تجارب من واقع الحياة

أريد أن أرمي أحجيتي المبعثرة ، لا يهم أن أحلها و لكن أريد أن ألقي بها بعيداً عن صدري

بقلم : Grunge – السعودية
للتواصل : [email protected]

أريد أن أرمي أحجيتي المبعثرة ، لا يهم أن أحلها و لكن أريد أن ألقي بها بعيداً عن صدري
أريد البقاء مع أمي ..

أريد أن أرمي أحجيتي المبعثرة ، لا أريد أن أحلها .. فقط أريد أن ألقي بها و لا يهم من يقرأها أو يريد حلها لي ، إنما هي خاطرة أريد أفصح عنها و أنزعها من قلبي حتى أرتاح قليلاً ..

أشعر أني وحيدة بالمعنى الحرفي للكلمة و دون مبالغة ، أرى من حولي مقربون لبعض .. أخي مقرب من أصدقائه و أخي الآخر مقرب من عائلتي جداً ، و دائماً يتبادلون الطرائف سوياً ، أخواتي الأخريات قريبات من بعضهن جداً ، و حتى يعرفن الأرقام السرية الخاصة بحساباتهن في مواقع التواصل الاجتماعي .. أنا أختهم من الأب ، و لا أرى بيننا اختلاف و لا أعتقد أنهم يرون ذلك أيضاً ، بل إن زوجة أبي طيبة كثيراً و تحبني كبناتها ، أما والدتي فقد انفصلت عن أبي منذ أن كنت صغيرة بعمر الـ 4 سنوات تقريباً ، و المشكلة ربما صادرة من هنا ..

بعد أن أصبحت مشتتة بينهم ، سنة أعيش عند أبي و سنة عند أمي ، إلى أن استقريت عند والدي ..

لايهم .. أصبحت أقدس الوحدة و أكره الاقتراب من الناس ، أنا وحيدة جداً ليس فقط بين عائلتي بل و حتى صديقاتي لا أتواصل معهن ، و إن تحدثت إليهن أشعر بضيق و أجعل حديثنا رسمي ثم أختفي مرةً أخرى .. لا أرى بيني و بينهن صفاتاً مشتركة ، مختلفات في كل شيء ، ربما أصبحن صديقاتي بالصدفة ! أنا أحبهن و لكن أحب وحدتي أكثر ، أتمنى لو أصادق و أتعرف على ناس من الواقع الافتراضي و نصبح أصدقاء لفترة طويلة جداً ، و لكن لا يمر شهرين إلا و قد مللت منهم و أختفي عنهم أيضاً ..

غالباً الذين يعيشون بأسرة متفككة سواء يقطنون عند والدهم أو والدتهم يشعرون بالحزن ، و يتمنون لو أن والديهم يلمان شملهم مرةً أخرى و يصبحون عائلةً سعيدة .. أنا لا يهمني ذلك أبداً ، و لم أتمنى قط هذه الأمنية و لكن ما يحزنني أنني أتمنى أن أكون قريبة من أمي و تكون يومياتي لا تخلو منها ، أتمنى لو أستيقظ و أجدها عند رأسي ، أتمنى أن أراها توبخني إذا استيقظت متأخرة في صباح المدرسة ، و تمشط لي شعري قبل ذهابي للمدرسة ، أتمنى الكثير معها و لكن لا يهمني لو ترتبط مرةً أخرى مع والدي .

لا يعجبني أن أكون مثيرة للشفقة و أكون عاطفية و هشة المشاعر ، فأحاول أن أتذكر شيئاً يواسيني ، أن لي إخوة أيضاً من أمي .. و أمي قد انفصلت عن والدهم أيضاً هنا أشعر بالمواساة لأنهم ربما يشعرون مثلي ، قبل يومين زرت أمي و كنت لم أرها منذ أربعة أشهر تقريباً ، و هذا بسبب والدي كونه يكرهها و يرى بأنها فاسقة ، و لا يريدني أن أتأثر بأخلاقها ، فيجعلني أزورها في السنة ربما خمس زيارات أو أقل !

لا يهم .. لا أصدق هذا الكلام لأنه هراء ، حتى لو كانت فاسقة لا أحد يؤثر فيني سوى نفسي ، المهم أنه في زيارتي لأمي سردت لي أخبارها و مواقف من حياتها اليومية ، و أخبرتني أنها سعيدة جداً بأنها اشترت سيارة جديدة ، قلت يا ليت لو نذهب في رحلة أنا و أنتِ و إخوتي البقية .. قالت نعم سيكون ذلك رائعاً ، و لكن سبق و أن ذهبت رحلة مع أبنائي ، و سردت لي ماذا فعلوا بالسيارة ، و كيف تزاحموا جميعهم من أجل تجربتها مع أمي ، و كيف صدم شقيقي و وبخته أمي خوفاً على سيارتها .. بدا أن يومهم كان ممتعاً من حديث أمي ، و واضح من بهجتها و سرورها و هي تتحدث

المثير للشفقة أنني كنت أظن بأنهم لا يتواصلون مع أمي كثيراً ، و لكن الحقيقة أنهم يومياً يزورونها ، و حتى لاحظت أسلوب والدتي معهم غير رسمي و كأنها تعيش معهم ، أما أنا فحديثها معي رسميٌّ جداً رغم أني أتصنع السعادة و لا أسكت حتى لا أشعرها بالملل ، و ابتسم طوال الوقت و أحكي لها عن حياتي التي اختلقتها من رأسي ، حياةً سعيدةً و ممتعةً بنظرها ، مع أن طبيعتي انطوائية لا أعرف ابتسم و لا أعرف أن أتصنع السعادة أو أتكلم عن حياتي للناس ، شعرت بالحزن عندما قالت لي عن يومياتها معهم ، أتمنى لو كنت صبي حتى أكون قريبة منها براحتي دون أن يترقبني والدي و يحقق معي ماذا فعلت و ما الذي حدث ..

تمنيت لو أن أمي لم تخبرني بأنها قريبة منهم ، أو تواسيني و تقول لي ستصطحبني معها في سيارتها يوماً ما حتى لو كان ذلك كذباً و لكن لم تقل .. أيقنت أنه لا يحق لي أن أواسي نفسي عندما أتمنى لو أمي تكون معي بالمنزل بأن لدي أخوة يتمنون ذلك أيضاً ، هم لا يتمنونه بل هذا الأمر بسيط بالنسبة لهم و يفعلونه يومياً ، أدركت حقاً أنني وحيدة .. وحيدة جداً و هذا يحزنني كثيراً ..

أحب والدتي كثيراً رغم أنه لا يجب علي فعل ذلك ، دائماً يخبرني والدي بأنها عندما ولدتني لم تعتني بي و رمتني عند زوجة والدي ، و هي من كانت تهتم بي ، و كلما أردت أن أستأذن أبي بأني أود زيارتها يذكرني بذلك ، تعبت من تجاهل هذا الكلام و هو يذكرني فيه طوال حديثنا عنها .. أريد أن أعيش لحظات سعيدة معها حتى لو كنت أكذب على نفسي ، لا أريد أن أندم عندما تموت أو نفترق إلى الأبد ، أريد أن أوبخها بعد أن تموت عندما أتاكد أنني لن أراها مرةً أخرى ..

لا تهمني العيوب في شيء ، أحبها كانعزالي مثلاً .. هذه عادة غير محبوبة و ضارة و لكنني أحبها كثيراً .

تاريخ النشر : 2017-02-01
guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى