أدب الرعب والعام

الارتياب

بقلم : علي فنير – ليبيا
للتواصل : [email protected]

الارتياب
أجبرتها على الاعتراف بخيانتها التي لم تكن موجودة إلا في خيالي المريض

من وسط زنزانة انفرادية .. ضيقة .. رطبة .. ومظلمة .. تبدو وكأنها قبر محكم الإغلاق .. سأروي لكم قصتي .. لعلها تكون عبرة لكل من أصيب بجنون الارتياب مثلي .

لم أكن أدرك بأنني مجنون بالفعل ، فقد كنت في تصرفاتي مع الآخرين الذين هم أنتم  طبيعيا  تماماً ، كنت أذهب لأجامل في المناسبات ، أتحدث مع الآخرين وأمازحهم  وأضحك ، نعم كنت أضحك .. ولكن الأمر داخل البيت مختلف تماماً ، رغم سنين زواجي الطويلة وطيبة زوجتي وسهرها من أجل راحتي وراحة أطفالي .. إلا إنني كنت أرتاب في تصرفاتها ، بدأ الأمر بشكوك مريضة لا أساس لها من الصحة إلا في عقلي ،  ثم تطور الأمر إلي مصارحة زوجتي بشكوكي ، و إجبارها على الاعتراف بمن يخونني ، كانت تبكي وأنا أقوم بضربها بقسوة لكي تعترف ، وصراخ الأطفال ونظرات الرعب تطل من أعينهم البريئة وهم يسمعون صوت صراخها لم يزدني إلا قسوة ، شكتني إلى أهلي ولم يعيروا الأمر اهتماماً ..
    
استنجدت بوالدها .. ولكنه طلب منها البقاء في بيت زوجها ، فلا متسع لها هي وأطفالها في بيته ، استسلمت لقدرها البائس المظلم كقطع من ليل طويل ، وذات ليلة بلغ جنون الارتياب حدا لا يصدق ، فبعد تناولي لطعام العشاء  أغلقت عليها باب الغرفة وبدأت في تعذيبها لجرها إلي الاعتراف ، لقد كنت أشك بجاري ، وكنت أشك أنها تخونني معه ، وبأن الأطفال الذين أنجبتهم ليسوا أطفالي ، بدأت في تعذيبها ببطء وألم وهي تصرخ ، وكلما رأيت الدماء تسيل من جسدها وصرخات الاستعطاف لكي أتوقف .. كلما أمعنت في تعذيبها ، كانت المسكينة تتعذب عذاباً لا يطاق ، وظنت باعترافها الكاذب بأنها تخونني سأتوقف ، ولكن جن جنوني بعد أعترافها .. فأمسكت بالسكين وقمت بقطع عنقها وتدفق الدم ساخناً ، وأخذت استمع إلي حشرجة الموت وأنا جالس على حافة السرير ممسكاً بالسكين يقطر دماً ، كانت نظرات الألم  والتساؤل تطل من عينيها ، ونظرات رجاء بأن أتركها تعيش لتربي أبناءها ، ولكنها نظرات كان قد فات أوانها .
 
القي القبض علي في الصباح ، أعترفت بقتلها لخيانتها لي .. خيانة لم تكن إلا في خيالي المريض ، تم إيداعي بمصح نفسي ومن ثم تحويلي إلى السجن لأقضي فيه بقية حياتي البائسة التي لم أستحقها على أية حال في يوم من الأيام ، لم يأت أحد لزيارتي منذ تلك الليلة المشئومة .. ولا ألومهم على ذلك ، زوجتي ماتت وانتهت حياتها البائسة ، ولكنني رغم دفني في هذه الزنزانة لازالت اصطلي بجحيم سيظل يحرقني حتى النهاية .

تاريخ النشر : 2017-01-19

علي فنير

ليبيا
guest
22 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى