أدب الرعب والعام

ريموندا و الثلاث كلمات الملعونات 3

بقلم : محمد فيوري – كندا
للتواصل : [email protected]

ريموندا و الثلاث كلمات الملعونات 3
ساعدني .. ماتخفش .. أنا ريمونا

أنا حالفه ما أطفِئ الشمع إلا لما تكون أنت موجود .. الساعة حداشر يا أستاذ وبعدين إيديك فاضيه ليه فين هديتي ..

لأول مرة كنت أشعر بالفرحة والسعادة منذ فترة طويلة ، لترتسم البسمة على ملامح وجهي و أنا أنظر لسيانا و يدها في يدي و نحن نخترق صفوف الحضور متوجهيَن لأطفاء شموع ميلادها ..

مر علي الوقت و أنا أتبادل أطراف الحديث مع سيانا و أصدقائها ، أحسست أنني عدت لحالتي و حياتي الاجتماعية
و الطبيعية المعتادة ، و كأنه مرت علي سنوات طوال وأنا لم أرَ وجوه الناس ، كنت أنظر لكل شيء حولي و أنا منبهر فرحان سعيد .. منظر الأشجار و الورود بالحديقة موديلات السيارات أضواء الليزر الموسيقا كل شيء .. كل شيء

أنا موجود و لست كئيباً ، لست حزيناً و لا وحيداً .. لست مصاباً !! كأنني نسيت كل ما حدث لي و لا يعلم عنه أي أحد شيئاً ..

بدأت الطمأنينة تسكن قلبي و الشعور براحة البال .. لكنني شعرت فجأة بصداعٍ و ألمٍ فظيع لا يُطاق ، فطلبت من سيانا أن تحضر لي مسكّناً للآلام ، و ذهبت في طريقي متوجها إلى الحمام لغسل وجهي بماء دافئ بالطابق الأرضي ، و هي ذهبت تسبقني لتصعد السلالم لكي تحضر لي مسكناً للآلام من الطابق العلوي …

دخلت الحمام و أغلقت الباب خلفي ، فتحت الماء البارد و الساخن معاً و انتظرت حتى يصبح الماء معتدلاً ، مددت يدي و أخذت بعضاً من الماء وضعته على جبهتي و وجهي و أنا مغمضاً عيني … فتحت عيني لأجد نفسي وسط ظلامٍ حالك ، فتوقفت الموسيقا و ضحكات الحضور و جميع الأصوات ليتحول الضجيج خارج الحمام إلى هدوء و سكون تام .

حاولت أن أخرج وانا أتحرك بقلقٍ و توتر في جميع الاتجهات أبحث عن الباب ، لكنني سمعت همساتٍ متكررةٍ تأتيني باتجاه الأذن اليمنى و تتحول إلى الأذن اليسرى كالصوت المتموج ..

ساعدني .. ماتخفش .. أنا ريمونا
ساعدني .. ماتخفش .. أنا ريمونا
ساعدني .. ماتخفش .. أنا ريمونا

عاد النور داخل الحمام لكن عادت معه نغمات معزوفة كئيبة تُعزف على التيشلو و البيانو أسمعها أتية من الخارج ، وضعت يدي على مقبض الباب و هي ترتعش ، و بدأ جسمي بالكامل يرتجف خائفاً أفتح الباب ، فوقعت أنظاري على دماء بدأت بالتجمع ببطء على الأرض أتيةً من تحت الباب ، تسارعت نبضات قلبي و أنا أصرخ و أنادي علي سيانا بأعلى صوت لكن لا أحد يسمعني و لا أحد يجيبني ، فقررت أن أفتح الباب و أجري دون النظر حولي أو خلفي ..

أخذت نفساً عميقاً و فتحت الباب و أنا في وضع الجري ، لكنني توقفت ثابتاً مكاني تماماً مذهولاً مندهشاً .. رأس سيانا فقط دون الجسد ملطخة بالدماء على الأرض أمام الباب من الخارج ، حاولت أن أجري هارباً من المنظر ، لكن شيئاً ما جعلني لا أتحرك أو أمشي إلا ببطءٍ شديد لكي أتعذب و أنا أرى المنظر ، بدأت أخطو الخطوة الأولى و الثانية و الثالثة ، حتى أصبحت رأسها بجانب قدمي تماماً ، مازلت أتحرك ببطء و أنا أخطو فوق الدماء بخوف و حذر و ترقب ، فنظرت بهدوء إلى الأعلى لأجد جسد سيانا فقط دون الرأس و هي واقفة في وضع النزول من أعلى السلالم و في يدها مسكّن الآلام …

كانت تنهمر الدموع من عيني حزناً عليها ، و حين حاولت أن أصرخ و أنادي عاد كل شيء من حولي إلى طبيعته .. فأكملت سيانا نزول السلالم وفي يدها مسكّن الآلام ، لكن كان البيت في هدوء تام لا أحد معنا .. أنا و هي فقط !!

أعطتني حبوب المسكن في يدي و ذهبت و أحضرت لي كأساً من الماء و قالت :

– ألف سلامه عليك .. أنت مابترحمش نفسك خالص حياتك كلها قهوة و تدخين و تأليف و سهر و كتابة ؟! تعالا نقعد علشان أنا فعلاً قررت أحكيلك كل حاجه ..

– و أنا أتمنى إنك تحكي بس هاتحكي إيه ..

– أحكيلك إن البواقي المقصوصه فالأتيليه عندي تحت البيت للأزياء إللي أنا صممتها للرواية كانت بجد شؤم ، وفي حاجات من ساعتها مش طبيعيه بتحصلي فالبيت وفالعربيه وفكل مكان اروحه و حياتي اتقلبت جحيم … أنت عارف أنا باخد كام حباية مهدئ ومنوم فاليوم غير إللي أنت بتدهملي بأيدك ! عارف ولا لاء .. أنطق عارف ولا لاء رد عليا أنا خلاص هاتجنن وهاموت نفسي هاتجنن هاتجنن ..

– أنتي للمره المليون تقوليلي نفس الكلام ده وبنفس الطريقه والتوتر إللي انتي فيه ده .. ولما تقريري تحكي و تقوليلي تعالي و أجيلك هنا البيت بتخافي تحكي … أرجوكي اهدي و تعالي نقعد وقوليلي كل حاجه أنا معاكي و هاسمعك ماتخفيش … أو تعالي ننزل الأتيليه و وريني كل حاجه بعيني علشان أفهم فيه إيه ..

– لاء لاء لاء ..

سحبتها من يدها و دفعتها لتجلس على الفوتيه و قمت بتهدئتها ، أحضرت لها كأس عصيرٍ وحبوب المهدئ ، فأخذتهما من يدي بتوتر و وضعت أربعة حبات في يدها وابتلعتهم مع العصير ، ثم وضعت سيجارة في فمها و أشعلتها و نفخت الدخان و هي تهتز تنظر بعينيها يميناً يساراً إلى أرجاء البيت بأكمله و بدأت تنتفض ..

أخرجت هاتفي من جيبي و اتصلت برامي حبيب .. فأجاب قائلاً :

– … إيه أخر الأخبار في حاجه حصلت ..

– في إن الموضوع أبتدى بيا و بيك ، و رامي حامد ، و روچينا ، ونائل و بسنت و عاليا و ساندي و سهر و بدر و إيمي و ناصر و شهد و يوسف و فادي و إيلينا و رؤوف و كارمن و نادر … و أخيراً سيانا … في إن الموضوع كبر ، في إن كل واحد بيشوف التاني بيموت أدام عينه ، في إللي بيفوق مننا بيكون التاني تحت الأرض معاهم ، في مننا إللي بيشوف ريموندا ، وفي مننا إللي بيشوف توأمتها ريمونا !! و في مننا إللي بيشوف الاتنين ، في إن الرواية نقصه معاك لكنها كامله معايا ، في لعنه ورعب وقتل ودم ، في إن ريموندا اتقتلت وفي إن ريمونا عايشه بتطلب المساعده ، في إن الحكايه بجد بجد اتقلبت جد ، أنا لِسَّه مهدّي سيانا وهتنام ، بس مش عارف بعد ما هي تفوق هكون أنا فين أو إيه إللي بيحصلي وقتها ، أنا لو لقيت حجز هاجي أنا وهي على أول طياره ، يمكن لما نقعد كلنا مع بعض الصوره تكتمل …

أنهيت مع رامي المكالمة و أشعلت جميع الأضواء الداخلية و الخارجية في بيت سيانا ، تأكدت إنها ذهبت فالنوم العميق ، وضعت عليها غطاءً و خرجت و أغلقت الباب خلفي ، أخذت سيارتي و انطلقت متوجهاً إلي بيتي .. وصلت إلى حديقة البيت فوجدت سيارة بها اربعة رجال ينتظرونني بداخلها ، خرج شخص من السيارة وأتى نحوي و قال :

– حمدا لله علي سلامة حضرتك .. اتفضل المفتاح ، احنا خلصنا الشغل و الحساب عشر آلاف جنيه ..

– إنتوا !! .. إنتوا مين ؟ ..

– احنا العمال إللي رجعنا الحيطان إللي كانت ساقطه جوا البيت عندك .. يا ريت حضرتك تتفضل تدخل تتمم على الشغل وتقولنا إيه رأيك و أنا هنتظرك هنا ..

أغلقت باب سيارتي و صعدت السلالم و دخلت البيت ، كان الضوء مطفأ ، أشعلته و نظرت لأجد صور زفافنا أنا وريموندا معلقة على الحائط و صور أخرى تجمعنا ببلدان مختلفةً مدون عليها اليوم و التاريخ ، إيطاليا فرنسا كندا بريطانيا ألمانيا أمريكا …. توجهت مسرعاً كالمجنون إلى خارج البيت لكي أسأل العامل ، فلم أجد غير السكون و لا يوجد أحد بحديقة البيت !!

أغلقت الباب و قمت بالاتصال بجميع شركات الطيران للاستفسار عن أقرب حجز ممكن ، و بالفعل وجدت حجز على رحلة الخطوط الجوية البريطانية ، و موعد إقلاع الطائرة خلال عشرة ساعات ، حجزت مقعدين على الرحلة و صعدت لغرفتي لكي أقوم بتحضير حقيبة السفر .
دخلت و أشعلت الضوء فوجدت الحقيبة بوسط الغرفة تماماً و كأنها تنتظرني .. تعجبت !! فقمت بسحبها بيدي لكنني شعرت بثقلها ، فتحتها وجدت ورقة صغيره مكتوب عليها ” ريمونا ” نظرت تحت الورقة لأجد ملابسي مرتبة و جاهزة فأغلقتها و حملتها بيدي و وضعتها بالسيارة ، أشعلت المحرك لكي أتوجه إلى بيت سيانا فوجدت سيارة سيانا قادمة و توقفت أمامي ، فقمت بأطفاء محرك سيارتي و نزلت متوجهاً إليها و هي تنظر لي من النافذة و قالت :

– أنت كنت رايح فين دلوقتي بعربيتك .. يللا علشان مافيش وقت معاد الطياره كمان ساعتين ..

– إنتي عرفتي أزاي إني حجزت و هنسافر .. و بعدين معاد الطياره كمات تسع ساعات ..

– ازاي أنت إللي حجزت أنا إللي حجزه والطياره كمان ساعتين مافيش وقت يللا ..

– طيب ثواني أجيب شنطتي ..

– تعالي هنا .. شنطتك معايا فالعربية أنت حطتها بأيدك الصبح ..

دار الحوار بيننا و كأن كل منا في عالمه الآخر ، لكن فالنهاية أصبحنا بداخل الطائرة نحلق فالجو ، كانت سيانا تجلس بجانب النافذة وأنا بالوسط و بجانبي الأآخر راكب بريطاني الجنسية ممسكاً بيده جريدة يقرؤها ، نظرت إلى سيانا وجدتها غارقةً في النوم ، فبدأ الملل ينتابني .. حاولت أن أغمض عيني لأستريح لكنني لا أستطيع ، عقلي مشغول و لا يكف عن التفكير ، طلبت قهوة .. فأتت المضيفه بها ، أغلق الراكب جريدته ليعطيني مساحة ، مددت يدي لأخذ الفنجان و أنا أشكره ، فلفت نظري خبر بالجريدة ، قمت بخطفها من يده و أنا أنظر على صورة ريموندا :

مرت ثلاثة أعوام كاملة على أختفاء التوأمين ريموندا و ريمونا راتشفورد ، كما أكدت شرطة ويست ميون ، و مازال البحث عنهم جاريا حتى الآن .. التفاصيل بالصفحة الرابعة ..

قام الراكب بتعنيفي و سحب الجريدة من يدي و وقف و ترك المقعد و ذهب ، فطلبت من المضيفه أن تحضر لي جريدة ، فأحضرت لي جميع الجرائد لكنني لم أجد الخبر بأي جريدة منهم ، فسألتها أين ذهب الراكب لكي أعتذر له ، فقالت لي لا يوجد أي راكب جلس على هذا المقعد منذ إقلاع الطائرة !!

***

هبطت بنا الطائرة بمطار هيثرو لندن الثانية عشر ظهراً ، ذهبنا لننتظر وصول الحقائب أمام السير المتحرك ، فأتت حقيبة سيانا و رفعتها بيدي و حملتها ، لكن حقيبتي لم تأتِ ، وقفت أنتظرها .. فقالت لي سيانا :

– مستني إيه يللا نمشي ..

– شنطتي ..

– أنت جيت كده و ماكنش معاك أي شنط ..

مشينا حتى وصلنا أمام المطار من الخارج و أصبحنا في الشارع ، وقفنا ننتظر الإشارة لعبور الطريق ، فوجدت صورة ريموندا ملتصقة على عمود الإشارة ، و أتت سيدة عجوز شعرها أبيض تتحامل على عكازين و نظرت للصورة و هي تتعبد و تبكي ومع تغير ضوء الإشارة للعبور اختفت هي و الصورة في الحال ، عبرنا الشارع و أنا أنظر خلفي بتعجب فتوقفت سيانا عن الحركة و وضعت يدها على وجهي لكي أنظر لها و قالت :

– أنا كمان شوفت إللي أنت شوفته ، و ياريت تمسك شنطتك علشان أيدي وجعتني كفايه إني شلتهالك من جوا المطار لحد هنا ..

أخذت الحقيبة من يدها و أنا أبتسم متعجباً ، أكملنا المشي حتي وصلنا داخل جراج السيارات أخذت سيارتي
ذو الدفع الرباعي و ذهبنا في طريقنا إلى بيتي بريف ويست ميون ، و الذي يبتعد حدود الخمسين ميل عن لندن ..
و في منتصف الطريق بدت الغيوم الشديدة و السحب الداكنة تتداخل و بدت الأمطار الممتزجة بالثلوج تتساقط ، قمت بتشغيل مساحات الزجاج لتعمل بأعلى سرعتها ، فغيرت سيانا موضع جلوسها و رفعت قدميها فوق المقعد و اتجهت بجسدها تنظر لي و قالت :

– بجد بجد الجو ده يرعب جدا و يستاهل حكاياتك يا ماما أنا خيفه .. احكيلي شوفتني إزاي يعني شوفت راسي مفصوله عن جسمي لاء لاء ، قولي لما أنا كلمتك عن الأتيليه كان شكلي عامل إزاي كنت خايفه و مرعوبه وبعيط .. لاء إستنا ، ما أنت مابتكملش أي حكايه لآخرها وبتعلقني وببقا عايزه أعرف .. مليون مليون حكايه معقده دخله فبعضها ، بصراحه نوعية المخدرات إللي انت بتاخدها دي عايزه أبوسها لأنك بتاخدها من هنا وبتبسطني أنا بالحكايات دي كلها .. طيب أحكيلي كل واحد من المجموعة مات إزاي يعني ممم مثلا نائل مات إزاي ، لاء إستنا روچينا كمل حكاية روچينا ماتت إزاي ، مصيبه لحسن أكون صحبتك زي ما حاكيتلي ، و مصيبه كمان لحسن أكون الأخيره زي ما قولت ، يا ماما أنا خايفه منك بجد لاء أنا عايزه أرجع مصر هههه … بصراحه أنا مش قادره أستنا لحد مانوصل و توريني قبر ريموندا و أختها ريمونا تحت الشجرة إللي جنب بيتك ، بس لو هاتوريني مكانهم بجد بجد يكون بالنهار اتفقنا .. همم مافيش حكايه جديده ، أنت آخر حكايتين قولتهم كانت عن شنطتك والست العجوزة ، أه صحيح أنت قولتيلي هتبقا تقولي معني التلات كلمات ” طيا ، چين ، سو “لما نسافر وأدينا سافرنا أتفضل قول …. ليه سايبني أكلم نفسي .. بوص لي … صوتك وعينيك وحشوني …. بحبك ..

قمت بلكمها على وجهها ، كُسر فكها و أنفها و بدأت الدماء تنزف كغيرها و غيرها و غيرها و غيرها بدأت دموعها تنهمر و هي تنظر لي و أنا أنفث الدخان لا أبالي أنظر إلي الطريق أمامي .. طريق حفظني و حفظته حفظت معالمه تفاصيله غيومه أمطاره ثلوجه بيوته أشجاره .. طريق من يأتي معي ناسجاً في خياله رواياتي و حكاياتي … أبداً لن يعد …

إيلينا : ثواني ثواني أنا مافهمتش مشهد رقم ستين إللي كانت فيه الست العجوزة و هي ماشه و اختف .

نائل : يا عاليا يا عاليا بليز هاتيلي الأكل بتاعي من المايكرويف .

رامي : يا جماعه إنتوا بتهزروا عايزين نلحق قبل النهار ما يشقشق .

سايانا : هو الأستاذ وصل من مصر أمتي ماحدش صحاني ليه .

شهد : طيب أنا عايزه أفهم موقف ريمونا اخت ريموندا فالسياق الدرامي .

رؤوف : أنا رجلي بتوجعني من التلج مش عارف هاكمل إزاي .

كرمن : و أنا عندي صداع من امبارح .

نادر : فين روچينا الملابس جهازه .

إيمي : فادي يا فادي .. يا فادي بوص لي . شعري مضبوط .

ناصر : ماحدش شاف الشاحن بتاعي .

رامي حامد : مش عايز حد يصحيني أنا شغلي خلصته .

ساندي : ياجماعه بليز صوتكم مش عارفه أركز و اقرأ الورق .

يوسف : عايز حد يضربني بالقلم علشان أفوق ، أأي الله يخربيتك يا سهر أنا كنت بهزر إيديكي تقيله .

بدر : في حد عايز بيتزا .

بسنت : أيوه أنا أنا إديني حته صغيره خالص علشان الدايت ..

فارقت الحياة بكل هدوء دون صوت ، لن تنفعل أو تصارع أو تعافر ، أغمضت عينيها و توقفت أنفاسها و أخفت الدماء معالمها الجميلة الرقيقة ، فالموت على يدي بطريقتي و حرفتي كالتنويم المغناطيسي ، فمئات رواياتي المنسوجة المحفورة بعقول ضحاياي و المليئة بالدهاء و الغدر و القتل و الرعب و الدماء ، بلدت مشاعرهم نزعت لهم أحاسيسهم من الخوف والرعب لمنظر الدماء ، فموتهم على يدي لا يسبب لهم أي صدمة أو معاناة قبل مغادرة أرواحهم الطاهرة البريقة أجسادهم ” فحكاياتي أنا و أنا حكاياتي ” سيانا لم تكن الأولي و لن تكن الأخيرة ، فالمجموعة بأكملها بانتظارها يرقدون في قبورهم تحت الأرض بسلام بساحة بيتي و بجانب تلك الشجرة ..

ريموندا هي أوائل رواياتي كانت وردة عمري و حياتي ، فهي من بدت ، مزقت قلبي .. كسرته فتته تفتيتاً ، فعندما رأيتها تفعل فعلتها اللعينة النجسة القذرة و هي تخونني ليلاً تحت تلك الشجرة عارية الجسد دون ثياب ، هرب مني من كان معها ، و بقيت هي كما هي أمامي ترتجف ..

إيلينا : لاء لاء . طيب ريموندا بريطانية يعني موش عربية أو شرقية كان سابها تروح لحالها و كبر دماغه ..

شهد : يا إيلينا دي مراته و هو راجل شرقي . لاء أنا مش معاكي ..

سهر : أنا مع إيلينا كان سابها تروح لحالها و كبر دماغه . ههه بس كان لابسها هدومها الأول ..

نادر : يا هبله أنتي و هي ما هو لو كان سابها تروح لحالها ماكنتش الرواية أتكتبت من الأساس ..

يوسف : عايز حد يضربني بالقلم علشان أفوووق .. إبعدي عني يا سهر أنتي بجد إيديكي تقيله ..

كارمن : فعلا أنا مع نادر ماكنتش الرواية أتكتبت ولا دفنهم كلهم معاها جنب الشجره ..

يوسف : طيب أنا عايز أفهم .. يعني كل ضحيه كان يقابلها بيحكلها الحكايه ولما يقتلها كان بيضفها
علي نفس الحكايه و يحكيها لضحيه جديده ؟ و كمان عايز أفهم هو ليه مأكتفاش بموت ريموندا وريح دماغه ..

سهر : أيوه يا مسطول كان بيضيف أسم الضحيه إللي بيموتها لحكاياته و عددهم يزيد و يحكي نفس الحكايه
لضحيه جديدة ، وبعدين لو أنت كنت فايق و واعي وقريت السكريبت لآخره ، كنت عرفت أن ريموندا كانت كل
حياته و بيسافر بريطانيا كل أسبوع و يقعد طول الليل يبكي على قبرها إللي دفنها فيه مكانها و بأيده جنب
الشجره لما شافها وهي بتخونه ..

يوسف : طيب أنتي ما قولتيش السبب أو الدافع إللي يخليه يقتل كل شويه واحد أو وحده من أصحابه .. ليه ماكتفاش
بموت مراته ريموندا ؟ وبعدين ليه قتل ريمونا أختها هي كمان و دفنها جنبها ؟!

عاليا : مهي سهر بتقولك يا مسطول لو كنت قريت السكريبت لآخره كنت فهمت .. ريموندا كانت بتخاف من الضلمه
والبيت إللي هو بناهولها في الريف كان بعيد و محدوف ، وبعدين هو ماقتلش ريمونا ، هو حابسها من سنين
في غرفه كبيره تحت البيت علشان شافته وهو بيحط المسدس علي دماغ ريموندا وبيموتها ، أما ليه بيقتل
أصحابه علشان قولنا ريموندا كانت كل حاجه في حياته وحبه الوحيد ، و علشان كانت بتخاف من الضلمه

جتله في الحلم بعد ما قتلها و كانت بتترجاه إنو يولع النور ، فالفكره دي نفذها في أول أسبوع لما ندم إنوا قتلها
أبتدا يوهم أصحابه إنوا عازمهم على رحله عنده في ريف ميون ، الشباب كان بيقتلهم بطريقة ، والبنات كان
بيعشمهم بالحب والجواز و بيقتلهم بطريقه تانيه ، علشان فعقله وفتفكيره إن جثث الضحايا هاتواسي جثة مراته
تحت فالقبر ، وَ ياريت بقا تفهم وتفوق يا ترجع مصر ..

يوسف : يعني أحنا عايشين ولا مقتولين !! … لاء لاء بجد عايز حد يضربني بالجزمه علشان أفوووق ..

روچينا : اخرس بقا بصوتك المزعج ده ..

***

مازلتم تقرؤون و تقرؤون و تقرؤون ، فإن كُنتُم تائهون مشتتون فأعلموا وتأكدوا أن تأثير التنويم المغناطيسي مفعوله معكم بدأ .. و الإجابة معي رحلة الطائرة على حسابي الخاص .. لندن … ريف ويست ميون .

تاريخ النشر : 2017-02-21
guest
19 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى