تجارب ومواقف غريبة

الرجل الغريب في حجرتي

بقلم : شيطان تائب – مصر

الرجل الغريب في حجرتي
أخرج من أحد أدراج المكتب كتاب بغلاف جلدي مهترئ..

 

قد يمر الإنسان و أي إنسان مهما كانت عقيدته الدينية  والفكرية بأمور ليس لها تفسير ، والحق أنني مررت بأحداث متتابعة لا يوجد لها تفسير علمي أو منطقي مقنع , والأكثر حيرة أنني لم أمر بها وحدي ..

أنا شاب مصري في باكورة عقدي الثاني ، أدرس الصيدلة و أمارس الكتابة كهواية بجانب دراستي , شاب عادي مثل كل الشباب لم أمر بأزمة نفسية قط , كل ما في الأمر أني مريض بمرض عضال يسمى “الفضول”.. ذلك السفاح الذي يسفك بكل من يريد معرفة الكثير من الأشياء ، لم أخبركم ، فأنا من متابعي موقعكم المميز جداً منذ كنت في الصف الأول الثانوي ، و استحوذ الرعب على أفكاري و طبيعتي , فكنت يومياً عندما يأتي المساء أخبر من كان يجلس معي قصة كذا و كذا من الروايات المرعبة عن السفاحين و الجن و الشياطين وغيرها ، وشاركني في اهتماماتي اثنين من الأصدقاء المقربين جداً ،

 في بادئ الأمر استهوانا التفسير العلمي لكل ما نقرأه أو نسمعه أو نشاهده من مواد فلمية أو سمعية أو كتابية تتناول أمور ما وراء الطبيعة ، و نفترض النظريات و نشكك في كل شئ حتى وصلنا لطريق مسدود . لاحظ الأهل بعض التغيرات علينا كعدم انتظامنا في أداء الصلاة بل انعدامها في حياتنا ، و الأنعزالية و القراءة الدؤوبة و شراء المراجع الدينية , قد يخال البعض أننا متناقضين ، نعم.. فقد تناولنا الدين من ذلك الجانب الماورائي فقط ، و لم نؤدي واجباتنا الدينية علي أكمل وجه . 

في ليلة 11 من نوفمبر عام 2013 ، و أنا أذكر ذلك التاريخ كأنه اليوم ، زمجر هاتفي المحمول بنغمته المرعبة ، ليعلمني صديقي بأنني لابد أن أذهب إلى منزله حالاً لأمر شديد الأهمية يستحيل أن يخبرني ماهيته في الهاتف . امتطيت دراجتي و ذهبت مسرعاً إلى بيته لأجد دراجة صديقي الأخر في مدخل المنزل ، طرقت الباب ففتح و جذبني من ياقتي لأدخل لغرفته، بعدما ألقيت التحية على أهله ، أغلق الحجرة و قال أنه سيقدم إلينا مفاجأة ، وقد كان.. أخرج من أحد أدراج المكتب كتاب بغلاف جلدي مهترئ، علمت ماهو بمجرد نظرتي إليه  و أبديت قلقي و توتري، و صرخت :”لا تفتحه أبداً”   .. علمت في فترة سابقة أن أصحاب كتب السحر و تحضير الجن تنتهي حياتهم نهاية سيئة دوماً ،  لم يجدا من إصراري و صوتي الجهوري بداً سوى تنفيذ أمري و اعطائه لي حتى أثق بأن أحداً لن يفتحه ، لم اسأله من أين أحضره و من أعطاه إليه ، لكن منذ امتلكت الكتاب و سعيت أن أدمره و أتلفه دون أن أفتح صفحاته لشيء لا أعلمه. 

في الليل أصطحبت أحدهما و سارعنا لبرميل قديم في مكان موحش على أطراف قريتنا و أشعلنا الحطب بداخله و استعرت النيران و ألقينا الكتاب به ، و انتظرنا حتى يحترق و تتلوى صفحاته و تنكمش فلا نجد شيئاً ، تشتعل النيران حوله و لا يمسه شيء حتى أنه لا يسود غلافه من أثر السخام الناتج عن النيران!! , تركناه و أسرعنا إلى منازلنا دون أن نتحدث بكلمةً واحدة ، ليوقظني رنين الهاتف في اليوم التالي , و يخبرني صديقي بأن الكتاب بطريقة ما رجع إلى درج مكتبه!!  قالها لي بتلعثم وخوف ظاهر في حديثه ، في الواقع أنا خائف..  خائف جداً .

البيت اليوم هادئ ، فالعائلة ذهبت إلى الخالة المريضة , و كعادتهم تركوني حتى أنام و أذهب إليهم حينما أصحو , اتصلت بهم الأثنين و طلبت منهم المجيئ إلى منزلي ومعهم الكتاب ، جاؤوا و الخوف يطل من وجوههم.. فقلت”أعطني الكتاب ” فأخذته و هممت لأفتحه . فإذا بمن كانوا يسعون حثيثاً لفتحه  يترجوني لكي لا أفتحه!.. أخبرني صديقي بأن الكتاب ظهر فجأة , ففي اليوم الملعون وجده في مكب القمامة القريب من البلدة , كأن القدر ألقاه في طريقه ، و قد علم من الوهلةً الأولى انه أحد كتب السحر و الشعوذة ، و أقسم أن يشاركنا اللحظة في معرفة محتواه، فتحته على حين غرة و غطي كليهما وجهه بيديه ، لكن العجيب أننا لم نجد شيئاً!!  صفحات جلدية صفراء خاوية ، صمتنا لفترة نحدق في بعضنا البعض تارةً و في الكتاب المفتوح امامنا تارةً أخرى , 

” نلقيه في النيل هذا هو الحل ” ربطناه بصخرة و في قاع النيل إستقر ، لنعود أدراجنا.. و ما فتئت أن أفتح درج مكتبي حتى أجده مستقر اً جافاً كما احضرته لأول مرة إلى منزلي!!.. اتصلت بصديقي لأخبره ،  ليعلمني أننا في ورطة كبيرة , و أيقنت ذلك.. تركت الكتاب كما هو و جسدي يرتعش رعباً  و خوفاً , و مرت الأيام عادية و هدوء مرعب… ومرت سنة نسيت فيها حتى الكتاب، لا أقترب منه حتماً , لكن الحياة طبيعية جداً، في يوم جاءت والدتي إلى حجرتي و أنا اذاكر و طلبتني في موضوع على  انفراد , ارتعبت حينها , ليس لشئ سوى أنني في المدرسة افتعلت مشكلة مع أحد المعلمين و خفت أن تكون على علم بها، لكن الأمر هنا لم يكن بهذا السوء , أخبرتني بأنني لابد أن أصلي و إلا ستخبر أبي أن يقطع عني المصروف ، و كانت جادة في حديثها معي و هذا واضح من ملامحها، تركتها و توضأت و صليت المغرب و العشاء، و ناولتني الكاسيت و طلبت أن أضعه بجانبي على المكتب، و قامت بتشغيل القرآن الكريم , استغربت من الأمر و تعجبت كثيراً , حسناً إنها موضة التدين هذه الأيام. . 

مر أسبوع واحد و شعرت بأن أختي الصغيرة تتحاشاني و تتحاشى الدخول إلى  غرفتي!! و حينما دخلت رأيت ملامحها كمن خطفه اللصوص من أجل فدية مالية . في اليوم التالي لهذا الموقف ، دخلت المنزل بعد إنتهاء الدوام لأجد الشيخ فلان ، وهو صديق العائلة و الموثوق بكلامه من قبل عائلتي جداً , فهم يقولون أنه معالج بالقرآن و هكذا، لكني أكره اليوم الذي يأتي فيه إلى  المنزل  لسبب لا أعلمه ، حييت الحضور في الصالة  و دخلت لأذاكر ، و لم ألق إهتماماً يذكر حتى رن جرس البيت لأجد أصدقائي الإثنين يدخلون الصالة في إستعجاب ، أنا لا أدري ماذا يجري الآن ، قفزت من مجلسي حينما سمعت صوتهم خارج حجرتي ،  أخبرني والدي بأنه كان سيناديني منذ لحظة لكني سبقته بالخروج ، طلب مني الشيخ الجلوس بجانبه ، و على جهته الأخرى من جسده صديقاي،  كانت الثلاث أسر موجودين في الصالة ، يجلسون على شكل حلقة رأسها نحن الأربعة ، أناو الشيخ و صديقاي . أخبرنا أن نغلق جمعياً أعيننا فأغلقناها ، و أن نردد خلفه فرددنا، و أن نقرأ القرآن خلفه فقرأنا ، لم أشعر بشيء , و لم يشعر أحد بشئ لكن استقبلتنا أختي بصرخة مدوية!!  و تقسم بأن أحداً ما كان واقفاً منذ لحظات في حجرتي! 

 اسرعت ظاناً أنه لص أو ما شابه ذلك لكن لم أجد شيء!! ، و استمرت بالصراخ ، و التف الجميع حولها ، وبالفعل رآه الحاضرون جميعاً عداي و أصدقائي و أسرعوا إلى الحجرة و اختفى حسبما قالوا بمجرد اقترابهم من الحجرة ، لكني لم أرى شيئاً!!  أقسم أنني لم أرى أي شخص و صديقاي كذلك لم يروا شيئاً ، أيشاهد الكل رجلاً يظهر و يختفي خلفي و نحن لا نراه!؟ أمسك الشيخ بي في الصالة أمام الجميع و ظل يقرأ القرآن في أذني و أنا مستسلماً له لا أشعر بشيء غير طبيعي سوى ماء فمه الذي يقطر به في أذني ، لم أفهم شيئاً!! و أخبر الجميع أنني غير ممسوس بل انني سليم من كل شيء , فأخبرته امي أنها شاهدته يجلس في حجرتي ليلاً و أختي شاهدته ، و أبي كذلك ، و توافقت رواية أمي و أبي و اختي مع روايات ابوي أصدقائي ، فقد حصل الأمر كذلك في حجرة أبنائهم .

صمت الشيخ برهة ثم أمر الأهل أن تخرج من الغرفة  وطلب أن يكون وحده بداخلها ، ظل يقرأ القرآن و فجأةً  أنغلق الباب عليه بالداخل!!  و سمعنا صراخاً شديداً ثم سكت كل شيء ، بعد نصف ساعة من الصراخ و صوت تحريك الأثاث من حجرتي ليفتح الباب رويداً رويداً , و يخرج الشيخ مبتلاً بعرقه , الحق انني لا أعلم ماذا حل به، لكنه خرج و معه الكتاب كيف علم بمكانه ؟ الله أعلم، لكنه أخبرنا نحن الثلاثة ” :حتماً فتحتموه؟ ” فأجبنا “: نعم “.. و من يومها لم تعلم امي و أبي منه شيئاً سوى أنه أخبرهما بوجوب الحرص على تفتيش أغراضي يومياً و ملاحظة كل تصرف غريب يحل بي. 

و من يومها و لاأعلم ما هذا ؟ و ما الذي حصل ؟ و من الشخص الذي رآه كل من بالبيت سواي ؟ , لا أعلم شئ على الرغم من قرآتي الكثيرة و إطلاعي على أمور الجن و غيرها لكن منذ ان أخذ الكتاب هذا الشيخ , لم يظهر في حياتي حتى الآن ..

تاريخ النشر : 2016-12-17

guest
19 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى