أدب الرعب والعام

فاشل

بقلم : سامي – المغرب

فاشل
الكل ينعتني بالفاشل 

الكل يتساءل…كيف لي بكل هذه الثروة الكبيرة بين عشية وضحاها ؟ هل ورثتها من أحد أجدادي ؟ أم سطوت على مصرف ولم يشع الخبر حتى الآن ؟ أم عثرت على كنز دفين ؟؟ 
تساؤلات كثيرة طرحت في أنحاء الحي الذي انتقلت إلى السكن فيه قبل ثلاث سنوات ، فقبل أيام فقط كنت شاباـ فاشلاً وكسولاً يعيش بمفرده بعيداً عن أهله الذين لم يعد يستحملهم أو يستحملونه…

فرغم عدم تحدثهم معي بشيء ، إلا أن نظراتهم كانت تصرخ بكل ما أوتيت من قوة لتخترق مسامع إدراكي قائلةً لي وبكل فصاحة وصراحة :
– أنت كائن فاشل …فاشل ولا تصلح لشيء ، أنت لا تكاد تكون صالحاً حتى لنفسك ، مت… نعم مت وأرحك من هذه الحياة التافهة التي لا تعيشها……مت وعش حياة الموتى خيراً لك 

بيني وبينك كل كلمة تفوهت بها أعينهم صحيحة ولا غبار عليها ، فأنا لدي حياةً واحدةً وها أنذا أبذرها وأسرفها في لا شيء… أتصفح مواقع التواصل حتى مل وكل جهازي مني وأنا أنتظر … منذ أن بلغت الستة عشر من عمري وأنا أنتظر ، لابد أن السؤال الذي يجول في ذهنك الآن يا عزيزي القارئ هو .. ماذا أنتظر ؟

صدقني لا شيء .. وإذا كان هناك شيء أنتظره فهو الموت حتماً ، أنتظره ليريحني من انتظاري الطويل… لينقذني من فشلي الذريع في بناء مستقبل يجعلني كائناً مؤثراً في مجتمعي ، ويعطي معنى لحياتي …

أيُّ حياةٍ هذه التي أعيشها الآن ! حياةً لا أزحزح فيها طرفة عين… الميت أكثر حركة مني ..على الأقل جسمه يتحلل تحت التراب ، أما أنا فمازلت أنتظر ، حاولت أن أعود إلى الرسم ، فالرسم هو ملجئي الوحيد عند الملل… لكن مالبثت أرسم حتى اكتشفت أنني لا أملك الوقت للرسم ، أو أنني لم أعد أستهوي الرسم كما كنت من قبل … فقررت أن ألجأ للكتابة ، فلطالما كان حلمي أن أصبح كاتباً مشهوراً وذائع الصيت… لكن لحظة ، ليس علي أن أكتب حتى أملك الخبرة في الكتابة ! والخبرة تكتسب من قراءة الكتب ، ولأنني لا أملك الوقت لكي أذهب إلى المكتبة أمسكت جهازي لأحمل فيه بعض الكتب لـ فيودور دوستويفسكي و أجاتا كريستي و ستيڤان سيفايج و جوزيه ساراماجو…و…و…إلى آخره من الروائيين الذين جذبوني بشهرتهم في عالم القراءة…

أخيراً سأفعل شيء في حياتي وأنا أنتظر ، فالانتظار وحده أمر قاتل ، لكن لن أقرأ الآن فأنا مشغول ، أو هذا ما أشعر به … لا أعلم بماذا بالضبط لكنني حقاً مشغول كثيراً لدرجة لا أستطيع أن أبرح من المنزل ، ولا أتصل بزملائي ، ولا أسأل عن أقربائي .. فكيف سأجد وقتاً لأقرأ ! لعل الانتظار هو ما يشغلني ، انتظار معجزةٍ تغير مجرى حياتي …

أخيراً الانتظار أعطى مفعوله ، وها أنذا الآن شاب ثري وناجح ، كسبت احترام كل من حولي خلال أسبوع فقط… لابد أنك أنت أيضاً يا عزيزي القارئ تتساءل من أين لي هذا ؟؟

حسناً ، قبل أن أحكي لك قصتي أريد منك أن تمسك مفهوم المنطق وتلقي به بعيداً ، بعيداً جداً عن حكايتي ، ضع عقلك المحدود جانباً وسافر معي بخيالك …

قبل أسبوع من الآن … يوم السبت الماضي استيقظت متأخراً حتى الساعة الحادية عشرة ، كان يوماً حاراً بشدة رغم أننا في فصل الربيع ، لطمت وجهي بالماء و نظفت أسناني… المهم فعلت كل ما أفعله طيلة حياتي ، لكن ما حصل معي ذلك اليوم لم يكن ليحصل كل يوم ، بل لم يكن ليحصل مرة أخرى ولو عشت ألف حياة أخرى…

اتصلت بـ”سامي” وهو الصديق الذي ساعدني في العثور على عمل كنادل في أحد المقاهي الشعبية… نعم نادل فاشل حامل لشهادة البكالوريس…لكن هذا ليس موضوعنا…

ما إن رن الهاتف لحظة حتى فاجأني “سامي” قائلاً لي :

– جيد أنك اتصلت ، هل تذهب معنا هذا المساء في نزهة إلى غابة واد فاس ، فالطبيعة هناك خلابة… قاطعته أنا :

– تذهب معنا ؟! من تقصد بـ “معنا “؟ 

صمت “سامي” قليلاً ليفاجئني صوت ناعم فيه نبرة تدل على التوبيخ :

– ماهذا !! هل نسيتني ؟؟ من سيكون معكما من غيري ؟! أم أنكما على معرفة بفتاة أخرى ..

فرددت قائلاً :

– ااااه “رند” كيف حالك ؟ .. ودار بيننا الحوار المعتاد بين كل الأصدقاء المقربين…

“رند” فتاة تعرف عليها “سامي” قبل سنوات قليلة عبر موقع التواصل المشهور “فيسبوك ” وهي بكل صراحة فتاة أقل ما يقال عنها طيبة إلى حد السذاجة

فوافقت على هذه النزهة التي سأدونها لاحقاً في مذكراتي بعنوان ” من أجمل لحظات حياتي التافهة” …

في الثالثة إلا الربع مساءً جهزت بداخل الحقيبة كل ما يلزم لتلك النزهة ، ثم التقينا فسلمنا على بعضنا البعض وأكملنا طريقنا إلى الغابة ، هنا… نعم هنا بالضبط لا تلتفت إلى منطقك ، أبقه بعيداً ، أبعد مما كان عليه أرجوك ، واستمع لي بنظراتك ، ركز في الكلمات التي ستكتب بعد هذه الجملة ..

ما إن دخلنا بين الأشجار بحثاً عن مكان مناسب لنجلس فيه ، حتى سمعنا صوتاً غريباً ، ما هو بصوت رجل وما هو بصوت امرأة ، ما هو بصوت عجوز وما هو بصوت طفل ، ما علمنا إن كان صوت إنسان أو صوت حيوان ، كان صوتاً يحمل استغاثة ، مردداً ” النجدة أنقذوني” 

في البداية ذعرنا ، ولن أكذب عليك إن قلت أنني أكثر من ذعر بينهم من صدى ذلك الصوت ، لكن “سامي” كان شجاعاً وذلك ليس بغريب ، فلطالما تحلى بالشجاعة أمام “رند” فأقنعنا بأن نتبع مصدر الصوت لعل هناك من يحتاج للمساعدة ، وهذا ما فعلناه …

سرنا بخطوات سريعة وبنظرات حائرة تبحث عن مصدر الصراخ ، فإذا بنا نتوقف حول صخرة كبيرة بارتفاع متر عن سطح الأرض ، ومن أسفلها يزحف ذلك الصوت الغريب ! دون أن يخطر على بالنا أي سؤال سارعنا في زحزحة تلك الصخرة الثقيلة ، وما إن نجحنا في إزاحتها حتى شدهنا وتيبسنا جراء رؤيتنا لذلك المنظر…

لا أستطيع أن أصف لك يا عزيزي القارئ شعورنا في تلك اللحظة ، هل هو الخوف أم الدهشة أم الفرحة… أم أن كل تلك المشاعر اختلطت وامتزجت بداخلنا ؟؟

كان المنظر عبارة عن كائن بحجم النمر إلا أنه أطول قليلاً …شبيه بالقط أقرب إلى أن يكون طير حمام بذيل طاووس …باختصار كان عبارة عن “كيميرا” يمتزج في كونه قطاً كبيراً وحمامة وطاووساً… بفرو أبيض ناصع كالثلج وعينان زجاجيتان سوداوتان واسعتان تشغلان ثلث مساحة وجهه ! له جناحين كبيرين مقيدين بسلاسل فضية…

بقدر خوفنا واندهاشنا منه عطفنا على حاله ، فقفز “سامي” إلى الحفرة بشجاعة كالعادة وانهال على السلاسل لكسرها ، وما إن نجح في ذلك حتى انتفض ذلك الكائن البديع ورفرف بجناحيه العملاقين كتنين خرافي ، أو طائر عنقاء أسطوري ، وطار نحو أقرب شجرة … 

صدقني لم نستطع أن نتفوه بأي كلمة ، وأي كلمة تافهة هذه التي لها القدرة على أن تقاطع تلك اللحظة التي لن تتكرر مهما طال الزمن !! 
شد الكائن بمخالبه الذهبية على فروع الشجرة ، وهمس بصوت يدل على الهدوء والحكمة قائلا لنا ونحن متيبسين في أماكننا دون حراك من شدة ذهولنا :
– لقد انقذتموني من سجني الذي دام مئات السنين ، ومهما فعلت لإسعادكم لن أرد لكم هذا الجميل ، فليتقدم كل منكم ويتمنى أمنية وسأحققها له بإذن الله في الحال ..

ما إن سمعنا هذا الكلام حتى أحاطت بنا شياطين الشك…وبدأت تلتهم عقولنا وتخبرنا ” هذه مجرد كاميرة خفية والعالم كله يشاهد بلاهتنا ، وما حدث قبل قليل كان مجرد خدعة سنيمائية “
أكثر من صدق هذه الشياطين بيننا هي “رند” فطلبت بكل سخرية و براءة :

– أتمنى أن أذهب إلى اليابان وأعيش هناك مدى الحياة .

وانهت كلامها بضحكة ساخرة تخبرنا عن طريقها أنها تستهزئ بذلك الكائن السينمائي ، لكن القدر هو من استهزأ بها .. لا بأس فهي مهووسة بالثقافة اليابانية إلى حد الجنون .. في لمح البصر تلاشت رند” من بين أنظارنا ! هنا بالذات تأكدنا أنا و”سامي” أن ما يحدث معنا حقيقة يجوز التصديق بها ، فتقدم الأخير نحو الكائن الغامض وتمنى بكل ثقة :

– أتمنى أن أعود إلى الماضي وألا أرتكب الأخطاء التي ارتكبتها في حياتي ..

فاختفى “سامي” وكانت آخر ما تبقى منه قبل أن يتلاشى كليا هي نظراته نحوي التي تودعني بحزن وفرح … علمت أنني لن ألتقيه بعد اليوم ، فلا أحد يعلم أي شخص سيصبح “سامي” أو بالأحرى ماذا أصبح للتو… فقاطع حزني وتفكيري صوت ذلك الكائن :

– وأنت ألن تتمنى أي شيء ؟

شعرت كما لو أنه أيقظني من كابوس عشته طوال حياتي ، فبدأت أفكر و أفكر وأفكر حتى توصلت لشيء واحد لطالما حلمت به …

– أتمنى أن أصبح ثرياً وناجحاً في حياتي 

فجأة ، استيقظت مفزوعاً ، كان جسمي متعرقاً ، وحرارتي مرتفعة ، نظرت إلى الحائط طويلاً حتى لاحظت الساعة تشير إلى الثانية ظهراً …ثم نظرت إلى الهاتف فإذا بي أكتشف أنني تأخرت عن العمل ، وأن “سامي” اتصل بي أكثر من عشرين مرة ، فتذكرت أن صاحب المقهى حذرني آخر تحذير قبل أيام قليلة على تأخري الدائم ، وأقسم على طردي إن تأخرت مرةً أخرى .

وفي هذه اللحظة علمت أنه لم يعد لي أي عمل ، وتأكدت أيضاً أنه لا وجود لأي كائن يحقق الأماني ، والفاشل يظل فاشلاً مادام ينتظر حدوث معجزة تجعله ثرياً بين عشية وضحاها ، فقررت أن أتوقف عن انتظار المعجزات وأبحث عن عمل جديد …

أصوات سوداء ذات أفواه كبيرة تنادي :
– فاشل .. فاشل فاشل ، طفل فاشل ، شاب فاشل ، قم أيها الفاشل ، انهض..

استيقظت متأخراً مفزوعاً على أصوات تناديني بالفاشل .. تارةً صوت أمي وتارةً صوت أبي ، وأصوات أصدقائي و أساتذتي ..
نظرت إلى النافذة فلم أمعن النظر بها ، ولم أرَ ما خلفها ، ثم قمت من مكاني أجر مؤخرتي ببطء على السرير نحو المطبخ ، لطمت وجهي بالماء كالعادة واتجهت إلى الثلاجة وقطرات الماء تقطر من جبيني ، فتحتها فأطلت النظر بها مندهشاً لحالها ، فأغلقتها نادماً على فتحها ، لأنها أظهرت بفراغها فراغ جيبي ، وجسدت فقري

خرجت من المطبخ الصغير أحك شعري .. كأن به جيوش من القمل ، نظرت إلى الغرفة بنظرات تبحث عن شيء لعلني أجد قطعة خبز فوق المنضدة أو تحتها أسد بها جوعي الشديد ، لكن لم أجد سوى فوضى عارمة كأن إعصارا ضرب غرفتي .. نعم ، هكذا أصبحت حالتي بعد أن فقدت عملي كنادل للمقهى .

ارتديت معطفي الأسود الممزق ، و الذي لم أعد أملك غيره ، لأنني بعت كل ملابسي لأشتري قوت يومي ، خرجت للبحث عن عمل كما أفعل كل يوم منذ أسابيع ، فتحت باب المنزل لأخرج ، فتوقفت لحظة أتذكر تلك الأصوات التي صرخت مناديةً علي في حلم هذا اليوم …

تحت شمس حارقة ، وسط الطرقات ، بجانب السيارات ..
أسير مطأطئاً رأسي على إيقاع لحن يخرج من سماعات الأذن ، أنظر إلى الأرض بملامح ذابلة ، وأتمنى في داخلي أن أجد محفظة مليئة بالمال … فجأة وجدتها و التقطتها بخجل أن تكون مجرد خدعة ، نظرت بدهشة يميناً ويساراً أتأكد هل من أحد يراقبني ويتلاعب بمشاعري الجياشة نحو المال ؟ 

وضعتها في جيبي غير مصدق أن أمنيتي تحققت بهذه السهولة ، وقلبي بدأ يتبخر من شدة الفرح ، فسارعت إلى أقرب مطعم وطلبت ما طاب ولذ من طعام ، فأنا لم أتناول طعاماً شهياً منذ زمن ، ثم قررت أن أشتري ملابس أنيقة ليقبلوني في العمل ، فالمظاهر هي مفتاح الفرج ، و ما إن اتجهت نحو المتجر حتى اصطدمت بعامود شارة المرور .. فاستيقظت من أحلام اليقظة تلك ، فليس هناك حقيبة ولا طعام .

أكملت مسيري قاطعاً الطريق ، محبطا وبطني تزقزق من شدة الجوع ، فقلت بصوت مرتفع (أنا جائع يا عاالم …) وكأن العالم يهتم لكائن تافه مثلي ، لكن مع ذلك نظر إلي كل من كان بالقرب مني … عجوز تتسول ، رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة يزحف على قوائمه الأربعة ، طفلة صغيرة تمسح زجاج السيارات ، وكلب متشرد يتبول على الجدار .. فأطالوا النظر إلي وأمعنوا بي جيداً ، ثم أكملوا ما كانوا يفعلون …

أغمضت عيني وتقدمت بخطوات ذابلة ، خاوي الأمعاء حتى سمعت صوتاً رقيق يناديني : (“هيه.”..”هيه..”..”أنت”…”ياهذا..””..)..استدرت إلى مصدر الصوت فوجدت غير مصدقٍ لما وجدته… فتاة في ريعان شبابها فائقة الجمال بسواد شعرها وبياض بشرتها واتساع عينيها ، ظللت مستغرباً في أمرها ..ومتسائلاً ؟؟ فأشرت بسبابتي نحو صدري (هل تقصدينني أنا..؟؟) ردت علي بابتسامة ناعمة (نعم .. أنت )

وتقدمت نحوي ببطء شديد …تتمختر في سيرها كعارضة أزياء بارعة ، وقلبي يخفق بشدة في كل خطوة تخطوها باتجاهي .. فجأة قدمت لي سلة بها طعام تصعد منه رائحة شهية…آه.. أخيراً أرسل الله ملاكاً لي ليطعمني بيديه ، أردت أن أخطفها من يدها بلمح البصر لكنني توقفت قائلاً في نفسي ” أنا لست متسول ، علي ألا أنحط إلى هذا المستوى ” فترددت في الإمساك بالسلة ولعابي يسيل عليها ، فقلت لها :
– أنا آسف لا يمكنني قبول هذا الطعام .
رغم أنها ألحت علي كثيراً ..إلا أن رجولتي الفاشلة لا تسمح لي بتناول طعام يأتيني بدافع الشفقة علي .

فهمت الفتاة وضعي ولكي لا تحرجني أكثر قالت لي بصوت عذب :
– هل لك أن تشاركني في تناول هذا الطعام ؟

فوافقت بكل سخافة ودون تردد ، و جلسنا على كرسي بمحطة الحافلة نتناول الطعام ونتبادل النظرات والكلمات….حتى فاجأتني قائلةً لي بكلام لم يخطر على بالي أن أسمعه من أي فتاة :

– أنت تعجبني ، وأعتقد أنني أحبك .

كلامها هذا جعلني في حالة من الذهول حتى سال لعابي مختلطاً بالطعام ، غير متأكد لما سمعته ، فاستيقظت مفزوعاً جراء احتكاك عجلات سيارة كادت أن تصدمني وأنا شارد الذهن أحلم أحلام اليقظة للمرة الثانية ، فليس هناك فتاة ولا طعام…. بعدها انصب نظري على امرأة تخرج من سيارة فخمة وتحمل بيدها حقيبة سوداء متجهة نحو المصرف ، فاجتاحت أفكار كثيرة رأسي

انطلقت بأقصى سرعة وخطفت المحفظة من المرأة حتى أغمي عليها … ركضت وجريت وركضت دون أن ألتفت خلفي حتى وصلت إلى مكان آمن بين الزقاق ، وما إن وصلت حتى فتحت الحقيبة السوداء .. أموال طائلة على شكل لفافات ، حلي ذهبية ومجوهرات ، لم أصدق ما أصاب نبضات قلبي .. هل هو الخوف بشدة أم الفرح بشدة رغم الندم والشعور بالذل ، لكن الذل أخرجني من الفقر …

وضعت ما أخرجته من الحقيبة في جيوب معطفي ..اتجهت سعيداً متناسياً الفقر والذل معاً ، أفكر بالمشاريع التي سأقوم بها بكل تلك الأموال ، مطعم صغير ؟ لا لا .. مقهى لا …لا…لا.. وبعد تفكير طويل دخلت كشريك مع صاحب المقهى الذي طردني منذ زمن قريب ، وأصبحت وضعيتي المادية أكثر من جيدة .. وتزوجت بالفتاة التي أحبها وتحبني .

النــهاية …..

نعم إنها نهاية أجمل حلم من أحلام اليقظة التي أحلم بها خلال مسيري بحثاً عن العمل ، ولما استفقت من حلمي الأخير وجدت المرأة تقترب من باب المصرف لتدخل إليه ، فقررت تحقيق حلمي… سارعت نحوها بخطوات متسارعة لأخطف من يدها الحقيبة كما فعلت قبل لحظات في حلمي ، لكنها شعرت بي وصرخت بكل ما أوتيت من قوة … لم أدرك ولم أفهم ما حدث ، حتى وجدت نفسي في السجن وأصوات الفشل تناديني بالفاشل …. حاولت أن أغلق مسامعي
حتى لا أسمعها لكن كان ذلك دون جدوى …. فاشل .. فاشل….فاشل 

أغلقت باب المنزل خلفي وخرجت محاولاً أن أنسى هذا الكابوس الفاشل .

 

تاريخ النشر : 2017-07-26

سامي

المغرب
guest
28 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى