أدب الرعب والعام

دمك دمي 1

بقلم : fofo fadel – العراق

دمك دمي 1
غضب ال Vampires ..

قبل خمس سنوات .. حيث كانت الأرض والعالم أجمع بسلام وأمان ، فجأة و بدون أي سابق إنذار .. ظهرت وحوش غريبة تعتمد في أسلوب عيشها على الدماء ، قاموا بقتل الملايين من البشر و غطوا الكرة الأرضية بدماء الأبرياء ، لقد كان الخوف منتشراً في قلوب البشر ، حيث قام رجل بتحفيز الجميع و تحريضهم ضد تلك الوحوش العاتية التي تتغذي على الدماء ، و أصبحت الكرة الأرضية ساحة للمعارك ما بين البشر وهؤلاء الوحوش ..

وبعد حرب طاحنة دامت تسع سنوات كانت الكفة تميل لصالح الوحوش ؛ لكن البشر وقفوا صامدين في النهاية و تغلبوا على تلك الوحوش ، و خلال ثلاث سنوات .. اكتشف رجل أن هناك البعض من هذه الوحوش مازلوا على قيد الحياة ، وأنها تقوم بتجديد مجدها من خلال البشر ، قام البشريون ببناء حاجز كبير بينهم و بين تلك الوحوش ، واقامة منطقة عازلة تفصلهم عن هذه الوحوش حتى يستطيعوا على الأقل أن يشعروا ببعض الأمان ، وكلما حاولت الوحوش الدخول إلى القرية التابعة للبشر يمنعهم البشر من الدخول على الفور ويتصدون لهم بقوة وحزم ، و بسبب هذه المقاومة المستميتة من بني البشر قررت الوحوش أن لا يهاجموا القرية إلا مرة واحدة كل شهر ، و قاموا بوضع قائداً لهم .

وهكذا استمر الحال .. كل شهر يهاجم الوحوش قرية البشر ، و يموت العشرات من بني البشر شهرياً ، إنها وحوش تعيش على الدماء .. لهذا أطلقوا عليها لقب ( مصاصي الدماء ) ..

بسبب هجوم مصاصي الدماء في الشهر الماضي .. الحزن يملأ قلبي .. والوحدة تقتلني .. أين ذهبتِ و تركتيني يا أختي ؟!  أنا أسيرة .. وحيدة .. خائفة جداً .. الضباب يملأ المكان ، لا يمكنني الرؤية جيداً ، صوت غريب .. صوت حزين .. صوت بكاء اتجهت إليه بهدوء و أنا أرتجف من الخوف ، رأيته .. نعم رأيته يبكي بشدة .. إنه طفل رضيع ، اقتربت منه و جلست على ركبتاي وظللت انظر إليه بتمعن ..  لما يبكي ؟؟ أين أهله ؟!  عند حملي له توقف عن البكاء مباشرة ، وهنا أردفت له قائلة بلطف وحنان لا متناهي :

– لما تبكي ؟  هل أبويك رحلا مثل أبواي ؟!
 
( بطلة هذه الرواية طفلة صغيرة بعمر السابعة اسمها ( يوكي) )

أسير في الطريق و في يدي طفل رضيع يبكي من الجوع ، أين سأجد الحليب ؟!  طرقت الأبواب طلباً للمساعدة قائلة :

– ساعدوني .. أحتاج إلى بعض الحليب ..

 لكن لم أجد المساعدة .. الأبواب تغلق في وجهي مباشرة ، لا يوجد من يساعدني .. لا أحد ، أكملت سيري تحت ضوء القمر وعتمة الليل ، لا أدري ماذا أفعل بهذا الطفل الذي لا يتوقف عن البكاء ؟؟  ” عزيزي .. لاتبكي ” لكنه لا يتوقف عن البكاء ، و أنا أسير وصلت إلى الحاجز الذي يفصل القرية عن مصاصي الدماء ، انتصب شعر رأسي و تجدمت مكاني .. كيف وصلت إلى هنا ؟!  وعند عبور السحاب حجب بدوره ضوء القمر ، لا أستطيع الرؤية ، و بعد فترة من مرور السحاب رفعت رأسي للأعلى ورأيت فجأة عيون حمراء قانية ، و قطرة من سائل ثقيل سقطت على خدي ، لم تكن قطرة ماء .. لا .. بل كانت لعاب مصاص دماء لزج ، كان مصاصي الدماء يتسلقون الحاجز و يهجمون على قرية البشر بدون تردد ، وقفت أشاهدهم و أنا خائفة ، وتسألت بعدها .. هل هذه نهايتي ؟؟  سوف يلتهمونني بسهولة ، النجدة .. ساعدوني .. نزل أول مصاص دماء على القرية ، و اتجه إلي راكضاً ، و أنا كنت خائفة وثابتة في مكاني ،  أغلقت عيناي استعداداً لملاقاة مصيري المحتوم ، سمعت صوت إطلاق نار ، أجل .. لقد قتله عمي ،
لم أجد نفسي بعدها إلا وفي يد رجل آخر ، و بقية الرجال كانوا يقاتلون مصاصي الدماء حتى لا يقتلونا ، قفز مصاص دماء على امرأة كانت في طريقها للهروب وقضى عليها ومزقها أمام عيني ، ظللت أنظر إليه واتسعت حدقة عيناي ، حتى صرخ رجل لا أعرفه قائلاً لي :

– اهربيييي …

لكنني كنت ثابتة من شدة الخوف .. و في يدي كان يوجد طفل صغير ، وقف مصاص الدماء و نظر إلي قليلاً ثم رحل .. لم يرحل هو وحده .. بل رحل جميع مصاصي الدماء معه ، لا أدري ما بهم ؟! أو ما خطبهم ؟!  لماذا ذهبوا ؟؟  لكن ما يهمني أنني مازلت على قيد الحياة  ، انحنيت على ركبتاي و دموعي تملأ عيناي ، أريد أمي و أبي لأبكي في حضنهم ، تساقطت دموعي على الرضيع الذي بين يداي ، و زاد بكائه هو أيضاً ، هل سوف أعيش هذه الحياة طوال عمري ؟!  خائفة .. وحيدة .. حزينة ..  تقدم نحوي رجل و حملني أنا و الرضيع ، فبكيت في حضنه صارخة “” عمي “” ، أزاح خصلة  شعري بلطف ، و قال لي :

– لا تخافي .. سوف أتولى رعايتك

بعد يومان .. كنت جالسة أمام المنزل مع أخي الصغير يكيني ” الرضيع نفسه ” ، سوف نعيش معا دائماً ، أبانا ذهب مع الرجال لإحضار الطعام للقرية و لنا أيضاً ، فجأة ركض الجميع نحو بابا القرية ، و القلق كان على وجوهم ، حملت يكيني أخي بين ذراعي و ذهبت معهم ، لقد كان الرجال مصابون بجروح نازفة ، قال واحد منهم و الدموع تملأ عينيه :

– هجم علينا مصاصي الدماء و قتلوا منا أربعة ..

و للأسف كان من بين الجرحي الرجل الذي كان يرعاني ، لقد حزنت جداً و بكيت بشدة ، تجمع الجميع حولي و هم يصدرون همهمات :

– إنها الطفلة المسكينة

لم أفهم شيئاً من كلامهم ، وذهبت بسرعة إلى المنزل ودموعي كانت تنهمرعلى خدي ،
و في أثناء بكائي داخل منزلي فجأة لمع ضوء غريب خرج من يكيني !! و اشتد الضوء وحجب عني الرؤية ، فأغمضت عيني من شدة سطوع الضوء ، و عندما فتحت عيني لم أصدق ما أرى .. كان هناك فتى يقف أمامي !! وتقدم تقدم نحوي
بهدوء و جلس على ركبتيه وأمسك يدي و قبل جبهتي ، صدمت و اندهشت وأردفت قائلة :

– من أنت ؟!  كيف دخلت إلى هنا ؟!

نظرت إلى سرير يكيني لكنني لم أجده ، فمد الفتى يده بلطف وأمسك بخدي قائلاً :

– أنا يكيني .. أنا شقيقك

اندهشت !! كيف هو يكيني ؟!  يكيني طفل رضيع !!  قلت له بهدوء :

– أنت يكيني ؟!

– أجل يا أختي الصغرى ..

– أختي الصغرى ؟!!  لكن أنت كنت الصغير !!  كيف حدث هذا ؟!

بدأت الأسئلة تتهافت حوله ، وبعدها نهض هو وساعدني في النهوض والوقوف على قدماي ، همس بهدوء بعدها :

– لا تقلقي .. لا تخافي من شيء .. سوف أحميك كما حميتيني .
 
– كيف كبرت بهذه السرعة ؟

– لن اخبركِ الآن ، اختي أنتي فقط ابتسمي .. لا أريد رؤية دموعك .

وبعد انتهاء يكيني من كلامه عانقني بلطف ورفعت يدي و عانقته أيضاً ، وبعدها أردفت  قائلة :
– أخي الأكبر …

همس في أذني قائلاً :

– لا تقلقي يا أختي .. أنا سأحميكِ من تلك الوحوش ..

وبعد ذهابي لإحضار الطعام عدت إلى المنزل ، و فتحت الباب والإبتسامة تعلوا وجهي ، “” لقد عدت يا يكيني “” ..  لكنه لم يجب .. لا أحد في المنزل ، أين ذهب ؟!!  دخلت الغرفه فوجدت الفراش يتحرك ، “” يكيني أهذا أنت ؟! “” ، تقدمت بهدوء و رفعت الغطاء شيئاً فشيئاً فوجدته نائماً ، يوكي .. إنه نائم ..

خرجت و تركته .. جهزت الطعام و عدت إليه ، عند فتحي للباب لم أجده على السرير فتسألت في نفسي وقلت “” أين ذهب ؟! “” فالتفت خلفي فوجدته ، نظرت إليه بدهشة
 كنت أريد السؤال لكن الطعام الآن جاهز ..

نظر لي و ابتسم واقترب مني ووضع يده على كتفي قائلاً والحنان يخرج من فمه :

– ما كان يجب عليكِ أن تتعبي نفسك .. أنا لست جائعاً

– هيا .. تناول الطعام ، لقد تعبت جداً أثناء تحضيره ، ثم تابعت بحزن .. أنت دائماً لا تتناول الطعام الذي اعده لك ..
 
انحنى على ركبتيه أمامي وجلس وأصبح بطولي ، وأردف قائلاً بهدوء :

– أنتي تناولي الطعام ولا تخرجي من هنا ..

قلت له معرضة رأيه الصارم :

– لا أريد ، أنت دائماً تخرج و تجعلني وحيدي هنا ..

رفع  يكيني كفه ومسح شعري الذي انسدل على جبهتي قائلاً بحنان :

– لن أتأخر

ثم نهض من أمامي و ذهب بسرعة ، وبعدها جلست على السرير أفكر بأمر أخي يكيني .. ” لما يخرج دائما ؟! ”  ” و كيف أصبح بهذا الطول ! ” ، لقد كان بين ذراعي تلك الليلة .. لن أستطيع نسيانها  ، لم يكن بمقدوري الإنتظار أكثر وخرجت من المنزل ووجدت الجميع يهربون بعيداً .. ” مابهم ؟!! ” ، كان هناك طفل يركض وقد كان بعمري ومن شدة اندفاعه وقع على الأرض ، ذهبت إليه قائلة :

– لماذا يهربون ؟

أجابني بخوف وذعر :

– مصاص دماء .. مصاص دماء ..

و أشار الطفل إلى الجهة التي يتواجد فيها ذلك الوحش وبعدها نهض وأكمل ركضه هارباً ، كنت حينها ثابتة في مكاني و أنا أرتجف من الخوف ، ” يكيني ”  خفت أن يكون أخي هناك ويتأذى ، وركضت إلى ذلك المكان الذي أشار إليه الطفل وعند وصولي لم أجد شيئاً سوى جثثت البشر التي أمامي والدماء التي تجري وكأنها أنهار، تجدمت مكاني من الخوف ، وبعدها لمسني شيء ما من خلفي ، التفت بعدها لأجد ” يكيني ” ..

– لماذا ذهبت ؟! .. لقد خفت عليك كثيراً ..

همس في أذني قائلاً :

– لا تخافي ياصغيرتي .. أنتي بخير

شعرت بالأمان في حضن يكيني وأردفت قائلة له :

– أين ذلك الوحش ؟

– تقصدين المصاص الدماء ؟  لقد هرب بعيداً .. لم يستطع الصيادون قتله ، لنعد إلى المنزل الآن

بعد كلامه مباشرة حملني واتجه إلى طريق المنزل ، في طريقنا لم أدع سؤالاً إلا وسألته إياه .. كيف ظهرت تلك الوحوش ؟  كيف يشربون الدماء ؟  لماذا يقتلونا ؟! ..

أجابني يكيني بهدوء :

– تلك الوحوش تتغذى على دماء البشر

أجبته معارضة :

– لكن باستطاعتهم أن يشربوا دماء الحيوانات بدلاً منا ..

عندها صمت يكيني و لم يجبني بشيء ..

وعند وصولنا إلى المنزل أنزلني و جلس على ركبة واحدة وقال لي بلطف :

– هل توافقين على الذهاب معي ؟

أجبته بسرعة :

– إلى أين ؟!

ابتسم وأردف قائلاً :

– مكان آمن .. ستجدين أصدقاء وأطفال بعمرك و
ستعيشين بسلام

ابتسمت و قلت :

– هذا ما تمنيته .. فأنا أريد مكان لا يوجد فيه تلك الوحوش ..

– لو كانت هذه أمنيتكِ سوف أحققها لكِ .

نظرت في وجهه باندهاش .. ولكنه قطع نظراتي قائلاً :

– هيا نامي الآن .. و عندما تستيقظين سوف نصل إلى ذلك المكان

ركضت إلى السرير صارخة :

– حاضر ..

كان يكيني يمتعنني بنظراته وأنا اقفز وأضحك من الفرح ، نهض بعدها و قال لي :

– يوكي ..

توقفت مكاني ونظرت إليه وأجبته قائلة :

– ماذا ؟!

– لا شيء .. نامي الآن

و خرج بعد أن انتهى من كلامه مباشرة ، ولكن ما به يتصرف بغرابة .. هكذا تسألت في نفسي ولم أجد الجواب ..

فتحت عيناي على نور الصباح ، ووجدت نفسي على سرير دافيء وواسع غير السرير الذي كنت نائمة عليه ، ” أين أنا ؟! ”  المكان أيضاً مختلف ، ليست هذه الغرفة التي كنت فيها ، هناك أشياء كثيرة وجميلة للغاية في هذا المكان ، مثل الزهور الحمراء في المزهرية ، والعصافير حول النافذة ، المكان مدهش فعلاً ، فجأة يقطع حبل أفكاري صوت طرقات الباب ، يدخل علي فجأة رجل يمتاز بشعر بني يصل إلى رقبته ، يتقدم إلي وفي يده وردة بيضاء وقدمها لي قائلاً :

– صباح الخير ..

رددت التحية وأنا أتمعن وجهه باستغراب :

– صباح … الخير

ابتسم وجلس على حافة السرير و قال بهدوء :

– أختي ..

تعجبت منه أكثر وقلت :

–  أختي !

– هل يوجد شيء ؟

أبعدت عيني عنه قائلة :

– لا .. ثم تابعت كلامي بعدها قائلة .. أين يكيني ؟؟

رد بابتسامة أكبر :

– إنه أمامك !!

رفعت رأسي و نظرت إليه لقد كان يبدو مختلفاً عما سبق :

– أنت حقاً يكيني ؟!

– نعم ..

ظللت أتمعن وجهه و لا أستطيع ابعاد عيني عنه ..

قال لي :

– هل من خطب ؟

– لا .. فقط متعجبة قليلاً

– هيا انهضي و تناولي فطورك الآن من أجل للمدرسة .

– نحن في مدرسة ؟؟

– في أكاديمية ..

حملني من على سريري و خرجنا من الغرفة ودخلنا في ممر طويل ، ووصلنا لساحة واسعة ، ظللت انظر للمكان من حولي ، حتى خرجنا من باب ضخم يؤدي إلى الخارج ، ووجدت ورود حمراء كثيرة تملأ المكان ، وتوجهنا إلى طاولة بيضاء ، ووضعني هو على الكرسي ..

– تناولي فطورك الآن ..

وبعد أن قال هذه الجملة ذهب بعدها وتركني ..” هل هذا هوالمكان الذي قال بأنه آمن ؟!! “، وبعد هذا التساؤل الذي دار في رأسي بدأت أتناول فطوري بالفعل ، عند رجوع يكيني كان معه رجل يمتاز بشعر أشقر ، وعيون زرقاء .
 
– يوكي .. هذا مدير الأكاديمية .. السيد هارون

نهضت ووقفت وألقيت التحيه عليه قائلة :

– مرحباً .. اسمي يوكي .

– اعرف يا صغيرتي

و بعدها أتت إمرأة تبدو في الثلاثين من عمرها تقريباً ، وقد كانت تمسك بثياب رسمية غريبة الشكل ، وبعدها مد يكيني يده وأخذ منها الثياب وبعدها انصرفت هي ..

– هذا زيك المدرسي ..

– هذا الزي البديع  لي حقاً ؟

– أجل ، طلباتك مطاعة ..

حضنت يكيني بقوة و الفرحة تغمر قلبي ، ارتديت زي المدرسة  وانطلقت إلي خارج القصر ، كان يكيني يقف عند بوابة القصر وقال لي والابتسامة تعلو وجهه :

– أتمنى لكِ يوماً سعيداً
 
– شكراً جزيلاً

عند خروجي كان هناك الكثير من الأطفال في مثل سني ، تذكرت قول أخي يكيني عندما قال لي سأخذك إلى مكان آمن ، إن هذا شيء رائع ، و كأنه لم يأخذني فقط إلى مكان آخر بل إلى عالم آخر دون تلك الوحوش .. عالم دون دماء .. عالم جميل جداً .. وفجأة يقطع حبل تفكيري صوت طفلة :
– يوكي ..

نظري التفت خلفي قائلة لها :

– مرحباً ..

كانت أول صديقة أقابلها وأتعرف عليها ، نظرت خلفي فوجدت يكيني ينظر إلي ، رفعت يدي ولوحت له بابتسام ، و رفع هو يده ولوح لي ” شكراً جزيلاً يا أخي ”

يتبع …

تاريخ النشر : 2017-01-27

fofo fadel

العراق
guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى