أدب الرعب والعام

الشبح و المتشرد

بقلم : كوثر – المغرب

الشبح و المتشرد
قالت له : أنت خلاصي 

في شتاء 1929 في ليلة باردة كان روبرت انيسيس رجل فقير يتجول في أزقة لندن ، باحثاً عن مكان ليبيت فيه الليلة كالعادة ، فجأة رأى بيتاً مهجوراً ، فما كان منه إلا أن يقضي ليلته هنالك رغم شكله المخيف و الكئيب . 

دخل الرجل إلى المنزل و استلقى في مكان دافئ ، كان كل شيء عادياً ، لكن ما أثار انتباهه هي لوحة كبيرة لامرأة حامل ، رغم بساطة الصورة إلا أن تمعنه فيها جعله يكتشف أن الصورة هي لامرأة هزت جريمة قتلها البلاد بعدما قتلها زوجها و هي حامل ، فعلم أن ذلك المنزل هو ملكها ، لكنه لم يعطه اهتماما فعاد للنوم .

و لم يلبث قليلاً حتى سمع صوتاً بعيداً ، في بادئ الأمر ظنه خيال ، لكن هيهات .. فبعد أن اقترب الصوت عرف أنه لامرأة تصرخ ، فخاف الرجل و هم بالهروب ، لكن كل الأبواب كانت قد أقفلت في وجهه حتى النوافذ ، فعلم أنه هالك لا محالة ..

التفت ليرى سيدة واقفة ، كانت جميلة جداً فنادته بإسمه بصوت رقيق و ساحر… روبرت ، و قالت له تعال اتبعني ..

فتبعها كالمجنون و هو غير مدرك ، فأدخلته إلى غرفة ، و ما هي إلا ثواني حتى تحولت المرأة إلى شبح يطير في الغرفة ، ففزع الرجل و هو غير مصدق لما يراه ، إنها المرأة الحامل فبدأت بالصراخ : أنت خلاصي ..

كان صوتها مخيف جداً لدرجة أن الرجل تجمد في مكانه من شدة الخوف ، فاقتربت منه و حملته ، فأدخلته إلى مكان .. و ما هي إلا لحظات حتى رأى الرجل في ذهول أناس على شكل دائرة يلبسون الأسود و كأنهم يمارسون طقوساً ما ، فجأة استدار الكل نحوه فأحس بالخوف يسري في جسمه ، فتوجه نحو نافذة مكسورة ليخرج منها ، لكنها كانت صغيرة ، حاول الرجل الهروب من هؤلاء المجانين لكنه لم يفلح ، فحملوه و وضعوه وسط دائرة من الشمع ..

دخلت المرأة الشبح و في يدها سيف ، فاقتربت منه و قالت له: 
– أنت من ستعيدني أليس كذلك من عالم الأموات ..

فتفاجأ الرجل من المرأة لكنه جمع شجاعته و قال لها :
–  لمَ أنا ؟ لمَ أنا ؟
فردت عليه :
– لأن الشيطان اختارك أنت ، ماذا تظن ؟ إن هذا البيت لا يأتي إليه أحد ؟؟ بل إن آلاف المشردين مثلك يأتون كل يوم ، لكني تعاهدت مع الشيطان ليرجعني من الموت ، فشرط علي إن يختار ضحيته بنفسه ، و ها قد جاء هذا اليوم ، فقد اختارك أنت من بين كل هؤلاء ..

فبدأت بالضحك بصوت عالي ، و أخدت السيف فجرحت نفسها ، بدأت الدماء تقطر على الرجل حتى أغمي عليه فجأة ..

استيقظ ليجد نفسه في مكان خالي ، فسمع بكاءً لامرأة ليس غريب ، نعم إنه للمرأة الشبح التي ما إن رأته حتى تبعته و من إن رأها الرجل حتى هرب ، لكنه رجع إلى نفس المكان ، بل وأنه وجدها أمامه ، فأخرجت السيف فأدخلته في الرجل و هي تقول بصوت عالي :

– لقد نفذت ما طلبت ، أخرجني .. أخرجني 

و ما لبثث للحظة حتى فتح لها باب و خرجت و تركت وراءها الرجل ميت .. عندها كانت الشمس قد بزغت ، لم تفكر المرأة في شيء إلا أن تنتقم من زوجها فقتلته ، لم تحس المرأة بالذنب لقتلها الرجل المتشرد لكنها كانت تننظر ضحية ما لكي تدخل لذلك المنزل المهجور ، فهي تعلم أن روح المتشرد ما زالت تطوف منتظرة خلاصاً ..

مرت عشرات السنين على هذه الحادثة ، لم يعرف أحداً مكان المنزل ، لكن قيل أنه تم بناء منزلٍ أخر مكانه ، و من يعرف .. قد تكون أنت من تعيش فوقه و لا تعرف !!
 

تاريخ النشر : 2017-04-22

كوثر

المغرب
guest
16 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى