سؤال الأسبوع

الشك و اليقين

بقلم : كريمة – العراق

هل تزعزع يقينك تجاه أمرٍ ما و تحول إلى شك ؟

مرحباً .. سأتكلم عن اليقين وكيف يفقد الانسان شيئاً منه و لماذا .
طبعاً أعزائي القراء قد تكون حدثت لكم بعض الأشياء التي أدت بكم للشك باليقين ، مثلاً  أنا كنت في صغري أجلس في بيتنا القديم ، وكنت أنظر من الشباك إلى حديقة المنزل ، و كانت أمي قد نشرت غسيلها على الحبل ، ثم رأيت حبل الغسيل يتحرك فنظرت و رأيت رجل الجيران يسرق ملابسنا التي كانت على الحبل ، تسمرت مكاني فقد كنت أعرف السارق !

في الوهلة الأولى لم يتجاوب عقلي معي إلا أنه ثوب أمي .. قلت لنفسي ماذا يفعل رجل بثوب أمي ؟! ثم أدركت أنه كان يسرقه ، خرجت مسرعةً و أحدثت ضجة عندما فتحت الباب فلفتُّ انتباهه ، استدار نحوي فرأيت بيده ملابس أمي وقد طواها لتصبح رزمة صغيرة بيده ، رحت أنظر إليه بتعجب ولم أقل شيئاً فهرب الرجل .

بعدها ركضت لأخبر أمي التي هرعت إلى غسيلها فوجدت ثوبها مفقود ، ثم التفتت نحوي وقالت بإصرار :
–  ﻻ يمكن أن يكون السارق جارنا ، فهو رجل نبيل طيب الخلق ومحترم ، ولا يمكن أن يقوم بعمل شنيع مثل السرقة ، ﻻبد أنك رأيتِ رجلاً آخر .

ما رأيكم أعزائي القراء ؟ عندما يكون الانسان صغيراً يكون أبويه مَثَلُه الأعلى ، وعندما يقولون له اليقين الذي رأيته ليس صواباً ألا تتزعزع ثقة الإنسان بنفسه ؟ وعندما يشك الإنسان باليقين فكيف له أن يكون على الطريق الصحيح أو كيف يستطيع أن يتخذ قراراً صائباً .. فمثلاً أبي و أمي لأنهما لم يريدا أن تتحطم صورة جارنا بنظرهما استسهلا تكذيبي لينتهي الأمر مع أنني متأكدة من أني رأيته .

هناك أشياء كثيرة تحدث حولنا و لأن عقلنا ﻻ يتقبلها أو ﻻ يريد تصديقها يرفضها ، لكن هذه الأحداث ﻻ تمحى نهائياً من ذاكرتنا لذلك تؤثر تأثيراً سلبياً على عقولنا وأيضاً على اتخاذ قراراتنا .. فمن نشأ على أن الأمهات طاهرات و لا يخطئن و فجأة اكتشف أن أمه ليست كذلك ، ستتشوه لديه صورة الأم و يتحطم هذا اليقين الذي كان راسخاً لديه ، من صدم برؤية أخيه يسرق يقينه بحسن أخلاق أخيه سيهتز ، من تعرض لخيانة من قبل أعز أصدقائه ، من بنى آمالاً و كان لديه يقين بأنه سينجح و جاءت ظروف الحياة لتثبت له أن الأماني ليس بالضرورة أن تتحقق .. إلخ 

هناك أشخاص نقابلهم يملكون نظرة سوداوية و متشائمة في الحياة ، باعتقادي أن هؤلاء لم تنشأ لديهم هذه النظرة عن عبث ، بل لما مر عليهم من تجارب زعزعت ثقتهم بالغير و حطمت المبادئ التي كانت راسخة في عقولهم و يؤمنون بها ، فالبعض يقول لك جميع النساء خائنات أو لا يوجد رجل مخلص أو الصداقة الحقيقية اختفت من الوجود .. مع أن التعميم خاطئ لكنه لم يأتِ من فراغ ، فأصحاب هذه المقولات مروا بتجارب هزت ثقتهم و جعلتهم يشكون بجميع من حولهم .

أبشع شيء في الحياة أن تتحطم لديك الصورة الجميلة التي كنت قد أخذتها عن شيء أو شخصٍ ما ، و أن تكتشف بأن ما عشت لأجله و ما قضيت سنيناً في الدفاع عنه ليس إلا سراباً و وهماً .. أجل فالحياة كفيلة بأن تحطم مبادئ و تهدم قناعات لطالما تغنيت بها .

عزيزي القارئ هل مررت بتجربة من هذا النوع ، هل تزعزع يقينك تجاه أمرٍ ما ، و كيف أثر ذلك على نفسيتك و هل كانت له آثار سلبية على المدى الطويل ؟ أرجو أن تشاركونا تجاربكم و تغنوا النقاش بها . 

 

تاريخ النشر : 2017-08-26

guest
24 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى