أدب الرعب والعام

اللعنة

بقلم : بنوتة سفروتة “ظل” – مصر

اللعنة
لقد نسي تماماً اللعنة التي تحل على من يقتل ساحراً مرتبطاً بروحه

حسناً سأشغِّل الكاميرا الآن ..

هل الصورة واضحة ؟

عفواً فأنا أحب التحدث مع نفسي كثيراً ، سأقف الآن معتدلاً حتى تروني ، أنا أدعى أحمد ، أعمل محاسباً بإحدى الشركات أو كنت أعمل ، أبلغ من العمر 25 عاماً .

سأقص لكم ما حدث معي فأنا أحتاج إلى من يصغي لي كما أنه ليس لدي الكثير من الوقت فهؤلاء العمال يريدون هدم منزلي .

اليوم الذي أتيت فيه للبلدة …

– حسناً ، أتمنى أن أكون عند حسن ظنكم .

ودعت رؤسائي بالعمل في ذلك اليوم ، كانت المقابلة الأولى لاستلام الوظيفة و بالفعل أثرت أعجابهم بأفكاري و شهاداتي الكثيرة تلك ، ثم غادرت أنا و صديقي خالد لرؤية منزلٍ للإيجار لأمكث به و بالفعل وصلنا لأحدهم .

كانت هيئته توحي بالاكتئاب بجدرانه المتشققة تلك و برودة جوه و الأغرب من ذلك تلك الرائحة التي استنشقناها عند دخولنا …

– ما هذه الرائحة ؟
– أشعر أني دخلت قبراً و أشتم رائحة الموتى تتحلل بداخله ، كيف ستمكث به يا أحمد ؟

ارتبك ذلك الرجل الذي أرانا البيت ، يدعي محروس هكذا أخبرنا هو ، توجه للنوافذ و أخذ يفتحها و كأنه بسباق متابعاً :

– ربما فقط لأن المنزل كان مغلقاً لمدة ، ثم نظر لرجل كان يقف خلفنا ملامحه باردة و كأنه تمثال ، ثم وقف بجانبه مطأطئاً رأسه للأرض و تابع :

– سيدي ، هؤلاء من يريدون استئجار المنزل .

لم يتكلم ذلك الرجل بل هز رأسه و هو ينظر لي و لصديقي ثم التفت و ابتعدت خطواته قليلاً ، وجدت صديقي يهمس لي متابعاً بضحك :

– ما جو حريم السلطان هذا ؟

لم أستطع أنا و صديقي ” خالد ” تمالك أنفسنا من الضحك خاصة ذلك الرجل” أيوب” كان يشير لنا بخوف بيديه أن نصمت و كأنه سيتم قطع رأسه إن تابعنا الضحك ، استدار لنا ذلك الرجل قبل أن يخرج و نظر لنا نظرة باردة صمتت منها على الفور و أسكتت صديقي .

لم يكن صمتي خوفاً من نظرته بل ما رأيته بهما على عكس صديقي ، برغم أن ذلك الرجل كان يقف بمكانٍ مظلمٍ عند مدخل المنزل ، إلا أني رأيت عينيه تتحولان للأسود تماماً عندما نظر لي ، لم يكن يهيأ لي ، حتى محروس رأى ذلك ، هناك شيء غريب يحدث !!

هنا قطع صديقي شرودي متابعاً :

– هل ستمكث بهذه المقبرة ؟ سحب يدي متابعاً … هيا سنجد مكاناً أفضل من هذا .

– لا ، لن أذهب لمكان آخر .

– ماذا ؟
ذلك الرد كان صادماً له كصدمتي برؤية عين الرجل ، تابعت قائلا :
– المكان يعجبني كما أنه قريب من العمل و سعره بخس جداً .

لكن في الحقيقة كنت بداخلي أردد … يجب أن أعلم ما يحدث ، فقد كنت عنيداً جداً ، كما أني معروف بتهوري وسط أصدقائي ، لكن لم أعلم أن تهوري هذا سيحول حياتي جحيماً .

– حسناً يا صديقي ، سأدعك الآن و أذهب لشراء بعض الطعام .

ما إن غادر خالد حتى أخذت ألقي نظرة على المكان ، لقد كان المنزل يتكون من طابقين و أرضيته من الخشب حتى السلالم كذلك ، كم كانت مزعجة عندما أطأ عليها بقدمي فتصدر صريراً يذكرني بأفلام الرعب .. أو أنها ستقع بي بأي لحظة.

صعدت إلى الطابق العلوي ، كانت به غرفة واحدة بنهاية ذلك الممر الذي كانت جدرانه عليها خربشات لأظافر ، تبدأ من نصف الجدار و تنتهي داخل تلك الغرفة أو العكس .. لا أعلم ، وضعت يدي عليها فلاحظت شيئان …

الأول أنها صغيرة جداً على أن تكون ليد بشري ، و الشيء الثاني أنه مهما كان هذا الشيء فيبدو أنه كان متمسك بشدة بالجدار و يبدو أيضاً أن أحداً ما كان يسحبه للداخل .

حدثت نفسي و أنا أمسك مقبض الباب ، ماذا سأجد بالداخل ؟ شبحاً أم سفاحاً أم ماذا !! فتحت الباب بهدوء و أنا ألقي نظرة بالداخل ، و سرت برودة الغرفة إلى جسدي و شعرت بعدم الطمأنينة ، كانت الغرفة مظلمة و رائحتها لا تختلف عن رائحة المنزل ، بل ربما هي مصدر تلك الرائحة ، شعرت أني سأتقيأ منها .

و المثير للضحك أني سمعت صوت صديقي يناديني متابعاً :
– لقد أحضرت الطعام ، فلتأكله بمفردك إذاً .

حل المساء و غادر صديقي و ظللت أنا وحدي بالمنزل ، دخلت غرفة بالطابق السفلي و وضعت فيها أغراضي ، فأنا لا أحب العليَّة فهي تشعرني بالاختناق ، وجدت خزانة قديمة
فاقتربت منها لأضع بها أغراضي و توقعت أن أجد بها غباراً أو شيئاً كهذا ، لكن ما وجدته كان شيء آخر .. لقد كان قطاً أسود يجلس بالخزانة و ينظر إلي ، عيناه ذكرتني بذلك الرجل الغريب ، ما إن استعذت بالله حتى رأيته ينقض عليَّ و بردة فعلي فقد أغمضت عيني و أنا أحمي وجهي بيدي ﺳﺮﻳﻌﺎً ، ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻓﺘﺤﺘﻬﺎ حتى ﻟﻢ ﺃﺟﺪ ﺷﻴﺌﺎً ﺑﺎﻟﻐﺮﻓﺔ ، ﻭﻗﻔﺖ ﺣﺎﺋﺮﺍً ﻭ أﻧﺎ ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ إﻟﻲ ﺃﻳﻦ ﺫﻫﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻂ ؟

ﻟﻜﻦ ﻏﻠﺒﻨﻲ ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ ﻓﺘﺠﺎﻫﻠﺖ ﺍأﻣﺮ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ قطاً مختبئاً ﻭ ﻫﺮﺏ ، ﺧﺎﺻﺔً أﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ، خلدت للنوم لكني استيقظت قرب الفجر لا أدري من شعوري أن أحداً ما يراقبني أم من تلك الأصوات المزعجة لقطط !! أخذت ألعنها بسري قائلاً :
– قطط و بهذا الوقت ؟ كم أنتم مزعجون …

لم أكمل كلامي حتى انتبهت لصوت آخر ، لكن الصوت كان قريباً مني و كأنه معي بالغرفة ، كان صوت أحدٍ يهمهم ، إنه أشبه بزمجرة ذلك القط ، ما إن نظرت تجاه الصوت حتى انتصب شعري من الرعب ، لقد كان رجلاً أو شيئاً ما يشبهه بالجسد لا أدري ، كان ينظر تجاه الحائط و ظهره لي ، ظل يترنح للأمام و الخلف من دون أن يحرك قدميه و كأنها ملتصقة بالأرض متابعاً إصدار ذلك الصوت

جلست مكاني و أنا أرتجف من الرعب لا أفعل شيئاً سوى مراقبته و مراقبة الباب ، فأنا أريد الهروب بأسرع ما لدي من هذه الغرفة ، لكنه يقف بجانبه ماذا سأفعل ؟
لم أجد ملجأ سوى أن أغمض عيني و أقرأ بعض الآيات و بالفعل فعلت ذلك و سرعان ما سمعت آذان الفجر و على صوته اختفى صوت ذلك الرجل .

فتحت عيني بهدوء فلم أجده ، التقطت أنفاسي و أنا أحمد الله ، لقد شعرت و كأني قد عدت للحياة من جديد ، قمت وصليت الفجر و ظللت مستيقظاً إلى أن أشرقت الشمس ، فلا أريد أن أتأخر بأول يوم لي بالعمل ، و بالفعل ارتديت ملابسي ثم ذهبت ، وجدت صديقي هناك بالشركة و قابلني بضحكات سخرية قائلاً :
– كيف كانت ليلتك الأولى بالمنزل ؟

تمنيت وقتها لو ظل و شاهد ما حدث معي عقاباً له لكن اكتفيت بقول .. لابأس بها.

– حسنا ، هيا حتى لا نتأخر على العمل .

****

– تلك الأصوات المزعجة للقطط مرة أخرى ..

اصمتي كفاكي إزعاجاً ، آه كم أتمنى لو أستطيع قتلها … حسناً ماذا كنت أقول ؟ نعم ذهبت للعمل و سار اليوم على ما يرام حتى عدت للمنزل .. ذلك المنزل يجعلني أجن.

و قبل أن أمسك مقبض الباب للدخول وجدت شخصاً ما أمسك يدي ، لقد كانت امرأة عجوز و معها قطها .

– عفواً من أنتِ ؟

لم ترد على سؤالي بل أشارت لعلية المنزل قائلة :

– أبعدهم عن منزلي إنهم يخيفون قطي .

– ماذا ؟ و أبعد من ؟

تجاهلتني و كأني لم أقل شيئاً ثم انصرفت و هي تنظر مرة أمامها و مرة لعلية المنزل ، تعجبت منها ثم قلت لنفسي … إمرأةٌ مجنونةٌ .

دخلت ثم أغلقت الباب خلفي و يبدو أن صوته أزعج أحداً ما ، هه ربما لصاً بالطابق العلوي صدى خطواته لا ينقطع من رأسي ، وضعت معطفي ثم أمسكت عصا كانت بجانبي و تسللت شيئاً فشيئا للأعلى ، و بالرغم من أن صوت أزيز السلم كان عالياً إلا أن الشخص الذي بالأعلي مازال يتحرك بحريته ذهاباً و إياباً و كأني شبح !!

أمسكت مقبض الباب و أنا أسمع خطواته مازالت بالغرفة و ما إن فتحته لم أجد شيئاً لكن الصوت توقف ، نظرت باستغراب متابعاً … من منا الشبح الآن ؟!

أغلقت الباب خلفي و قبل أن ابتعد بخطواتي عاد الصوت من جديد ، شخصٌ أو شيءٌ ما يتحرك بالداخل ، فتحت الباب هذه المرة بسرعة ربما ظننت أنه لن يستطيع الاختباء
ماذا أقول أنا ؟ بالفعل هذا المنزل يدفعني للجنون ، و هذه المرة أيضاً توقفت الخطوات و لم أجد أحداً .

هه لكم أن تتخيلوا الآن لو تكلم هذا الشبح لقال لي .. ألا تستطيع الطرق أولاً ؟
لم يشعرني بالرعب على قدر ما أضحكني هذا الموقف .

حسناً ، الآن دعوني أقص عليكم ماذا حدث بالليل ..
استيقظت على صوت الخطوات تلك و قررت أن أرى مايحدث ، لكن قبل أن أتحرك من مكاني انقطعت الكهرباء ، هه يبدو أن الأشباح بمنزلي تعد لي حفلاً ، لحسن حظي كان معي مصباح أخذته و صعدت للغرفة و لم أجد شيئاً أيضاً ، لكن قبل أن أغلق الباب سمعت شخصاً ما يناديني من الداخل .

– أحمد ، تعاااال إلي .. و يتكرر هذا النداء .

لقد كان صوتاً أنثوياً و كأنه لفتاة في بداية شبابها ، كان ناعماً جداً و فيه قليل من البرودة ، أنرت المصباح بالغرفة يميناً و يساراً حتى وقعت عيني علي شيء شاب شعري منه ، لقد كان هذا الصوت يصدر من قط يجلس بالظلام و ينظر إلي !! لم أستطع تمالك نفسي فوقع مني المصباح و تركت قدمي تسابق الريح حتى وجدت نفسي بالخارج ، و صوت الضحكات يرتد صداها بأرجاء المنزل .

نظرت فوجدت تلك العجوز تطل علي من وراء نافذتها و كأنها تقول … ألم أخبرك ؟
لكن تخبرني بماذا ؟ ما الذي يحدث ؟
قررت أن أذهب للمبيت عند صديقي فلن أستطيع المكوث أكثر هنا خاصة بالليل ، كما أن منزله ليس بعيداً .

أغلقت الباب و أنا خائف من أن يسحبني شيء للداخل ، هه و كأني أخاف على المنزل من اللصوص ؟ حري بي أن أخاف على اللصوص و ليس العكس ، المهم ذهبت إلى صديقي و تعجب من قدومي بهذا الوقت .. الخ ، رمقته بتلك النظرة التي تعني… ألن تنتهي ؟ الجو قارس يا رجل دعني أدخل .

صمت صديقي و دخلت و أعد لنا كوبين قهوة ثم قصصت له ما حدث من أول يوم مكثت به في ذلك المنزل ، أنا إن كنت سأجن فلا أريد أن أجن وحدي ، بالطبع لم يصدقني فأخبرته أننا سنذهب للمنزل غداً ، و بالفعل حل الصباح و ذهبنا لكن لم نجد شيئاً ، حتى آثار تلك الأظافر على الجدران اختفت و كأنها لم تكن .

تركني صديقي و هو يربت على كتفي قائلاً :
– تحتاج للراحة يا صديقي ، سأخبر المدير أنك مرضت فجأة .

غادر و صدى إغلاق الباب خلفه كصفعة تلقيتها على وجهي تعني شيئاً واحداً أني فعلاً جننت ، لكن كيف هذا و كلمات تلك العجوز و أيضاً ذلك الرجل رأى عينيه ، مهلاً .. خطر ببالي أن أذهب لذلك الرجل ربما يعلم شيئاً عما يحدث !

لكن أولاً هناك شيء ما سأفعله ، غادرت سريعاً و أغلقت الباب خلفي ، و بعد وقت عدت و أنا أحمل حقيبة بها جهاز لاب توب و أيضاً كاميرات ، ثبتها بكل أرجاء المنزل و كان قد حل الليل و شعرت بالنعاس فتركت الجهاز يسجل ما يحدث و استغرقت بالنوم و لا أدري كيف حل الصباح سريعاً فهذه أول مرة أشعر فيها بلذة النوم بهذا المنزل .

ألقيت نظرة سريعة و على إثرها ابتسمت ثم نظرت حولي متابعاً … الآن سأفضح سرك .
حملت حاسوبي و خرجت سريعاً فلا أريد أن يرد هو علي بالمقابل ، طرقت باب صديقي و دخلت مسرعاً و هو ظل يراقب ابتسامتي تلك و أنا أضم ذلك الجهاز بيدي و كأنه كنز ، هه بالفعل هو كنز بالنسبة لي أو بالأحري ما بداخله …

– ماذا ؟
– لا شيء .. اجلس .

جلست ثم فتحت الحاسوب على الشريط و أنا أنتظر و أنتظر و ابتسامتي تخف تدريجياً ، و هو يظل يسأل متابعاً .. ماذا هناك ؟
لا شيء ، لا يوجد أي شيء بالفيديو !! إنه خالي تماماً كيف ذلك ؟ و أنا قبل أن آتي رأيت ذلك الرجل يجوب المنزل ذهاباً و إياباً .

دفعت الحاسوب بيدي بعيداً ثم اتكأت على الكرسي و أنا أضع يدي على وجهي من خيبة الأمل ، و صديقي بجانبي لا يعلم ما الذي يحدث ؟
حتى فاجأني قائلاً و هو يضحك :
– هل هذا ما تريد أن تريني إياه ؟ لم تصور نفسك ؟

– ماذا ؟ أزلت يدي من علي وجهي و أنا أنظر للحاسوب بيده ، الصورة تتشوش ثم تعود لأجد نفسي أقف أمام الكاميرا لا أفعل شيئاً سوي النظر ، لكنني كنت نائماً .. كيف ذلك ؟ و لا أدري لمَ شعرت أنه يراقبني ، فكلما ابتعدت يميناً و يساراً عيناه تلاحقني .

صرخت بصديقي قائلاً :
– هذا ليس أنا ، لقد كنت نائماً .

– لا أفهم شيء ، ضحك ثم قال أكمل .. هل ستعود لقصص الأشباح من جديد ؟

دفعت صديقي و تركته يضحك ثم هممت بالخروج حتى فاجئني صراخه و هو ينادي علي … ركضت نحوه و أنا أراه يشير للحاسوب ، كل الكاميرات بدأت بالظهور بعدما كانت فقط صورة صالة المنزل هي من تعمل ، ليس هذا ما أرعبه بل ما رآه بها ، لقد كنت أقف بكل مكان بالمنزل أراقب الكاميرا و في نفس الوقت !! ثم بدأ وجهي بالصورة يتشوه و أيضاً صوتي ليشبه صوت ذلك الرجل الذي كان بغرفتي ، و الغريب أن ذلك الوقت يشير للآن .. نسيت أن أخبركم أني أستطيع مراقبة المنزل بحاسوبي الذي معي .

ظللنا نراقب ما يحدث و أفواهنا مفتوحة من هول الموقف ، هه و مازاد علينا عندما وجدنا الصورة بدأت تعمل على التلفاز ثم الحاسوب الآخر ثم الراديو ليصدر ذلك الصوت ، و لم نشعر بأقدامنا إلا و هي تسابقنا خارج المنزل .

نظر إلي صديقي و كأنه يقول … لقد صدقتك الآن .
– حسنا ماذا سنفعل ؟ هكذا تابع صديقي .

– سنبدأ من حيث بدأ الأمر ، أيوب.

أوقفنا سيارة أجرة و تابع خالد بإعطاء السائق العنوان ، و أنا أشعر بالاطمئنان أن شخصاً ما معي بهذه القصة ، توقفنا عند باب منزل محروس و طرقنا الباب مرات و مرات لكن لا يجيب أحد ، كنت سأغادر لكن قلت لنفسي لم لا ألقي نظرة من النافذة ، هه و من حسن حظي لمحته يقف خلف الباب و هو يتنفس الصعداء عندما رأى صديقي مغادراً .

أسرعت و ركلت الباب بقدمي و خالد يصرخ متابعاً … ماذا تفعل ؟
فتح الباب بالفعل فقد كان قديماً ،جيد أنه لم يحطم ، وجدنا أيوب ينظر لنا و الخوف بادي عليه ، هل تعلمون ذلك المرافق للشرير الذي يخاف من ظله و أيضاً يكون متعطشاً للمال ؟
إنه هو صديقنا محروس .

كان الأمر بغاية السهولة أن نجعله يعترف بكل ما يحدث بذلك المنزل ، أرعبناه تارةً و أعطيناه المال تارةً أخرى و هكذا استطعنا إقناعه ، فتكلم قائلاً :

– هذا المنزل يعود لسيدي ، لقد كان ماهراً بالسحر .
– أتقصد من كان معك ؟ هكذا تابعت أنا.
– لا هذا يكون تلميذ لديه ، سيدي كان يعلمه السحر لكن بقدر قليل لم يشبع رغبة ” عزيم ” ، لقد علم أنه يخبئ كتب أسرار عالم السحر بمكان ما ، سلط على سيدي واحداً من الجن كي يعلم مكان الكتب .

أمسك كوب ماء و لا أدري أيهما أعلى .. صوت دقات قلبه تلك التي كالطبول أم صوت ابتلاعه لريقه ، المهم أكمل حديثه و صديقي لا يصدق ما يسمع …

– علم سيدي أن هناك جني يتجسس عليه فهو كان كما يقال ( داهية بالسحر ) ، علم من ذلك الجني قبل أن يحرقه أن عزيم هو من كلفه بهذا لمعرفة أماكن كتب السحر ، استدعاه سيدي لكنه لاذ بالفرار لأنه يعلم مصير الخائن من السحرة ، لقد كان ينفى لعالم الشياطين لتستولي على جسده و تجعله خادماً لها ، هه بعدما كان هو سيدها ..

تابع محروس ..

– لكنه عاد بيوم ليأخذ تلك الكتب فهو لن يمل حتى تصبح ملكه بما في داخلها من أسرار ، و بالطبع سيدي أمسكه و قبل أن يفعل شيئاً بادر عزيم بطعنه بسكين و توالت الطعنات حتى سقط و أغرقت دماءه أرضية الغرفة ، لقد نسي تماماً اللعنة التي تحل على من يقتل ساحراً مرتبطاً بروحه ( أي كان معلمه ) ، بالطبع لا تعلم عن قسم السحرة ؟

نظر لي موجهاً هذا السؤال ، و أنا فقط اكتفيت بإيماءة تعني لا ، تنهد ثم تابع قائلاً :

– هذا قَسَم لمن يريد تعلم السحر مباشرة من كهنة معبد السحرة ، يتعهدون باطاعة أوامر معلمهم و عدم خيانته أبداً ، و من يخالف ذلك القسم تصاب روحه بلعنة ، و بالتالي تلك اللعنة حبست روح عزيم بذلك البيت فهو لا يستطيع الخروج منه إلا إذا قدّم روحاً أخرى فداءً له .

بالطبع ستسألني كيف؟ نظر لي منتظراً سؤالي لكني فقط تابعت النظر له ، اعتدل بجلسته ثم تابع قائلاً :

– لقد حاول أن يجرب تعويذة إبطال اللعنة على القطط السوداء فقط لأنها ترمز لحراس العالم السفلي .

قاطعته قائلاً :
– مهلاً ، أنت قلت أنه كان حبيساً بالمنزل ، فكيف خرج و أحضر تلك القطط ؟

– سأخبرك ، وجوده على قيد الحياة يجعله فقط حبيس الليل ، حاول كثيراً الهرب لكن عند غروب الشمس كان يجد نفسه بالمنزل مرةً أخرى حتى يئس من الأمر .. ظل هكذا حتى انتحر و صار حبيساً بالليل و النهار ، هناك شيٌ ما بذلك المنزل دفعه لذلك .

– انتحر ؟ من انتحر ؟!! لقد رأيته معك في ذلك اليوم عندما حضرت معنا للمنزل .

– لا لقد كانت روحه ، فعل ذلك ليوهمكم .

– هه و كيف خرجت من المنزل ؟

اقترب مني هامساً .. و من قال لك أنها خرجت من منزلك .

تراجعت و عيناي جاحظتان من الرعب ، هل كنت كل هذا الوقت أسكن معه؟ لكن ما الفرق ؟ فالمنزل مليء من البداية بالأشباح ..

– لكن لماذا تساعده أنت إن كان قتل سيدك ؟

ضحك متابعاً :
– سيدي ؟ المصالح لا تعرف سيدي و سيدك .

خرجت أنا و صديقي و أنا لا أدري ماذا أفعل ؟
لقد تم نصب الفخ لي و قد وقعت فيه ، أتيت إلى هنا كي يتم التضحية بي و أصبح قرباناً ؟ بماذا أوقعني فضولي ؟ وضعت يدي على رأسي و أنا أشعر أني بمتاهة ، فهو بالتأكيد لن يدع فريسته ترحل .

وجدت صديقي يسحبني و يقول :

– ماذا تنتظر ؟ هيا سأعيدك إلى بلدتك ، هل تريد الانتظار حتى يقتلك ذلك الرجل ؟

– حسناً .

غادرت أنا و صديقي حتى أني لم ألتفت لذلك المنزل ، لكن لسوء حظي .. فقد تذكرت أن جواز سفري تركته بالمنزل ، آه يا لغبائي ماذا سأفعل ؟ لم يكن لدي حل سوى أن أعود و ياليتني لم أفعل .

عدنا للمنزل و انتظرني صديقي بالسيارة ، و لا أدري ماذا حدث بعدها سوى أني سمعت صوت الباب يغلق علي ، بعدها استيقظت ليلاً و لا أدري متي غفوت ، وجدت نفسي بغرفتي نائم على الأرض .

حاولت تذكر ما حدث لكني لم أستطع ، فهرعت إلى باب المنزل أحاول فتحه لكن بلا جدوى ، و كأنه تم إغلاقه من الخارج حتى أني صرخت مراراً و تكراراً و لا أحد يجيبني ، تذكرت شباك غرفتي فهرعت إليه و قفزت منه ، توقعت أني سأجد نفسي بالخارج لكن وجدت أني بغرفتي مرةً أخرى ، ما الذي حدث لي ؟ هذا ما أريد أن أفهمه .

نظرت مرةً أخرى من النافذة ، ربما أرى أحداً يساعدني ، ناديت بأعلى صوتي حتى أخيراً سمعني شخص ما و نظر لي ، شخص يرتدي قبعة تخفي نظراته و يرتدي معطفاً و بيده سيجارة ، نظر لي ثم ألقى سيجارته و تابعها بدعسة من قدمه ثم نفخ الدخان باتجاهي و ابتسم لي ثم غادر .

هل تعلمون من كان ؟ لقد كان ذلك الساحر الملعون ، هذا يعني أنه تحرر من لعنته و أنا حبست هنا ، أنا أراه الآن يقف بالخارج و يشير لعامل أن يهدم البيت ……

صوت تحطم البيت و اختفت الصورة …
– ما هذا الشريط ؟

– لا أدري وجدته داخل الكاميرا بالحطام ، هي تحطمت لكنه مازال سليماً ، فلنرى ما به فيما بعد .

حل المساء و تقدم الرجل من جهاز الفيديو ليضع الشريط و شغل ….

– قدم الصورة ، مازال فارغاً .

انتظر فلنقدمه للنهاية ..

أيضاً مازال فارغاً ، الشريط فارغ تماماً لا شيء سوي غرفة فارغة حتى يأتي وقت الهدم .

تركوا الشريط و غادروا مرددين :

– ما بال هذا المنزل و ماقصة الشبح ؟

– لا أدري ، لكني سمعت أنه كان هناك شاب يسكن بذلك المنزل و قتل منذ ثلاث سنوات ، و منذ ذلك الوقت يسمعون صراخه بنفس الوقت الذي قتل به كل يوم .

– جيد أنهم هدموا المنزل .

صوت إغلاق الباب يقاطع صورة على الشاشة ، تشويش ثم شخص يظهر من بعيد و يقترب و يقترب .

الآن تعلمون من أنا ، جميل أن أجلس هنا لأحدثكم ، لكن تلك النظرات تلاحقني ، ذلك العامل خلف الشاشة و هو يراقبني أعبث بهاتفه لأسرد لكم قصتي ، مسكين ، ربما أكون تحررت من ذلك المنزل و أيضاً الشريط لكن مازال هناك خطوة أخيرة ..

لم أسرد لكم قصتي لأني أحتاح إلى من يسمعني ، هه بل لأني أريد مكانك انت ، نعم أنت من دفعك فضولك لقراءة قصتي ، ألا تعلم أن الفضول قتل القط ، جميل أن أراقبك من ذلك الركن المظلم بغرفتك أو بتلك المرآة أمامك أنظر لك و أنت مهتم بتفاصيل حياتي ، لم تنظر حولك ؟
لا تقلق سآتي إليك ..

فقط … انتظرني

تاريخ النشر : 2017-02-28
guest
50 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى