أدب الرعب والعام

رحلة حياة

بقلم : شيطانة منتصف الليل – كوكب الظلام

رحلة حياة
قررت ان اذهب و ان اعمل و اتعلم

بعد مرور كل هذه السنوات .. بين فينة و أُخرى اعود الى ذكريات الماضي.. اعود الى ايام الفقر..الالم ..المعاناة و الظروف القاسية.. لكنني ابتسم عندما اتذكر انني تعلمت ان اصمد بوجه الصعاب.. ان أظل شامخة كالجبال لا تهزمني عقبات و لا توقفني عواصف الحياة .. هكذا علمت نفسي .. بعد كل هذه السنوات من الحرمان حصلت على كل شيء الآن.. استمريت في رحلتي الشاقة منذ طفولتي و الآن وصلت الى محطتي الاخيرة عند هذه النقطة.. هكذا هي الحياة .. تذيقنا المر  ثم تغدقنا بالحلو .. أصبحت متأكدة أنه كلما زاد طعم المر الذي نتذوقه ؛سوف نغدق بالحلو اضعافه !!

 **

كنت طفله صغيرة لأسرة فقيرة, لدي ثلاث شقيقات اكبر مني سناً, أبي قاسياً جداً و مدمناً للخمور , أمي تعمل في حقل و كل ما تأخذه من أموال تعطيه لأبي .. ما كنت أراه أن أبي سكير و حقير ولا يستحق ان يحبه احد لكن أمي مغرمة به و تعشقه كثيراً مع انه يشتمها و يضربها لكن مع ذلك تحبه حباً جماً !!

على الرغم من اني كنت طفلة الا انني واعية جداً لما حولي.. اخواتي الثلاثة يعملن مع أمي في الحقل و انا اجلس تحت الشجرة اسرح بخيالي الى مكان بعيد جداً.. اتخيل عالم آخر بعيد عن هنا كلياً .. تمنيت لو انني متعلمة .. لكنني جاهلة لا اعرف الكتابة ولا القراءة فقد كنت أمية , حالي كحال شقيقاتي ووالدتي , لم يفكر أبي بتعليمنا فقد كانت الأموال هو كل ما يشغل عقله .. كل ما يهمه ان يحصل على الأموال لكي يشتري الخمور ,هذا كل ما يريده ..يخرج من الصباح و يعود في المساء و هو سكير و رائحته نتنة ليصب جام غضبه علينا .. و فوق وضعنا الصعب كان يقامر !!

كان يقامر بالأموال التي تكسبها أمي وشقيقاتي من عرق جبينهن ، تباً يا له من إنسان ظالم  ,كلما خسر يأتي ليضرب أمي و اخوتي..  لم تكن بيدي حيلة لفعل شيء ..

أما شقيقاتي فهن حقاً جاهلات.. تأكدت من ذلك بعد ان جلست للحديث معهن فقد كنّا دائماً ما نجتمع ليلاً بغرفتنا الصغيرة لنتكلم.. كن فقط يفكرن بالزواج والثراء الفاحش ..

– آه كم أتمنى أن يأتي الآن شاب وسيم ,طويل ,أشقر الشعر و لديه أموال كثيرة !!

– اسكتي يا اوفيليا انا سأتزوج اولاً بما انني الكبيرة بينكن ,و لاحقًا سأجد لكل واحدة عريس ..

– فلوران ..و من قال انني سأنتظرك ؟! حتى لو وجدت شاباً سأهرب معه من دون زواج .. المهم ان أخلص من أبي الجشع ..

– فلوران و اوفيليا اسكتا ..اعتقد انني سأهرب اولاً ثم اجد زوجاً لي ..هكذا أفضل

– فاليريا ما خطبك ؟ ألا تفكرين بشقيقاتك المسكينات  ؟؟ أنت شريرة..

(مللتُ منهن حقاً,  مللت من سيرة الزواج و الثراء الفاحش.. بالرغم من اننا نحن الاربعة جميلات بشكل لا يوصف .. لكن ليس للجمال فائدة فهو لم يغير من وضعنا ابداً)

– لماذا لا نتعلم و نكون ثروة خاصه بنا ؟؟

التفتن الي باستغراب ..

– ههههههه ماذا قلت ؟!! تعليم.. عن اي تعليم تتحدثين ؟! التعليم ليس له أهمية هنا في هذه القرية, البنات لا يفكرن سوى بالزواج من النبلاء الوسماء الذين يأتون بين فينة و اخرى.. واحد كافي ليجعلنا نعيش في ثراء فاحش لا ينتهي ..

– كما تردن.. انا سوف اتعلَّم و أصير كاتبه ايضاً, سأصبح ثريه و آتي إليكن يوماً ما ..

ظللن اخواتي يضحكن علي لكنني لم اهتم, كانت أمي هي من تشجعني, دائما ما تقول لي : لو الامر بيدي لجعلتك تتعلمين وتصبحين أفضل كاتبه في إنجلترا كلها ..  كانت أمي مصدر تشجيع كبير لي..

 

مرت الأيام و الأشهر .. أتى عريس لأختي الكبيرة ..

جاءت فلوران سعيدة فقد سمعت ابواي يتحدثان عن الموضوع وذكرا اسمها ..

– اخواتي افرحن لي سوف اتزوج من تاجر لوحات غني جداً, ابي كان يتحدث عن الموضوع سوف يأتي الشاب لخطبتي قريباً.. انا سعيدة ..

 

في تلك الاثناء ..بينما اخواتي حولها يسألنها عن تفاصيل – لم أكن انا فرحة لأختي , لم أكن اشعر بالاطمئنان حول عريسها المزعوم,  قلبي كان يقول لي سوف يعاملها اسوء من ابي .. و هذا ما حصل !!

بعد أسبوع ..

أتى رجل يبدو انه بعقده الأربعين, فاحش الثراء لكنه قبيح الشكل, عندما رأته اختي صدمت و ذهبت باكية للغرفة لكنها تزوجته رغماً عنها لأنه اتفق مع أبي على ان يعطيه أموال ..

مرت الأشهر و أنجبت اختي طفل.. كان جسدها مغطى بالكدمات ووجهها ايضاً ..كانت تقول ان زوجها زير نساء و يضربها باستمرار و يؤذيها ..ابي لم يكن يهتم فبفضل زوج اختي نحن انتقلنا الى بيت كبير , كما انه كان يعطي لأبي مصروف شهري مقابل أن يأتي له بجميلات ..

 **

 كبرتُ و أصبحت بعمر الخامسة عشر , كانت اختي كعادتها عندنا تشكو لنا من زوجها و انا استمع بهدوء الى ان قررت قرار فجمعت اخواتي الثلاثة و امي :

– انا قررت ان اذهب للمدينة و ان اعمل واتعلم , انا متأكدة اني سأستطيع تغيير حالنا ,فقط اصبروا علي كل ما أريده هو بعض الأموال لكي اصرف على نفسي ..

– نحن معك اختي.. يبدو ان لنا نفس نصيب امنا ,ما دام هناك واحدة منا تستطيع تغيير حالنا او تصبح أفضلنا على الأقل أفضل من لا شيء ..

أخذتُ أموال من اختي ورحلت ليلاً بعد توديعهن ؛ فأبي لم يكن يسمح لنا بالخروج الا للحقل ثم العودة الى البيت ..

من هنا بدأت معاناتي الحقيقية ..

 

وصلتُ الى المدينة .. حملت حقائبي و اخذت أدور في الشوارع..  اين اذهب ؟ من اين سوف اشتري بيت لي ؟؟

عندها رأيت جريدة ملقاه على الارض و بها خبر ان احدهم لديه بيت صغير و يريد بيعه ..اتصلت به من الهاتف العمومي و أعطيته ما يكفي من الأموال و اشتريت المنزل .. كان يقع في حي بسيط و به اثاث قديم ..

اعتمدت على نفسي في إعداد الطعام و التنظيف.. بعدها استقرت أموري لكي أسجل في المدرسة..

سمعت عن مدرسة تدعى مدرسه كاسبرد للتعليم, يبدو أنها راقية و محترمة .. كانت تديرها راهبه فذهبت اليها و تكلمت مع المدير و حكيت لهم عن وضعي الخاص فتكفلت بي الراهبة ..

بدأت بالدراسة.. أصبحت ملتزمة و بدأت اتعلَّم .. عانيت من الوحدة ايضاً فقد كنت اتعرض للسخرية بسبب ملابسي المهترئة و حقيبتي البالية لكني أصررت على التعلم ,كنت مجتهدة جداً..كان هناك رهبان و منهم شاب .. ديرفي

كان شاب وسيم جداً و ملتزم, احياناً كان يأخذنا حصص لتعليمنا عن ديننا اكثر و كان يحكي لنا حكايات جميلة جداً من العصر الفيكتوري والفلكلور الشعبي, كان يحن علي بسبب ظروفي..  تطورت العلاقة بيننا الى حب.. حب عذري و بريء ..لكنه لم يدم طويلاً لأنه كان فقط يهتم بي .. يعطيني الحب و الاهتمام الذي لم اجده بأبي لكن هيهات فلا جميل يدوم ..

كانت المدرسة مختلطة و لكن اغلب الشبان سيئين لذا ابتعدت عنهم جميعاً و لم أتقرب الى احد سوى ديرفي .. ذات مرة كنت أتمشى ليلاً في ممر المهجع لينقض علي شاب و يخطفني ,كنت اصرخ ,مزق ملابسي و انا بيت اصرخ طالبة النجدة , لطمني بقوة و استمر محاولاً التعدي علي لكن أتى ديرفي ركضاً وحماني منه ثم أخذني ليداويني في غرفته ..عندها دخلت علينا الراهبة مع المدير و بعدها تقرر فصلي .. حاولت التبرير لكن لم يفد الامر ابداً.. طردت و لم يسمح لي بالبقاء..  كانت سنتي الاخيرة فقد كنت سأنتقل لمرحلة اخرى لكن حلمي لم يكتمل..

عدت الى بيتي .. بدأت الأموال التي لدي تنقص ,لم يتبقَ لي سوى القليل لذلك رحت أتجول بالمدينة بحثاً عن عمل ..

عملت كخادمة في البيوت عند اشخاص من الطبقة الراقية .. على الرغم من الأجر الذي اتقاضاه لكنه كان قليل .. بقيت انتقل من بيت الى بيت و انا اكبر و اكبر بالعمر ..أضعت سنين كان يمكن ان اصبح متعلمة بها الآن , قد اكون انا من هؤلاء الأغنياء لو سنحت لي الفرصة..

عملت لدى السيد تولين كانت زوجته قاسية جداً معي,  بلغت وقتها عامي العشرين , كانت تسبني وتضربني على عكس زوجها الذي كان متسامحاً معي .. كنت بيني و بين نفسي أؤلف قصص و اسرح بعالمي الخاص الى ان بدأت اكتب .. استفدت من مرحلة تعليمي القصيرة جداً و بقيت اكتب الحروف التي تعلمتها ..

في يوم ما ذهبت الى المطبخ لأبدأ التنظيف لأتفاجأ بالخادمات و قد أخذن دفتري الذي اكتب به قصصي و بقين يسخرن و يتكلمن بصوتٍ عال.. تشاجرت معهن و انا ابكي و اصرخ حتى جاءت السيدة راجيتا زوجه السيد تولين ..

– ما الذي يحدث هنا ؟ ما كل هذه الجلبة ؟

أسقطت الخادمة الأوراق لتلقطها السيدة راجيتا ..

– انها لي (قلتها بكل خجل وانكسار)

– ماذا ؟؟ ومنذ متى وانت تكتبين و تقرئين ؟

– بعمر الخامسة عشر سيدتي تعلمت الحروف و قليل من الكلمات و بدأت اكتب ..

عندها اقتربت مني وصفعتني بقوة على وجهي وامام جميع الخدم ..

– انت هنا لخدمتي و ليس لتكتبي هراء أو تتعلمي, اذا أردت التعلم اذهبي للمدرسة ..

 

شعرت بالانكسار جداً وقتها .. مضى يوم كامل ..

في اليوم التالي عندما كنت اكتب بدفتري جاءت الي الخادمة تطلب مني تنظيف غرفة السيد تولين..

أخذتُ دفتري و وضعته على الطاولة و استغرقت بالتنظيف لأسمع صوت السيد تولين خلفي  :

– خط يدك جميل !

– آه سيد تولين لم ارك ..

– هل انت من كتب كل هذا ؟؟

– نعم انا ..لماذا ؟

– انت مبدعة يلزمك القليل من التعليم عندها سوف تتمكنين من طرح افكارك الرائعة بشكل أوضح..

– ومن سيعلمني يا سيدي .. قلتها وانا انظر بحزن للأرض كنت قد تخليت عن إملي ان اصبح كاتبه معروفة يوماً ما ..لكن صوته و رده أعاد لي الأمل !!

– انا سوف اعلمك مقابل خدمتك هنا ..

 

مرت الايام و تعلمتُ الكثير من السيد تولين, عرفت انه كان كاتباً ايام شبابه لكنه اعتزل بسبب الشلل الذي اصاب يده اليمنى, تطورت افكاري وتطور أسلوبي جداً بالكتابة ,كان كالأب لي وهذا ما لم تفهمه زوجته كانت تتعمد معاملتي بكل إساءة وإهانتي امام ضيوفها لكن كان السيد تولين يحميني منها الى ان توفاه الله … لقد مات في حادث سيارة ..

 بعد ان تمت مراسم دفنه وعبر يوم العزاء .. طردتني زوجته !!

 

عدت للشوارع مرة اخرى الى ان وصلت الى مطعم.. عندها ساعدتني صاحبته و أصبحنا صديقتين.. كنّا بنفس العمر و بسببها أصبحت كاتبه, اخوها كان يعمل بدار للنشر فأخذ اول رواية لي ونشرها .. نالت الإعجاب الشديد .. خلال فترة قصيرة جداً انهالت علي أموال كثيرة .. بقيت مع نورما – صاحبة المطعم- وعشنا ثلاثتنا في بيت كبير ..

كانت تعلمني الكثير والكثير حتى تطور أسلوبي بعد ان كنت أمية جاهلة, اصبحت الآن آنسة راقية .. اصبحت البس ملابس و مجوهرات كنساء الأغنياء ..و صدح اسم رافاييلا الكاتبة المبدعة .. يا ليت الأمر توقف هنا و أكملت عيشتي الرغيدة !!

 

نورما..  اختي, صديقتي, بعد ان كانت تحبّني الا انها اصبحت تختلق المشاكل معي و تكرهني من دون سبب يذكر, لم اخطئ بشيء سوى اني اعتمدت على نفسي وكونت نفسي من العدم.

خرجتُ من البيت وأخذت لي بيتاً في حي راقي و ابتعدت عنها , تقدمت الى ادوار نشر كثيرة و تقدم لي مخرجين من كل حدب و صوب وهكذا اصبحت معروفة ..لكنني قررت العودة لأصلي, لقريتي الفقيرة فقد بلغت الخامسة والعشرين وطوال هذه السنوات كنت منقطعة عن عائلتي ..

عدت .. ذهبت الى الحقل لأرى انه تم بيعه , ذهبت لبيتنا وجدته مهجور, مشيت و بقيت أسأل الى ان وجدت عنوان عائلتي او بالأحرى ما تبقى منها.. وجدت فقط أمي وأختي أوفيليا ..عندما رأتني أمي ارتمت علي و هي تبكي وكذلك اختي.. عرفت لاحقاً ان أبي قد قُتل بسبب ديونه المتراكمة من لعبه للقمار,  اختي فلوران قتلها زوجها خنقاً بعد ان تشاجر معها , وأختي فاليريا تعرفت على شاب وهربت معه..

أخذتُ أمي وأختي معي لنعيش في بيتي الراقي .. بعدها تعرفت على سميث وهو الذي عرفت لاحقاً انه ثعلب مكار يتنكر كغزال وديع ..للأسف اكتشفت ذلك بعد فوات الاوان !!

تعرفت عليه فهو يملك دور نشر, عرض علي التعاقد معه ,قبلت و منها بدأت علاقتنا .. كنّا نخرج يومياً ونتعشى معاً,  شاركته كل شيء ,في حزني و فرحي و الموالي , كان مثالي جداً بالنسبة لي, اصبح خطيبي و تشاركنا نجاحاتنا معاً خصوصاً بعد ان اخرجت قصه لي .. لاحقاً بدأ يتصرف بغرابة ,اصبحت كلما ارجع الى البيت أراه هناك, كنت الاحظ علاقته القوية بشقيقتي , لم أظن يوماً انه كان يخونني معها بل توقعت انه يعتبرها بمقام اخته الى ان رجعت يوماً ما لأجدها في احضانه..

اختي من لحمي و دمي تخونني مع خطيبي و حبيبي !!! يا لهذا العار.. فسخت خطوبتي منه و قطعت علاقتي بأختي لأكتشف لاحقاً انه زير نساء ..بقيت أراقبه من شده حبي له واكتشفت كم هو إنسان جشع و حقير لم يخني فقط مع اختي بل خانني مع نساء كثيرات الى ان عدت يوماً لأرى والدتي وهي تبكي و لأعرف ان اختي هربت مع سميث !!!!

يا لهذه الصدمة .. ساءت حالتي كثيراً.. توقفت عن الكتابة لمدة تجاوزت السنة قررت بعدها تجاوز الامر , ذهبت الى احدى الحفلات الخيرية بصفتي كاتبة و اعلنت اني سأبدأ بكتابة رواية لأجد سميث و أختي هناك ماسكاً يدها ..أختي كانت حامل !! .. لم أتحمل ذلك المنظر لم اشعر الا و قد هجمت عليها ,بقيت اضربها الى ان أمسكت كرسياً وضربتها على بطنها .. نقلت الى المستشفى لأعرف لاحقاً انها أجهضت!! لم يستطع الحاضرون منعي من إيذائها.. تغيرتُ كثيراً ,اصبحت مدمنة خمور و آخذ ادوية كآبة, تركت الكتابة لفترة طويلة و خسرت أموالي,  لكني قررت ان الاحق نفسي..

تركت شرب الخمر و غادرت الى الريف.. حاول سميث ان يشوه سمعتي كثيراً في تلك الفترة, لكنني حافظت عليها لسنوات و أصبحت كاتبة كما أردت..

عشت حياتي و أكملتها و ها انا الآن في عقدي الخمسين .. كلما اتذكر الماضي ابتسم , تعرضت للذل والاهانة لكني صبرت وتحملت , تعرضت للخيانة من اقرب الناس لي  ووقفت صامدة و حافظت على سمعتي .. بعد ان ذقت المر .. أعيش في رغد الآن .. أصررت على التعلم و هذا ما حدث .. تعلمت و أصررت وعزمت على امري لأصبح كاتبة كما أردت يوماً ان أكون ..

تمت ..

تاريخ النشر : 2016-09-10

guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى