تجارب من واقع الحياة

حكايتي مع رحلة أمي الأخيرة

بقلم : ظل أمي – الجزائر

حكايتي مع رحلة أمي الأخيرة
بعد وفاة أمي لم أعد أشعر بحب أي شيء ..

أنا امرأة جاوزت الثلاثين من عمري ، متزوجة وأحب زوجي الحمد لله .. أردت أن أشارككم حكايتي مع رحلة أمي الأخيرة وقلقي ، هل أنا صابرة أم أنا قاسية ..

هاجر أبي رحمه الله إلى ولاية في أقصى الجنوب حيث ترعرعنا و كبرنا ، عشنا بمستوى مستور إلى أن تخرجنا أنا وإخوتي وعملنا حتى تحسن المستوى و الحمد لله ..

مرضت أمي رحمها الله العام الماضي ، كان المرض عبارة عن حمى تارة باردة وتارة أخرى ساخنة ، ورغم كل التحاليل والأشعة لم يعرف سبب مرضها ، فشككنا في السحر أو المس وأحضرنا عدة رقاة لها ولم يظهر شيء حتى قبل 3 أشهر حين رقاها أحد الرقاة و ظهر عندها مرض السكري بدرجة خفيفة ، ثم جاء راقي ثاني وشخّص الحالة بأنها عين أي محسودة ، مع العلم أننا وجدنا آثار سحر في البيت – وجدنا رأسين من رؤوس الماعز – ثم أعدنا الأشعة والتحاليل بعد شهرين ، و شخص المرض بالتهاب في المرارة ، وقال الطبيب لا يمكن إجراء العملية إلا بعد شهرين على الأقل ..

وبعدها تعرضت أمي لحادث بسيط أدى إلى انتفاخ عينها وجرح في الجبهة مع تأكيد الأطباء بعدم وجود أي رضوض أو شيء آخر ، بعدها بثلاثة أيام دخلت في حالة غيبوبة حسب وصف الأطباء رغم أني حين رأيتها أحسست بأنها في حالة احتضار ، وصادف هذا اليوم ذكرى وفاة أبي رحمه الله رغم أننا كنا متأكدين بأنها في حالة احتضار إلا أن الأطباء طلبوا منا السفر بها عاجلاً إلي مدينة تبعد 1000 كم ، ووفقنا ورافقتها ، وكنت طول الطريق أتفقد نَفَسها وأصبّرها بأننا عائدين إلى المنزل بعد عمل الأشعة 

وصلنا حوالي الساعة 4 صباحاً وهي بالكاد تسمعني وأنا أسقيها الماء بغطاء القارورة ، وبعد عمل أشعة “السكانار” دخلت في غيبوبة لم تعد تستطيع الإيماء بعينها ولا بلع الماء ، أدخلوها الإنعاش وبقينا نزورها ويسمح لنا برؤيتها من وراء الزجاج فقط ، مع العلم لم يزودها بأجهزة سوى المحلول المغذي والتنفس الصناعي حتى يوم قبل وفاتها وضعوا جهازاً له صوت ليخبرهم عن توقف القلب ، وكلما سألنا عن حالها قالوا أنها مستقرة ، كنت أبكيها في كل مرة ولم أستطع الأكل ولا أي شيء ، كنت أحس بقلبي يخفق بقوة كأنه يريد الخروج إليها ، كلما نظرت إليها توقعت كل تنفس هو الأخير ، لم أرغب في أي شيء ولن يتعبني الوقوف لساعات ، كل شيء يهون في سبيل أن أبقى معها ولو لحظة ..

ثم توفيت رحمها الله .. أخبرونا في المستشفى وذهبنا إليها ، وأشارت علي المغسّلة أن أساعد في تغسيلها لتبرد جمرة قلبي عليها ، وساعدتها … بكيت بجانبها وحين غسلوها وحين وضعوها في التابوت ثم أحسست أني حالة عطش شديد حد الظمأ ، شربت ماءً قبل أن أصعد وأرافقها في سيارة الإسعاف لنقلها مسقط رأسها ، بقيت أقرأ عليها وأدعوا لها وأحاول أن أتكلم معها طوال الطريق الذي استغرق مدة 5 ساعات رغم أني لم أحس بطوله ، كنت أحاول حضن التابوت .. 

بكيت حين دخلت إلى المنزل حيث أقيمت الجنازة إلى أن أحسست أن دموعي انتهت ، ولكن عند وصل أخواتي إلى الجنازة لم أبكي إلا قليلاً ، حاولت أن أصبح قوية بصفتي الكبرى في البنات ، حاولت أن أبدو قوية حتى أني صدقت نفسي ..

والآن بعد مرور 19 يوماً على وفاتها -رحمها الله – أتساءل ..هل أنا قوية أم قاسية ؟؟ أنا لا أبكي عليها كثيراً ولكن كل من يراني يقول أنه بادي علي الحزن ، لم أعد أشعر بحب أي شيء ما عدا إخوتي و زوجي حفظهم الله ، تخليت عن كل عادتي اليومية حتى شرب القهوة الذي كنت أستمتع به كثيراً زهدت فيه ..أحسسته رفاهية لا تليق بالحداد ، والطبخ الذي كان هوايتي منذ أن توفيت صرت أطبخ ما هو عادي ، أحسست أن إبداعي في الطبخ ليس من مراسيم حدادي .. أحاول أن أحمد الله كلما عزاني أحد ، لكن ألوم نفسي كثيراً .. لمَ لم أحزن أكثر من هذا !! فهل أنا قاسية أم صابرة ؟؟

 

تاريخ النشر : 2017-06-06

guest
33 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى