ألغاز علمية

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك

بقلم : رواد – القطيف – السعودية
للتواصل : [email protected]

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك
هناك أناس كثر تعج ادمغتهم بالطفيليات والفيروسات وهم لا يعلمون !

حان الوقت لنستمتع ببعض قصص الوحوش، والأكثر إخافة منهم هم الوحوش الموجودة فعلاً.

انضم إلينا لنتشارك بعض أكثر قصص الطفيليات إخافة – هؤلاء الذين يتحكمون بعقل مضيفهم الإنسان، وتترك أحياناً الجنون والموت في أعقابها، هذه المخلوقات التي تعيش في أجسام مخلوقات أكبر منها وتتحكم فيها.

الطفيلي الماكر

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك
هذا الطفيلي قادر على التسلل لدماغك

Toxoplasma gondii  التوكسوبلازما على رأس القائمة من حيث الأكثر شهرة – والأكثر إثارة للجدل – من الطفيليات.

هذا الأوّلِي الصغير لا يبدو وكأنه أكثر من مجرد فقاعة، ولكن بمجرد أن يشق طريقه إلى المخ، فسيستطيع أن يحدث تغييرا جذريا في سلوك مضيفه من الفئران والقطط، ونعم، حتى البشر.

مضيف التوكسوبلازما الأصلي هم القطط، حيث تستقر بيوضها (المعروفة باسم “البويضات” أو “خلايا البيض”) في براز القطة، تنتظر أن يتم انتقاؤها من قبل ناقل مثل الفئران، ما أن تصبح آمنة ودافئة في أحشاء مضيفهم المؤقت، حتى تبدأ البويضات بالتكاثر السريع، تلك النقط الصغيرة المتواضعة التي تستطيع فعلاً أن تسبب بعض الأضرار، تهاجر إلى عيون، وعضلات وعقل مضيفهم، حيث يمكن أن تبقى مختبئة هناك لعقود دون فعل أي شيء.

لكن حينما تأتي اللحظة المناسبة لتضرب، التوكسوبلازما الصغيرة تغير كيمياء مخ مضيفهم، الفئران المصابة تفقد خوفها من عدوها القطة، بل وتنجذب لرائحته! فتقفز بلا خوف إلى مخالبه، حيث تموت وتعيد التوكسوبلازما إلى القطة لتبدأ دورة وضع البيض من جديد.

مخيف نوعاً ما ولكنها ليست بدرجة الكوابيس، إلا أن الفئران ليست المضيفة الوحيدة التي قد تسكنها التوكسوبلازما، ويقدر بعض الباحثين أن ما يصل إلى 30 في المئة من الناس على وجه الأرض – أكثر من مليارين منا – يحملون التوكسوبلازما في أدمغتهم.

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك
القطط مخلوقات رائعة الجمال .. لكنها ايضا ناقلة للكثير من الامراض .. لذا يجب تلقيحها وتنظيفها باستمرار

وماذا يحدث للبشر المصابين بالتوكسوبلازما؟ قد يصبحون آخذين بالمجازفات، ردات فعلهم تقل، أو قد يصبحون حساسين جداً… وفي الحالات الحادة، قد تسبب انفصاماً في الشخصية.

وقد وجدت بعض الدراسات أن حالات الفصام ارتفعت بشكل حاد في حوالي مطلع القرن العشرين، عندما أصبحت تربية القطط في المنازل أمراً شائعاً.

ورقة أخرى نشرت في مجلة  Royal Society B، جادلت بأن في المناطق التي تكون فيها معدلات الإصابة بالتوكسوبلازما مرتفعة فإن هذه الطفيليات الصغيرة يمكن أن تغير بشكل تراكمي في الأنماط السلوكية للثقافات بأكملها، و وجد الباحثون أن للآباء المصابين فرصة 30 في المئة بتمرير الطفيلي إلى أطفالهم.

وانظر في هذا: قدر الباحثون أن أكثر من 60 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها- يحملون التوكسوبلازما حالياً، ومعظم هؤلاء ليست لديهم فكرة، لأن هذه الطفيليات غالباً لا تسبب أي أعراض على الإطلاق .. حتى اليوم الذي تضرب فيه.

أميبا الجنون

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك
هذه الكائنات الدقيقة تشبه الوحوش!

إذا كنت تمشي في البرية، فابق بعيداً عن المسطحات المائية الراكدة الدافئة العذبة، مهما كنت عطشاً، هذه البرك الصغيرة غالباً ما تستضيف Naegleria fowleri النيجلرية الدجاجية، نوع من الأميبا التي تحب أنسجة الدماغ البشري، تقضي فترات طويلة في التسكع على هيئة كيس، وهي كالكرة المدرعة الصغيرة التي تقاوم البرد والحرارة والجفاف.

ما إن تدخل جسم المضيف، حتى تتحرك وتتحول إلى شكل يسمى بالأُتروفة (الدور النشيط من دورة حياة الحيوان الأولى)، وبمجرد تحولها، تتوجه مباشرة إلى النظام العصبي المركزي للمضيف، تابعةً للألياف العصبية بحثاً عن الدماغ، وما أن تستقر حتى تبدأ بالانقسام، تنقسم وتتضاعف ملتهمةً خلايا الدماغ، فيدخل المضيف في حالة من عدم الراحة، حتى يفقد وعيه في غضون ساعات.

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك
مياه هذه البرك قد تبدو رائعة .. لكنها تعج بالطفيليات

تبدأ الأعراض بتغييرات في حاسة التذوق والشم، وربما بعض الحمى والتصلب، وعلى مدى الأيام القليلة المقبلة، وباستمرار حفرها في الدماغ، يبدأ الضحية بالشعور بالارتباك، يعاني من مشكلة في الانتباه، ويبدأ في الهلوسة.

ومع فقدان الدماغ للسيطرة، يأتي فقدان الوعي، وماهي إلا أسبوعين حتى يموت الضحية، على الرغم من أن رجلاً واحداً في تايوان استطاع مقاومتها لـ 25 يوماً قبل أن يتوقف جهازه العصبي.

على الرغم من أن الاصابة بالنيجليرية الدجاجية نادر – في تاريخ جميع أنحاء العالم عدد المصابين فقط بالمئات- فإنها دائما ما تكونً قاتلة، ومن الصعب علاجها قبل انتشارها وخروجها عن السيطرة، ومع ذلك، فسيكون من الحكمة أن تتجنب البرك الدافئة من المياه الراكدة، لئلا ينتهي بك الأمر مع ضيف غير مدعو في دماغك.

الفايروس المسبب للخوف

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك
كلب مسعور ناقل لداء الكلب .. مرض يصيب الدماغ ولا علاج له

لطالما تم منعنا من الاقتراب من القطط البرية والكلاب، وألا نضايق الحيوانات التي تتجول في شوارع المدينة، قد تبدو ودية، إلا إنها قد تحمل فايروس داء الكلَب القاتل، الذي لا يسبب دائماً رغوة الفم، إلا أنه يغير وظائف مخ ضحاياه.

هذا الفايروس- الذي يشبه في شكله الرصاصة – صغير جداً ومتخفٍ بارع، فهو دائماً ما يتمكن من الهروب من نظام الجسم المناعي، وهو لا يحتاج إلى دعوة للدخول إلى جسم مضيف جديد، فمجرد جرح بسيط سيفي بالغرض، وبمجرد وصوله إلى مجرى الدم، حتى يهجم على الخلايا ويحولها إلى مصانع إنتاج داء الكلب التي تنتج الآلاف من النسخ من الفيروس، وما أن ينمو المهاجمون في العدد – حتى يشقوا طريقهم الى الجهاز العصبي للمضيف قاصدين الدماغ.

لكن فيروسات داء الكلَب لا تستقر في أي مكان في الدماغ، بل إنها تسعى على وجه التحديد إلى الحصين، اللوزة المخية والمهاد، وهياكل الدماغ التي تلعب دورا أساسيا في الذاكرة، والخوف والانفعال.

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك
فايروس داء الكلب .. يصيب طيف واسع من المخلوقات وليس الكلاب فقط

هي لا تلتهم خلايا الدماغ بشكلٍ عشوائي، بدلا من ذلك فهي تغير طريقة إفراز الخلايا للناقلات العصبية مثل السيروتونين، GABA، والمخدرات الذاتية، وبعبارة أخرى، في تحول كيمياء الدماغ الخاصة بمضيفيهم ضده.

بالنسبة للحيوانات المصابة بداء الكلَب، فهي في أغلب الأحيان تهجم على أي شيءٍ حيٍ قريب منها، لكنه خوفٌ أكثر منه غضب، أما بالنسبة للبشر المصابين بداء الكَلب، فسيصابون بالرعب من الماء ونفث الهواء، ما يجعلهم يتراجعون ويرتعشون غير قادرين على السيطرة على أنفسهم.

إن لم يعالج المصابون بالعدوى بسرعة، فإن حيرتهم وارتباكهم سيزداد بالإضافة إلى الهلوسة، يهجمون بعنف على تهديدات يتصورونها والمارة التعساء، سيفقدون قدرتهم على النوم، يعرقون بغزارة، وفي النهاية يصابون بالشلل بسبب تحول وظائف دماغهم إلى حالة فوضى، وبعد بضعة أيام، يصل الشلل إلى القلب والرئتين، فيقعون في غيبوبة ويموتون.

ما أن يصاب الانسان بهذا المرض، فإن فرص بقائه على قيد الحياة مستحيلة، حتى الآن، نجا أقل من 10 أشخاص من عدوى داء الكلب في المرحلة الخطرة ، هذه الحالات العشر هي الوحيدة المسجلة تاريخيا على مستوى العالم ، ويرى كثير من الأطباء أن هذا المرض غير قابل للعلاج، ومن الأخبار الجيدة أنه رغم ذلك يمكن الوقاية من المرض بسهولة مع لقاح، إذا كنت تخطط للسفر إلى أي مكان تتجول فيه الحيوانات البرية، فسيكون من الأفضل أن تذهب مستعداً.

طفيلي النوم

الطفيلي الذي يتحكم بدماغك
طفيليات المثقبيات

في القرى الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى وبراري الأمازون، يمكن لحشرة صغيرة جدا أن تجلب نوماً يؤدي إلى الموت، ذبابة التسي تسي تحب طعم الدم البشري، وغالبا ما تحمل طفيلياً يعرف باسم الترايبانوسوما أو المثقبية Trypanosoma ،التي تميل في ذوقها نحو العقول البشري.

تبدأ حياة الطفيليات من جنس المثقبات في أمعاء اللافقاريات، لكنها تتطور بسرعة عندما تتلامس مع سوائل الثدييات، في المرحلة الأولى من الإصابة، تعيش الطفيليات في الدم والغدد الليمفاوية للمضيف، حيث تنمو من أشكال بيضاوية صغيرة إلى ما يشبه البقعة المجهزة بأسواط.

في أثناء نضوجها، تعبر الطفيليات حاجز الدم في الدماغ، و تقوم بتغيير بنية ووظيفة خلايا مخ مضيفهم (ويبدو أن الطفيليات لديهم ولع خاص لمنطقة ما تحت المهاد، الذي تساعد على تنظيم مزاجنا ودورات النوم والاستيقاظ) فيبدأ المضيف بالشعور والتصرف بغرابة، سيعانون أولاً من الصداع ومشاكل في النوم، أو النوم والاستيقاظ في ساعات غريبة، نظرا لتغيير الطفيلي من الإيقاع الذي يفرز فيه هرمون الميلاتونين (هرمون النوم).

المضيف البشري يتعرض لمجموعة متنوعة ومذهلة من الأعراض النفسية الأخرى، من تغيير الشهية للاكتئاب لأنماط الكلام الغريبة لحكة وهزات لا يمكن السيطرة عليها ، وعلى مدى السنوات القليلة الفائتة، بدأ السلوك الغريب للمضيف بالتقلص تدريجياً إلى الكسل وعدم الاستجابة، وأخيرا النوم لفترات طويلة تؤدي إلى الغيبوبة والوفاة، ومن هنا جاء اسم “مرض النوم”.

على الرغم من أن علاج داء المثقبيات موجود، إلا أن أصدقاء وعائلات الضحايا غالبا ما يفشلون في التقاط المرض في وقت مبكر، وذلك لسبب بسيط جداً: المجموعة الواسعة من الأعراض المتقلبة لدى المريض تجعل التعرف على المرض صعباً.

إذا كان لديك صديق بدأ فجأة بالاستيقاظ في ساعات غريبة وتناول كميات أقل من الطعام ، فهل سيكون الفكر الأول لديك هو : “ربما لديه طفيليات تغزو دماغه؟” .. بالطبع لا ، ستعتقد حتما بأنه : “لربما مصاب بالإكتئآب” .. وهذا بالضبط ما اعتقده أصدقاء وأسر معظم مضيفي المثقبيات…حتى فوات الاوان.

أنه حقاً شيء أغرب من الخيال عندما يتعلق الأمر بهذه الطفيليات التي تلتهم خلايا المخ وتجلب الجنون.

المصادر :

– Meet the Parasites That Control Human Brains

تاريخ النشر : 2017-03-24

رواد

السعودية
guest
53 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى