أدب الرعب والعام

حكايات جدتي عِطر – الجزء الثاني

بقلم : إيهاب أحمد عابدين – مصر
للتواصل : [email protected]

حكايات جدتي عِطر - الجزء الثاني
جمعت (شمل) النسوة و لم تنطق سوى بعبارة : إن أردت عودة الطرب عليك بتقديم الذهب 

“أنا من تسببت بخرسك يا ولدي ، أنا من تسببت بلعنتك “
ظلت تعلو بصوتها المشجون بالحسرة على كرامة ابنها الضائع و صوته الغائر الحبيس بين أحشاء صدره الصغير ..

لم يفقه الجميع ما تقوله (شَمل) و لم يهتم أحد لكلامها و عويلها ، و امتعضوا حين أشار الشيخ (تاج) لهم بالرحيل ، ثم أغلق باب شرفته في وجه الواقفين من أهالي القرية و النجوع المجاورة ، و بدأت الأقدام في المسير و المنتظرين في الرحيل ، و هم يجرون أذيال الخيبة بين أقدامهم و علت أصواتهم على صوت أقدامهم بالنميمة و الأسرار الغريبة أن ما قد رأوه هو من حيل النساء ، و منهم من قال أنها ليست بكرامة إنها أفعال سحر و شعوذة و ما قد رأيتموه في الستة أيام الماضية من فعل الجن و الشياطين و الأعمال السحرية القديمة ، و إن (شَمل) هي من دبرت الحيلة ..

لم يكترث أهالي القرية لمصدقي و مكذبي الإشاعات ، و لكن طرقت أسماعهم ما يحكى من أهالي القرى و النجوع المجاورة لقريتنا ، و لم تمر سوى أيام قلائل حتى دعت (شَمل) نساء القرية اإلى بيتها حتى تتواسى بهن في حديثها و اختصت على جميع النساء اللاتي كن حاضرات وقت عزاء الشيخ (هلال) ، و أصريت وقتها أن أكون بجانب أمي كما كانت تعزم التأكيد على كل من كان حاضراً وقتها من نساء القرية و أطفالهن في يوم عزاء الشيخ (هلال) ..

و تعجبت جميع النساء من إصرارها على رؤيتهن ، لكنهن لم يتأخرن عن تلبية دعوتها ، و عزمن الرحيل إلى بيت الشيخ (هلال) ..

دخلن و اتكـأت كل منهن على مجلسها ، و جلست أنا بجانب أمي ، دخلت علينا الست (شَمل) محتضنة وليدها (هلال الصغير) بيدها ، يملأ وجها الحزن و تغرق عينيها في الدموع ، و ممكسة بيدها الأخرى سباتة صغيرة (قفص صغير يصنع من الخوص بشكل دائري ) ألقتها في وسط المجلس ، و لم تنطق إلا بجملة واحدة ظلت تكررها مرات عديدة ( إن أردت عودة الطرب عليك بتقديم الذهب )

الفصل الأخير :

في دهشة من الجميع جلست شَمل و أمعنت النظر إلى وليدها الصغير الأبكم الباكي بدموع بلا صوت ثم بدأت في الكلام ..

حين بشرتني الغجرية أن علاجي على يدها ، و أمرتني لأصرف باقي نساء القرية لم أتردد وقتها لحظةً في فعل ما أمرتني به ، فلقد وصل بي الحال إلى المحال ، و قد لهثت لرؤية أي طريق يوصلني إلى مرادي و ألا أحرم من نعيم العمر و زهرة الحياة ، و أن أحقق أمل زوجي و لا أنعت بعدها بالشؤم والسباب بين باقي نسوة القرية ، و أن أتخلص من إحساسي و شعوري بالندم تجاه وفاة الشيخ ( هلال) .

لذلك تعلقت بآخر الآمال ، و صدقت ما كان يُروى لنا عن معجزات و علوم أهالى الصحراء من الغجر و ساكني الأودية و حاملي الأسرار في العلوم و الآثـار ، و اعتبرتها منهم ، و رفعت من مقامها ، و أحسنت ضيافتها ، و كان حديثنا عن مطلبي و علاجاً لغايتي ، و بدأت أنهال عليها بسؤالي كيف علمتي بعلَّتي ، و من أين جئتي لتساعديني ، و ماذا تريدين مني مقابل علاجى ..

لم تهتم كثيراً بالرد على أسئلتي ، و بقيت شاردة النظر إلى لهفتي ، تتحسس كلامها و لا تنطق اإلا قليلاً لتهدئ من روعى ، ثم أردفت قائلةً :

– ابحثي عن النخلة المذبوحة بحديقة هدم البيت الكبير ، و ردي عليها حقها ، و افترشي تحت ما تبقى منها ، و أقيمي بهذه الأرض ليلتان ، و لا ترتحلي منها إلا بعد فجر اليوم الثاني ، و خذي معكِ ما يكفيك من الزاد ، و لا تسألي طلباً من الله حتى تردين حق الله في خلقه ، و لا تسألي عما لا أعلم ، و ستعلمين أنتِ ما لم أعلم ، و لا تخبري زوجك عن رحيلك ، و مع اقتراب مولد السيد السطوحي تمني عليه الزيارة لتلبية الطلب ، و الدعاء عند أطهار الأكرمين حتى لا يمتعض من رحيلك و لا يجزع ، و توكلي على الملبي المجيب للدعاء ..

و سيري باتجاه هدم البيت الكبير في الجانب الشرقي من قريتكم ، و لا تتحدثي إلى أحد ، و ارتحلي في صمت إلى الهدم ، و لا تخبرى أحداً عن رحلتك ، و حين تصلين إلى هناك ستجدين بقايا أطلال البيت الكبير ، تسلقي ما بقي من جدرانه ، و اعتلي أحجاره ، تجدين وادي الحديقة ، ابحثي عن النخلة المذبوحة و لا تجزعي و لا تخافي ، فالنخل أصيل حتى و إن كان مذبوحاً حزيناً ، فهو ظلال العابرين و كريم الجائعين ، يلقي لهم الثمار حين يلقون عليه الأحجار ..

و يكفى للنخيل أن اختاره الله ليسكن شهية أحب خلقه على وجه البسيطة ، نور الله و سراجه المنير ، رحمةَ العالمين سيدنا محمداً الأمين ، و كفّت نعمته و زان نوره حين كان ليناً هزيزاً حين أمسكته مريم البتول ، فلم يقوى عليها بجذعه ، بل هام حنياً لها باللمسة فقط يميناً و يسار ، ليقلي عليها رطباً جنياً حين أمره الله أن يعَجز لسان السيد المسيح بالقول حتى يواسى أمه ، فكان النخيل أرحم عليهم من قفر الرمال ، و لم يكن عليهم قصيا ..

لا تتعجبي من حكمتي و حُسن كلامي عن النخيل ، فلقد جاورته منذ الصغر و إنما أنا من تعلمت من بيداء الصحراء ، فصرت أصفى ذهناً و أرحم سجياً و أعدل قولاً ، و لا تغرنك حكمتي ، بل انتبهي لوصيتي ، أما حديقة البيت الكبير فهي السر ، و لم يطأها أحد إلا و حقق الله مراده ، و لكن الشرط ملزوم برقبتك ، و العهد دين إلى يوم الدين .

نظرت إليها شاردة فيما سمعت منها عن أن العهد دين ، و انتبهت و أجبتها سريعاً :
ـ أنا على العهد و ألزمته عنقي ، إن كان فيه النجاة مما أنا فيه و قبلت الشرط ..

أردفت إليَّ قائلةً :

– تروّي يا (شَمل) في عهدك و هدئي من طلبك ، ليس الأمر كما تظنين إنما العهد مربوط بكرامة ، تنفك إن انفك العهد ، حتى لو كان عن غير قصد ، و تذكري دائماً و احفظيها عني يا ابنتي ( إن أردت عودة الطرب عليك بتقديم الذهب ) ، و ذلك لكل من حضر و كان شاهداً على الطلب ، من رأى و فَهِم ، و من لم يفهم حين رأى ، و عليَّ البلاغ .. و ليشهد علينا من سمع ممن طلب ، و ممن استرق الطلب .

نظرت إليها و أنا في حيرة من أمري ، و باغتها بسؤالي :
ـ لم أفهم ما تسجعين به من كلام ، ألا تبينين ما تسجعين ؟
أجابتني بلهفة و قد انتفضت من مجلسها تقول :
– وقتي هنا قد انتهى ، و قد أبلغتك بما أرى ، و العهد مربوط بالطلب ..

رحلت الغجرية و تركتني في حيرة من أمري ، و بداخلي تتوهج العزيمة على الرحيل و تنفيذ ما طلب مني على نحو ما فهمته من سجع كلامها ، و قررت الرحيل سراً فجر يوم رحيلها بعد ما أخبرت (تاج) أني راحلة إلى سيدي السطوحي حتى أتملى بمولده ..

و كان حال (تاج) ليس بغريب عن حالي ، من لهفة الشوق و المنى لوليد ينير حياتنا ، و لم يتردد فى موافقته على ذهابي ..

بدأ الفجر في البزوغ ، و اتخذت أنا طريقي قبل أن يكثر الدبيب ، يتسارع قلبي قبل تسارع قدمي ، تتسابق أمنيتي تسابق شهيقي عن زفيري ، أسرعت من خطواتي إلى هدم البيت الكبير بمدخل القرية ، و هو سكن مخيف لقريتنا ، و كم سمعنا عليه من القصص و الخرافات ، و لم يعد هنالك أحد يمر بجانبه كثيراً ، من كثرة حكايات الشؤم و الشياطين الساكنة فيه .

تزاحمت الأفكار في عقلي ، و غشيتني الأماني ، و اختلطت بمشاعر خوفي عن أفكار الشؤم و الشياطين بهدم البيت الكبير ، و قد أفقت من الغشية و المشاعر الممتزجة بالحيرة و الخوف لأكون قد وصلت إلى بقايا أطلال البيت الكبير .

امتلأ قلبي بالرهبة ، و شهقت أنفاسي و خفق قلبي و أنا أقف أمام الهدم الكبير ، و أتذكر كل ما روي عنه من آبائي و أجدادي ، و لم أُسلم نفسي لمشاعر الخوف و الرهبة ، و تقدمت خطاي نحو الأطلال .. اقتربت أكثر من الهدم ، تارة أعتلي حجراً و تارةً أزيح حجراً ، و تارة ثالثة أقفز من فوق جدار ، حتى وصلت أخيراً إلى حديقة البيت الكبير ، و لي في وصفها العجب ..

لم تكن واسعةً شاسعة ، بل أليفة سكينة ، تملأ عين ناظريها ، محفوفةً بالأزهار و النخل و الثمار ، بها عين تجرى لسقاية الزروع و الزهور ، تعلوها أطلال الهدم محتجبة عن البشر ببقايا البناء القديم ، كأنها تستحي أن تنجلي لأى عابر مختلس النظر ، و لن يراها إلا من اعتلى الهدم و نزل بواد البيت الكبير ..

أمعنت النظر في كل ركن حتى أرى النخلة المذبوحة التي وصفتها الغجرية لكي أفترش تحتها ، و سرعان ما رأيتها و و قد كانت مذبوحة حقاً ! وجدتها حزينة تفتقر إلى الشموخ الذي تراه عيناك حين تنظر إلى أي نخلةٍ في أي أرض .

افترشت تحتها و أسندت ظهري إلى ما تبقى من جذعها في الأرض ، و بدأت أتمعن النظر في الأزهار المعطرة و الثمار الملونة في حديقة البيت الكبير ، وتسربت الأسئلة إلى عقلي و سكنت الحيرة قلبي ، و انطلق لساني يتكلم .. من يرعى تلك الثمار ؟ و من يحنو على تلك الأزهار ؟ و كيف أن أهل القرية لم يعلموا عن هذا المكان إلا ما أخافوا به أطفالهم حتى ينامون ليلاً ، و كانت وصاياهم بالابتعاد عن أي طريق يمر بهدم البيت الكبير و حديقته !!

أخذني الخيال ، و غلبني نعاس النوم ، فاتخذت من النخلة المذبوحة ظلاً ، و ذهب في سبات عميق تراوده أحلام مختلطة ، منها متعلق بوصايا الغجرية ، و منها متعلق بزوجي (تاج) و أبوه الشيخ (هلال) ، و حسره وجهه قبل وفاته على حرمانه من نعيم العمر كما كان يصف دائما الوريث بهذا الوصف ..

غرقت في الأحلام ، و أفقت على صوت أقدام تعلو على بقايا الهدم ، أصواتٌ اقتربت مني و أصبحت جليةً واضحة ، و رأيت خيالاً لشخص يقترب من الحديقة ، ارتعبت و جف حلقي و اصتكت أسناني ، و زاد قلبي بالخفقان ، وجفت الدماء بأوداجي ، و ذهبت لأختبئ خلف الأشجار حتى لا يرانى من يقترب .

و بينما أنا مختبئة خلف الاشجار ظهر رجل ملثم بعباءة لا يرى منه إلا عيناه القاتمتان بالسواد ، أبطأ من خطواته و التقط أنفاسه و جلس يتفحص و يدور بعينه في المكان ، كمن أحس أن هناك نزيلاً قد مر من هنا ، و حط قدميه بحديقة البيت الكبير ، و استمر بحثه بعينه ، ثم اقترب من مكان اختبائي و أمعن النظر خلف الأشجار الكثيفة ، و حين اقترب اشتممت ريحاً اختلطت برائحة الزهور فعكرتها ، و أسعفتني الشمس حين كانت تغيب بضوئها حتى يغيب خيالى معها ، كتمت أنفاسي حتى تغرق بين هزيز الأشجار و صوت شهيقي حتى لا يسمعه الملثم المخيف ، نظرت إليه من خلف الأشجار لكي أكشف سر مجيئه إلى هدم البيت الكبير ، و لم تسعفني عيناي حين نظرت إليه ، و لم أكشف عن هويته ..

استرقت النظر إليه فوجدته مستديراً إلي بظهره ، ممسكاً بيده سكيناً غليظة ، و أخذ يقص لحاء النخلة المذبوحة و ما تبقى من سعفها ، و يملأ كيسه القماشي ، و وضع السكين بجانبه ثم اعتلى فوق النخله و أخذ يحفر بيده بقلبها كمن يبحث عن خبيئة ، و أخذ يملأ كيسه القماشي بما تبقى من طلحها النضيد و جريدها و ما تبقى من قلبها ، ثم أخرج من كيسه القماشي ما لا أستطيع أن أصفه أو أراه ، و مد يديه كمن يزرع بقلب النخلة شيئاً ثم يأخذ شيئاً آخر ، و ما إن تأكد أن كيسه امتلأ حتى نزل عن النخلة و رحل مسرعاً و اختفى خلف الأطلال ..

و حين تأكدت أنه قد رحل ، ظهرت من بين الأشجار و كان الظلام قد فرض سطوته و غابت الشمس لمستقرها ، و الحيرة تملأ عقلي .. ماذا يفعل هذا الملثم بهذه النخلة ؟!!

اقتربت من مكان افتراشي عندها ، و نظرت إليها بعطف ، وكأن الدموع و الحزن ينزف من بين لحائها المقطع ، جلست مكاني و عقلي شارد ، و هاجمتني ريح الملثم الذي ظلت عالقة بالنخلة المذبوحة ، و شعرت أني قد اشتممت من قبل ذاك الريح الغريب ، و لم أدري أين اشتممته ، و استطرقت علي ذكريات تتخبط بعقلي لترج كياني بشدة ، و أحسست بأني قد رأيت هذا البغيض قبل يومي هنا في الهدم الكبير ، و ارتبط وجوده دائماً بهذه الريح الغريبة ، و لم أعلم أين رأيته و هل ما تذكرته حين شممت ريحه بمكان افتراشى حقيقة أم صدفة و خاطرة تمر علي جراء ما عانيته من رهبة وجوده و هيئته بهذا المكان !!

لم أنم يومها خوفاً و قلقاً أن يعود ، و استأمنت نفسي بنظري إلى القمر المنير ، و استودعت حياتي لمن أنار لي القمر في عتمة الظلام الدامس بهذا المكان ، و طافت علي طائفة الرحيل و النجاه ، لكني تذكرت كلام الغجرية عن عهدي بأن أبقى ، و بدأت وعودها لي تتكرر أمامي بسجعها و كلامها ، و بدأ عقلي في فك طلاسم سجعها بالدين و الالزام بالشرط ، حتى أنال ما أطلب ، و بدأت أهون على نفسي بالذكر و إطالة النظر اإلى السماء الصافية المضيئة بنور القمر البهي في بساطها الأسود ، تارةً اشتم ريح الملثم و تارةً تتسرب علي النسمات الهوية فاحتضنها بيدي لتؤنس جلستي ..

مرت الليلة الأولى كأنها عام ، و روادتني أفكار بالرحيل ، و غلبتها أمنيتي بالمبيت لأحقق أمل زوجي ، و أن أحيا مثل باقي النسوة و لا أنعت بالشؤم و انقطاع الجذر و النسل ، و ألا أفتقر إلى نعيم العمر .

أضاء الفجر و اطمأن القلب برؤية خيوط الشمس على أشجار سكن الحديقة ، و قمت من افتراشى و قد عزمت أن أعتلي النخلة المذبوحة لأرى حبيسة قلبها و دفينتها ، و ما كان يغرزه بقلبها ذاك الملثم ..

انفلق الضياء و أخذ النور يملأ الحديقة ، استقمت لأمري و أقمت ظهري لأعتلي النخلة ، و جاءتني صورته حين كان يحفر بقلبها بعد أن اعتلاها بقدمه ليحفر بيده فيها و يأخذ من قلبها و طلحها لترتعش قدماى على ذكرى مشهده الغريب .

اعتليتها بقدمي ممسكةً بجذعها و الريح الغريبة تملأ أنفي كلما ارتفعت عليها خطوة لأرى ما بداخل قلبها ، نظرت بداخلها جيداً لأرى أعجب مشهدٍ انحبست له أنفاسي ، فلقد أبصرت شيئاً صعقني و عقد لساني ، وجدت ضفائر من شعري البني مدفونة بداخل قلبها ، رأيتها بعيني رأسي ، و حين نظرت إليها عرفتها في وسط القليل من الضفائر الأخرى المدفونة بقلب النخلة ، و تيقنت و تأكدت أنها ضفائر من شعري ، فأنا من اقتصصتها و أضفرتها بهذا الشكل حين طلبها مني زوجي ( تاج) حتى يعطيها إلى ( الحيثي جبران ) !!

يتبع …

تاريخ النشر : 2016-12-30
guest
17 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى