أدب الرعب والعام

ليلة مرعبة

بقلم : ساحرة – الجزائر

ليلة مرعبة
كانت العجوز تتجه نحوي تريد قتلي ..

كنت أستعد للذهاب إلى بيت جدي الذي لم أزره منذ أن كنت في الرابعة من العمر .. جهزت أغراضي و انشغلت في بعض الأعمال مما جعلني أتأخر عن الذهاب.. إنها السادسة مساءً و البيت بعيد و لكن لا بأس ، رغم أنني لا أحفظ الطريق جيداً .. 
ركبت السيارة و انطلقت و لكن داهمني الوقت و حل الظلام و لم أصل بعد ..

و بينما كنت أمشي في الطريق و قد كان كل المكان خالي من أي حركة فقد كانت منطقة ريفية فارغة ، إذا بي ألمح في الظلام بيتاً كبيراً تشع منه أضواء المصابيح المشتعلة .. سعدت كثيراً لرؤيتي لذلك رغم أن البيت مرعب إلا أنني انطلقت مهرولاً إليه ، طرقت الباب فإذا برجل شاحب يستقبلني ، كنت أظن بأنني الوحيد هناك و لكن لا .. هناك بعض الأشخاص أيضاً ، منهم من تعطلت سياراتهم في هذا المكان الخالي و منهم من كان في نفس حالتي .

جلست أنتظر بينهم و فجأة دخلت علينا امرأة توزع المفاتيح أخيراً .. كانت غرفتي رقم 27 ، دخلت فإذا بها غرفة هادئة لكن لا أعلم لمَ اقشعر جسدي أول ما وطئت قدماي الغرفة ، إلا أني لم أبالي و توجهت نحو السرير

10 ليلاً : لازلت أتقلب مكاني أحاول النوم ..

10:35 : بدأت أغفو ببطء ..

10:37 : قطع غفوتي صوت صراخ هز أركان المكان ..

أخذت أجري نحو مصدر الصوت فإذا بالجميع ينظر إلى جثةٍ معلقةٍ ! كان منظراً مروعاً ، لوهلة ظننت أنني في كابوس مخيف ، إلا أن صوتاً طفولياً قطع غفوتي ، فقد سمعت فتاة تحدث المرأة صاحبة الفندق قائلة : 

– أرأيتي يا أمي هذا المكان ملعون و سوف نموت جميعنا ؟

و رغم انخفاض صوتها إلا أن كلماتها تسربت إلى أذني ، فأنا أصدق مثل هذه الأمور .. توجهت إلى الفتاة الصغيرة و سحبتها إلى ركن فارغ من الغرفة و قلت لها :

– هيا أخبريني بكل ما تعرفين عن هذا المكان . 

فبدأت تروي قصة غريبة .. حيث تبدأ القصة من ساحرة كانت خادمة في هذا المكان إلا أنها كانت طيبة ، بذلت كل جهدها في خدمة أسرة مكونة من أب و أم و ابنتهما الصغيرة .. و لكن عندما كبرت الساحرة ولم تعد قادرة على أعمال البيت قامت الأسرة بطردها و لم يوفروا لها حتى لقمة العيش جزاءً لما قدمته لهم ، فسيطر الحقد على الساحرة مما جعلها تقوم بإلقاء لعنة على الأسرة .. فتوفي جميع أفرادها في ظروف غامضة و بقيت اللعنة تهدد كل من يبيت في هذا المكان .

قطعت حديثها متسائلاً : 
– هل أنتِ جادة ! ثم كيف لكي أن تعلمي كل هذا ؟؟ 
لم تكترث لسؤالي و قالت بنبرة مرعبة مشيرةً إلى الجثة :
– عليك أن تفك السحر و إلا ستعلَّق بنفس الطريقة . 
ثم غادرت دون أن تضيف أية كلمة . 

حاولنا مراراً أن نتصل بالإسعاف أو الشرطة ، لكن دون فائدة لأن الشبكة غير موجودة .. ماذا علي أن أفعل ؟!
توجهت للطابق العلوي و أنا أفكر كيف لي أن أفك هذا السحر ، أخذت أبحث في الغرف عن أي دليل يقودني لحل اللغز و لكن دون فائدة .. كيف لي أن أجد شيئاً لا أعرف ما هو وسط هذا البيت الكبير !! 

أخذت أفتش الغرف واحدةً تلو الأخرى بينما أسمع الصراخ بين دقيقة و أخرى .. يا إلهي لقد بحثت فيها كلها و لم تبقَ سوى غرفة واحدة الغرفة رقم 27 غرفتي …. و بينما أنا متوجة إليها سمعت صوت خطوات متثاقلة ، شعرت ببعض الرعب حاولت تمالك نفسي و نظرت إلى الخلف و ياليتني لم أفعل .. 

فقد كانت هناك عجوز مخيفة شعرها يغطي جزءاً من وجهها و الجزء الآخر يظهر قبح وجهها المتجعد ، تحمل بيدها سكيناً كبيراً تقطع به ضحاياها ، و بيدها الأخرى حبلاً تعلق به الجثث .. أخذت أجري إلى الغرفة و أغلقت الباب بإحكام و بدأت أبحث و أبحث بينما هي تكاد تكسر الباب .. نظرت إلى الأرض نظرة استسلام و لكن كان هناك أمر غريب ، جزء من الأرض الخشبية مرفوع أكثر من الأطراف الأخرى.. 

ذهبت محاولاً فتحه أكثر فوجدت صندوقاً مغطى بمنديل ممزق تملؤه الدبابيس ، أخذت أنزعها و أقطع المنديل ، و بينما العجوز قد كسرت الباب و كادت أن تمسكني لولا أنني قطعت كل شيء و رميته بعيداً .. أغمضت عيني بخوف و فتحتها لأجد نفسي في طريقٍ خالٍ قرب سيارتي وقد حل الصباح .. هل كان كل شيء حلم !! 

و لكن لا .. فقد وجدت الصندوق الذي كان في ذلك المنزل ، الصندوق الذي أنقذني .. فتحته لأجد به صورة لعائلة البنت و الأب و الأم .. إنها نفس الطفلة التي حكت لي قصة البيت ، و هذه المرأة التي أعطتنا المفاتيح ، و هذا الرجل الذي استقبلني .. تملكني شعور مخيف ، رميت كل شيءٍ بعيداً و ركبت سيارتي عائداً إلى بيتي .

هذه هي أرعب ليالي حياتي ، ليلة لن أنساها ولو بعد ألف سنة .

 

تاريخ النشر : 2017-06-01

ساحرة

الجزائر
guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى