أدب الرعب والعام

أشباح الماضي 2 الجزء الأخير

بقلم : بائع النرجس – جمهورية مصر العربية

أشباح الماضي 2 الجزء الأخير
وبهذا تكون أشباح الماضي قد أعلنت كلمتها الأخيرة .

من الجيد أن نسامح في حقنا وأن نكون متسامحين , لكن من الغباء أن نكون مسامحين في حق لنا يغير مسار حياتنا إلى الأبد , وهناك بشر لا يعرفون للتسامح طريق , ويتملكهم وحش الإنتقام طوال الوقت .

حان الوقت لمغادرة الواقع والذهاب إلى الخيال والمتعة ,
اربطوا الأحزمة , أغلقوا الأبواب والنوافذ , أطفئوا الأنوار
وليصمت كل شىء , فهناك شىء واحد سيتحدث
إنه الرعب .
(كلمة من الكاتب)

* * *

وعندما استدار (عصام ) لينظر إلى وجه شقيقته , شق الذهول وجهه , وسقط فكه السفلي من هول ما رأى ؛ فقد كان منظرها بشع لأقصى درجة , فقد اختفت عيناها وبدلاً منهما كان يوجد سواد فقط , واتسع فمها على نحو بشع , وكأن شخص ما قد فتحه بسكين حتى وصل إلى أذنيها , وقد تحول لونها إلى الرمادي الكئيب , وتراجع هو للخلف وتقدمت هى نحوه , وصرخ صرخة رهيبة , وهنا هجمت هى عليه بسرعة خاطفة , وساد الظلام المشهد فجأة .

* * *

– عصااااام ..
الصوت يتردد ويتسلل إليه وكأنه يأتي من بعيد , يحاول أن يركز و يجمع شتاته, وعندما فتح عيناه فى صعوبة  ظهرت الصورة أمامه غير واضحة بعض الشيء , وشيئاً فشيئاً يتضح كل شيء أمامه , وينهض مفزوعاً ويسأل :
– أين أنا ؟

ترد شقيقته وهى تبتسم :
– أنت في فراشك يا أخي , وهذه( منى) خطيبتك .

يقف منتصباً ويصرخ قائلاً :
– ولكني—- وأنت كنت—

تقول خطيبته وهى تبتسم في عذوبه :
– (عصام) يبدو يا حبيبي أنك أجهدت نفسك في العمل , ففقدت الوعي وأنت فى مدخل المنزل , واتصلت بي شقيقتك , والحمد لله قال لنا الطبيب أنك تحتاج لتغيير جو .

حاول (عصام) أن يشرح ما مر به , ولكن خطيبته كانت مصرة  أنه مجرد إجهاد بسبب العمل , ومن باب تغيير الجو ستمر عليه غداً حتى يذهبا إلى حفل زفاف أحد أقاربها , تركه الجميع ولم يزر النوم جفونه , بل ظل يتذكر كل شىء ويعيد الأحداث في خياله مراراً وتكراراً , ليس هذا حلم أبداً!! .. هكذا أخذ يحدث نفسه حتى الصباح .

جاء الليل .. وحضرت (منى) بسيارتها , ارتدى عصام حلته وكان يحاول أن يخفي توتره ويسيطر على أعصابه , وأثناء نزوله الدرج لاحظ شيء ما , جعل قلبه يدق بعنف , ما هذا ظله لا يتبعه وكأنه ظل شخص آخر!!! .. تردد في خطواته وارتفع الدم إلى رأسه وأخذ يفكر , وفجأة سمع نفير سيارة خطيبته , لملم  تلابيب نفسه , وحاول أن لا يضخم الأمر, وعندما أخذ يهبط الدرج ويتابع طريقه , لفت نظره شيء غريب , ما هذا ؟!!

إنه قط يمشي بجانبه !! قط أسود شكله مخيف , وعيناه تلمع بشكل يلقي في النفس الرعب لم يترك لنفسه العنان للتفكير وهبط الدرج بسرعة رهيبة  وركب السيارة , رحبت به صاحبته وتحركت بالسيارة , وأخذت تتحدث معه في أمور كثيرة , وأخذ هو ينظر إلى الشوارع في صمت , وفجأة تراجع للخلف فى فزع!!!لاحظت صاحبته ما حدث فهتفت :
– ماذا هناك ؟!
– لا شيء .

لم يستطع صاحبنا أن يخبرها بما رأى , لقد رأى شبح العجوز في الزجاج الخاص بالسيارة , وهي تخبره أنه سيموت , ولكنه فضل الصمت حتي وصل إلي الحفلة و تركها تتكلم مع أقاربها , وخرج ليشعل سيجارة .
 

 وفجأة سمع صوت قط يموء في مكان ما , سقطت السيجارة من فمه وأخذ الصوت يتردد , وهو ينظر بطرف عينيه , وتراجع  فجأة للخلف مفزوعاً , إنه نفس القط وقد أخذ ينظر إليه في صمت وتحدي وكأنه قط غير عادي !!! مرت بضعة دقائق كالدهر, ثم تحرك صاحبنا بسرعة تاركاً كل شيء خلفه وغادر المكان بسرعة , صرخت عليه صاحبته ولكنه هرول وكأنه لا يسمعها , حاولت اللحاق به ولكنه كان قد تلاشى في الشوارع .

حاولت أن تتصل به , ولكنه لا يجيب فقد أخذ يسير ويسير بدون هدى , وأثناء ذلك سمع صوت القط إنه يسير قبالته على الرصيف الآخر , كاد الجنون أن يصيبه!! إنه في كل مكان حوله؟! زاغت عيناه وسارع أكثر فى خطاه , لم يتوقف حتى وصل لبيته , دخل غرفته وصوت القط يتردد فى أذنيه بلا توقف , مرت الأيام وبدأ يعتاد على الأمر وهزلت صحته وضعف جسده , حتى عمله لا يستطيع أن ينتظم فيه , ولم يستطيع أن يبوح لأحد بالأمر, وفجأة اختفى القط ليومان , لم يصدق أن الأمر قد انتهى وبات مقبلاً على الحياة , وحاول أن يصلح أمور حياته , وفي اليوم الثالث وأثناء جلوسه مع أحد العلماء , انقطع التيارالكهربائى فجأة ثم عاد من جديد , ولكن العميل الذي يجلس أمامه كانت ملامحه قد تغيرت على نحو مخيف!!! فقد اتسعت عيناه , وتحولت إلى اللون الأبيض , وأخذ يقول بصوت مخيف بعدما قفز إلى سطح المكتب وأمسك برقبة (عصام):
– لا تظن أن الأمر قد توقف , فقد بدأ الآن والموت قااااااادم .
 

شعر صاحبنا بالفزع , وحاول أن يصرخ , لكن صوته لم يخرج من فمه , وانقطع التيار ثم عاد , وهنا عاد العميل لطبيعته العادية ووجد نفسه على المكتب وهو مذهول!! فنهض (عصام) وترك المكتب بسرعة وعاد لمنزله , وفي المنزل وداخل غرفته , أخذ يفكر ويحاول أن يسيطر على نفسه , ولكنه فشل بعدما رأى هذا الشبح الذي يقبع فى أحد أركان الغرفة في صمت مخيف , هجر مكتبه مع مرور الأيام , حاولت شقيقته إحضار الأطباء له , لكن جميعهم فشلوا في تشخيص حالته , بقى صامتاً مع مرور الوقت , وأصبح ضعيفاً جداً و مريضاً , تحول هذا الشبح إلى هيكل عظمي يتبعه أينما ذهب , وفي يوم طلب الكلام مع خطيبته , وهنا باح لها بالأمر , وإنه لم يستطيع أن يخبر أحداً خوفاً من أن يصفوه بالجنون , حاولت خطيبته أن تساعده , وأخبرت أباها الذي أحضر شخصاً يعمل وسيطاً مع  الأشباح والأرواح , وجلس الجميع  علي شكل دائرة واحدة , وأخذ هذا الشخص يتمتم بكلمات غريبة , وبعدها حضرت الروح في الوسيط وقال بصوتها بعدما تغير شكله بصوت مخيف :

– لن أتركه مهما حدث!! لقد أخطأ هذا الإنسان في حقي , وسأقتص منه مهما حدث .
صرخ الرجل , وحاول أن يخبر الروح أنها ستخرج , وهنا صرخ (عصام):
– لالالالالالالالالا ..

وهنا ارتفع جسده إلى أعلى , وساد الهرج بعدما وجدوا جسده يطوف في فراغ الحجرة ويضرب بالسقف والحائط حتى سالت دمائه , وكأن هناك قوة خفية تفعل به ذلك!!حاولوا أن يتمسكوا به ؛ لكن هذه القوة الخفية أكبر منهم , وطار الأثاث فى الهواء , وتحطم كل شىء فى الغرفة , التيار الكهربائى يعود وينقطع , وهناك أشخاص يدقون على الحوائط , زجاج النوافذ يهتز بعنف وحتى الأبواب , الجميع يصرخ .

 
وتوقف كل شيء وظل جسد (عصام) معلق في سماء الحجرة , وأنظار الكل معلقة به في صمت مخيف والدماء الساخنة تتساقط , حاولت شقيقته أن تقترب منه , وقبل أن تلمسه سقط على الأرض .
اقترب منه الجميع , وهنا قال أحدهم في حزن رهيب :
– لقد ماااااااااات !!
وبهذا تكون أشباح الماضي قد أعلنت كلمتها الأخيرة .

تاريخ النشر : 2016-12-08

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى