) وهنا صرخ ساتن محاولاً فك وثاقه في قمة جنونه وهذيانه.. وركل ساتن برجله القذرة البلورات الثلاث لتسقط بلورة هومن وبلورة إيڤاني خارج مركبهم النوراني وتناثرت على طول المسار الكوني الفراشات الهومية خارج بلورتها المكسورة لتجرفها الرياح الكونية حتى موعد سقوطها على كوكب الأرض.

 ***

الهبوط:

كانت رياح المسار الكوني أكبر من ان تستطيع الكائنات النورانية مقاومتها وكان على البلورات والفراشات المبثوثة أن تسقط على الأرض في أماكن وأزمان مختلفة.. عند وصول مراكب الكائنات النورانية كان على عاتق الكائنات ان توقف الحرب الطاحنة التي كانت تدور بين الكائنات الطيفية.. واستطاع ساتن وسط هذه الفوضى أن يفك قيده والهروب.. لم تستطع الكائنات النورانية إيقاف نزيف الحرب إلا بعد اشاحت عن وجه الأرض تلك الغيوم القديمة لتهرب الكائنات الطيفية من لسعة الضياء وتختفي خلف بعدها الخامس.. اجتمعت الكائنات النورانية بالكائنات الطيفية بعد هدوء أجيج الحرب لتحكي لها حقيقة ما جرى في السماء، وعن ساتن، وعن هومن.. تفاجأت الكائنات الطيفية بحقيقة ساتن ووقاحته وجنونه لتعلن الكائنات الطيفية رفضها إياه ونفيها له إلى البحار البعيدة، وكان بعدها مثياق شرف بين عشائر الكائنات الطيفية بأن تدع الكائن الجديد القادم من السماء في عالمه الخاص به إكراماً لمكانته السماوية حتى موعد عودته.

 ***

الوسوسة الثانية:

في تلك الأثناء كان ساتن يبحث في أصقاع الأرض المترامية عن بلورة إيڤاني ليجدها على واد قاحل، وحيدة وجريحة وخائفة.. لم يستطع الظهور بسبب ضياء النهار الجديد على جو الأرض.. وبدأ لعبته القديمة في الحديث من وراء الحجب (إيڤاني المسكينة.. هومن لن يأتي.. رجع للسماء وحمل معه فراشاته) سمعت إيڤاني تلك الوسوسة المألوفة لكنها لم تحرّك ساكناً ولم تنطق ببنت شفة، كانت تعلم من يكون وراء هذا الصوت، وكانت تعلم بأنه يكذب .. (إيڤاني الوحيدة.. هومن لن يأتي.. لن يأتي صدقيني.. كم هي تعيسة إيڤاني !!).. وهكذا ظل ساتن يثبط من عزيمة إيڤاني وإيمانها بحب هومن لها.. كان ساتن يحاول بشتى الطرق أن يكسر هذه العلاقة المقدسة منذ بواكيرها.. في تلك الأثناء كان هومن قد هبط ببلورته لتوه في مكان بعيد وأخذ يجوب الأرض بحثاً عن مؤنس وحشته وشريك دربه وينادي (إيڤااااني.. إييييڤ)، وأما الفراشات المضيئة فقد كانت ما تزال تجرفها عواصف المسارات الكونية حتى حين، وكان عليها أن تتأخر في الهبوط.

 ***

الشظايا:

لم تحتمل إيڤاني تكرار الوسوسة التي أخذت تزعزع إيمانها بحب هومن لها.. أخذت إيڤاني شظايا البلورة السماوية ورجمت بها مصدر الصوت الخبيث، وكانت حفنة من الشظايا منها كفيلة لإبعاد تلك الوسوسة حتى اليوم الآخر، واستمرت على حالها في معاناتها من الشكوك التي تثيرها وساوس ساتن من خلف الحجب ورميها للشظايا الزجاجية عليه ثلاث شموس حتى عثر عليها هومن أخيراً جريحة وخائفة.. كان هذا المكان من سطح الكرة الأرضية بالذات هو نفسه سيحتضن حادثة مماثلة بعد حين وسيكون مَعلماً يزوره الهوميين كل دورة فلكية وتذكرهم بقصتهم القديمة وسبب معاناتهم على هذا الكوكب.

 ***

قدوم الفراشات:

حمل هومن إيڤاني نحو أصقاع أكثر وفرة بالطعام والماء، ونست إيڤاني أن تحمل معها ذلك الحجر النوراني من بقايا البيت السماوي ليبقى هناك تحت انقاض البلورة الزجاجية حتى تأتي الرسائل القادمة لتخبر نسلهم بحقيقة هذا الحجر وليتذكره الهوميون كرمز لبيتهم القديم في السماء.. كانت الفراشات الهومية تتساقط تباعاً على أمكنة وأزمنة مختلفة على سطح الكوكب، وكان هومن يجوب الأرض حتى يجمعها في ضنى وتعب.. وهنا كانت صلوات إيڤاني تطلب من السماء أن تتساقط الفراشات في حجرها كما كانت عند خلقها أول مرة عند تلك الشجرة في البيت القديم، وكان لها أن تحملهم في بطنها كما تفعل الكائنات الأرضية حتى يطمئن قلبها لهم حتى موعد قدومهم من السماء واستقرارهم على الأرض.

 ***

العودة:

بعد حين، كان موعد العودة قد حان، وقد حضرت الكائنات النورانية لتحمل هومن وإيڤاني نحو السماء بعد ان ذهبت عنهم بقايا الثمرة المحرّمة من أجسادهم.. هنا كان على هومن ان يوصي أبناءه بالأمانة وحقيقة الرسائل المتعاقبة وأوصاهم بأخوتهم من الفراشات الهومية القادمة.. وكانت إيڤاني تبكي لفراق نسلها وتذكرهم بحقيقة ساتن وكراهيته .. كان على بناتها أن تحمل عبء إيڤاني في استقبال الفراشات الهومية حتى موعد رحلات العودة، وكان على أبناء هومن الحفاظ على كوكب الأرض وكائناته، وكان عليهم رعاية الفراشات القادمة وتذكيرهم بالوصايا والقصص والبيت القديم.

 ***

مملكة ساتن:

سيذهب جنون ساتن إلى أبعد من الحلم بمكانة سيد الكائنات بل ليحلم بمكانة الإله العظيم على مملكة الأرض بكل وقاحة وجنون.. سيحاول أن يقيم عرش مملكته على الماء ويرسل منها اتباعه حول أصقاع الأرض، ويغوي الهوميين بأكاذيبه وخداعه كما فعل ذلك مع أبويهم، وينشر لهم بقايا من ثمار تلك البذور الخبيثة القادمة من أطراف چولوم ليكونوا أهلاً للظلم والقتل والأنانية.. سيكذب عليهم وسيخدع الكثيرين.. سيفرق بينهم ويكسر روابط الألفة والمحبة بينهم وسينشر الحقد ويشيع الحروب الطاحنة.

 ***

النهاية:

سيأكل الهوميون لحوم إخوتهم ويعيثون في كوكب الأرض الفساد.. ستتغير طبيعة الهوميين وتزداد وحشيتهم إلى دركة لم يتصورها ساتن نفسه.. سيزرع في نفوسهم بذور الشك من ذكريات البيت القديم العالقة في قعر أذهانهم.. ستعم الكآبة والضياع مجتمعات ابناء هومن.. وسيرفعون شعارات التمرد والعصيان على رسائل السماء باسم الحكمة الجديدة (كونوا أنتم الآلهة على مصائركم.. فأنتم تستحقون المزيد.. كونوا كما تريدون أن تكونوا، وليس كما يراد لكم).. وسينسى الهوميون قصة وجودهم وصراعهم الأبدي مع اعتى أعدائهم.. لكن النهاية قادمة لا محالة لتُكشف الفصول الأخيرة من القصة القديمة ويَنفضح المستور للمرة الأخيرة لكن بعد فوات الأوان.

 ***

انتهت..

 —

ملاحظة: بالطبع الكل يعرف الإسقاطات الواضحة للقصة.. لا داعي لمناقشة هذه الإسقاطات ودقتها وصحتها حتى لا نقع في فخ الجدل ونهرب عن الجوهر والغاية.. الرجاء التركيز على العناصر الفنية.

تاريخ النشر : 2016-09-10

guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى