عدمي تائـه في الحياة !
يتطلع منها إلى السماء لينطلق بعنان مخيلته وأفكاره إلى تساؤلات محيرة |
هذه حكاية شاب في عمر الـ27 يسير في حياته تائهاً ! حياة لا معنى لها ، لا طعم ولا لون ، يجوب هذا الشاب فيها تاركاً وراءه أسئلةً لا يمكن الإجابة عليها ! ، يعود هذا الشاب من عمله إلى منزله الكئيب الذي يحتوي نافذة صغيرة يتطلع منها إلى السماء لينطلق بعنان مخيلته وأفكاره إلى تساؤلات محيرة:
– لمَ أنا هنا ؟!
– ما نهاية حكايتي مع الوجود ؟!
– متى أموت ؟! وماذا سيحصل بعد موتي؟!
– …
كعادة أي يوم عاد هذا الشاب من عمله وجلس على سريره وهو ينظر إلى السقف منتظراً مجيء النجوم التي ستزين السماء الزرقاء والتي هي ملجأ لتساؤلاته ، أطلَّ الليل وها هي النجوم قد أطلت معه ، وها هو صديقنا قد فتح نافذة منزله ليتأمل هذه النجوم وليكرر الأسئلة الوجودية على نفسه ، أنهى هذا الشاب روتينه وخلد إلى النوم بعد سهرةٍ مؤقتة قضاها مع النجوم ، يستيقظ الشاب مبكراً ليجهز نفسه إلى العمل ، يمضي هذا الروتين … إلى أن يعود إلى منزله مرة أخرى بعد يوم عمل شاق يفتح الباب وترتسم على شفتيه ابتسامة إنسان وجد سبيل سعادته في الحياة !
ماذا؟!
كيف ، وأين ، لما ، ومتى؟!
هذه التساؤلات ستتبادر في ذهنك عزيزي القارئ ، أعلم ذلك ، والجواب على هذه التساؤلات: هو أن صديقنا بعد أن جهز نفسه إلى العمل وذهب لينتظر الباص الذي يقله ، في هذه الأثناء رأى الشاب ما قد تأكد أنه سبيل لسعادته وخلاصه من دائرة جحيم روتينه وتساؤلاته التي جعلته كئيب ومنعزل عن محيطه المادي ، رأى هذا الشاب فتاة شقراء بيضاء البشرة تمتلك عيون ساحرة وفم يبتسم له ، كانت هي الأخرى تنتظر قدوم الباص ، توجه نحوها دون أي مقدمات أو تفكير حيال ما ستكون ردة فعلها ، دارت بينهما محادثة:
الشاب: هل تفكرين في التعرف عليَّ ؟
الفتاة (بابتسامة لطيفة): أراك جريئاً !
الشاب: لم تجيبي على سؤالي !
الفتاة: ولماذا قد أكون مهتمة للتعرف عليك ؟!
الشاب: لأنني مهتمٌ بذلك !
الفتاة (بملامح خجولة): حسناً ، ولماذا أنت مهتمٌ للتعرف عليَّ؟
الشاب: لقد طرحت أسئلة كثيرة وإلى الآن لم تجيبي على سؤالي !
الفتاة: آه ! أُنظر لقد أتى الباص!
فهم الشاب من خلال طريقة كلام الفتاة وملامح وجهها أنها معجبة به !
فرح الشاب كثيراً بعد رؤية هذه الفتاة وأحس أن هناك أمل في الحياة ، وبنى هدفاً لحياته بأن تكون هذه الفتاة زوجته ويعيشوا حياة سعيدة إلى الأبد.
– نعود إلى نقطة الأصل في القصة :
يفتح هذا الشاب باب منزله بعد عودته من عمله وترتسم على شفتيه ابتسامة إنسان وجد سبيل سعادته في الحياة ، يستلقي على سريره ويفكر كثيراً في هذه الفتاة وجمالها الأخاذ ، وينتظر اليوم الجديد على أحر من الجمر ، يخلد إلى النوم متناسياً هذه النجوم التي كانت ملجأً له ولتساؤلاته ، ومتلهفاً للجانب الجديد في الحياة ، جانب السعادة الأبدي ، يستيقظ هذا الشاب من نومه ويقفز من على السرير ويجهز نفسه للعمل أو بالأحرى للقاء الفتاة الجميلة مجدداً ، وبالفعل يلتقي بها مجدداً ثم يبدأ بالتعرف عليها أكثر فأكثر ، تمر الأيام والأسابيع والأشهر ليصبحا صديقين حميمين أو بالأحرى حبيبين لبعضهما
ثم أتى ذلك اليوم الذي يستيقظ فيه من النوم ويجهز نفسه ، ولكن هذه المرة ليطلب من الفتاة أن تكون زوجا له ، يذهب الشاب إلى نفس المكان الذي يلتقيان به كل يوم ، ولكن لا يجد هذه الفتاة ! تمر الثواني والدقائق والساعات ولا زال الشاب منتظر قدوم الفتاة التي أسرته ، متناسيا عمله ، سئم الشاب من انتظارها و وجد عدة تبريرات لغيابها ثم عاد إلى منزله على أمل أن يجدها في اليوم التالي ..
ككل يوم يستيقظ هذا الشاب ويجهز نفسه و يصل إلى المكان ، ولكن مرة أخرى لا يجد الفتاة ، بدأ الشاب ينتابه القلق حول الفتاة التي أحبها ، فتبدأ الأفكار السلبية تنهش رأسه إلى أن تبتعد هذه الأفكار عن رأسه بعد أن سمع صوتها ! يلتفت الشاب فيجدها:
آه ، الحمد لله أنكِ هنا ! أين كنتِ يا فتاة لقد قلقت عليكِ كثيراً ؟
الفتاة: الوداع .
الشاب: الوداع ؟! ماذا تقصدين؟!
ثم فجأة ومن دون سابق إنذار تجري هذه الفتاة لتقف أمام الباص الذي يسير بسرعة !
وأمام عيون الشاب تنصدم الفتاة بالشاحنة بطريقة بشعة وتُرمى على الطريق ، يتجاهل الشاب ما حصل أمام عينيه لتبدأ المشاعر والأفكار المتخبطة تداهمه ! ثم يبدأ بالتساؤل:
– ماذا حصل؟
– لماذا قامت بالانتحار؟
يقاطع أفكاره صوت رجل كبير في السن وهو يسأله :
– هل أنت هو الشاب الذي يقابل هذه الفتاة كل يوم؟
الشاب (والحزن والغضب يسيطران عليه): آآآه نعم ! من أنت؟ وماذا يجري هنا؟
الرجل الكبير (مُدمع العينين): أنا والد هذه الفتاة (بالتبني) ولقد علمت أنني لست والدها الحقيقي منذ يومين !
يتملك الشاب كل أنواع المشاعر من حسرة وغضب وحزن وكآبة و…و…و… ثم يعود إلى منزله يأخذ ورقة وقلم ويكتب :
إن كنت تقرأ هذه الورقة فهذا يعني أنني مُت ، مهما حصل في هذه الحياة تأكد أنها مجرد لحظة عابرة ، عشها بسعادة لأنها هبـة من الله !.
تاريخ النشر : 2017-10-22