أدب الرعب والعام

سوء تفاهم

بقلم : الشيماء – مصر

سوء تفاهم
و هنا انتصب من داخل العربة شيء ما وتطلع إليهم عبر الزجاج بعيون لامعة

أخذت أجدُّ السير على الطريق السريع وأنا أتلفت يميناً ويساراً أبحث عن هدف الليلة .. 
منذ جئت إلى هنا وأنا أعاني من الرجوع كل يوم ، أحياناً أجد من يساعدني ولكن بصعوبة نظراً لخلو هذا الطريق من العمران ، تسألني ما الذي أتى بي هنا ؟ ومن أين جئت ؟ أقول جاء بي القدر ، وجئت من الجحيم !!

رأيت سيارة ركاب (مكروباص) يتهادى من بعيد ، أخذت أقفز وأشير له بيداي ، ولحسن الحظ توقف على بعد أمتار ، جريت نحوه وأنا أسمع صوت قدمي تضرب الإسفلت بعنف .. دسست رأسي من نافذة السيارة وهتفت :
– هل تسمح لي يا سيدي بتوصيلي لأقرب موقف سيارات ؟
كان الظلام يحيط بالسائق فلا أرى سوى شعلة صغيرة تتوسط وجه يفوح منها رائحة الدخان ، ولكنه رد علي بصوت أجش بعد تفكير :
– حسناً .. اركب

فتحت باب السيارة ودلفت للداخل ، لم أركب بجواره وركبت وراءه ، انطلقت السيارة وسرعان ما شعرت بالدفء اللذيذ يخدر أوصالي ، كان النوم يداعب جفوني عندما سألني السائق :

– أين تسكن ؟
قلت له وقد لعب النوم برأسي :
– لا تشغل بالك بمكان سكني فقط صلني بأقرب موقف
وقبل أن يباغتني بسؤال آخر همست له :
– المعذرة ، اسمح لي بأن أنام قليلاً حتى نصل

ولكنه لم يرد علي … كان يتشاجر مع سائق السيارة المجاورة لنا بسبب الـ ….

* * *

(أقسم لك يا سيدي كان يركب ورائي ويحادثني ، ثم تشاجرت مع سائق يبدو عليه العته ، وبعد المشاجرة أكملت حديثي معه … هوب وجدته فص ملح وداب )

تطلع مالك السيارة للسائق في تفحص قائلاً :
– بسيوني متأكد أنك لم تتعاطى شيئاً الليلة ؟
– ورحمة أبي وأمي وكل عائلتي الأحياء منهم والأموات .. ما أقوله لك هو ما حدث
تنهد صاحب السيارة وقال :
– ألم تتفحص السيارة ؟
قال السائق بخوف :
– الحق يقال ، بمجرد أن حدث ما حدث تجمد جسدي وأخذت أقود بجنون حتى وصلت لمنزلك هنا .
تنهد صاحبها وهو يسير نحوها ويقول بحماس مصطنع :
– دعنا إذن نفتشها جيداً ربما وجدنا شيء…

و هنا انتصب من داخل العربة شيء ما وتطلع إليهم عبر الزجاج بعيون لامعة …

صرخ السائق وفر سريعاً وهو يبسمل ويحوقل ، أما صاحب السيارة فقد تجمد في مكانه للحظات ثم سقط فاقداً الوعي ..

* * *

أفقت من نومي لأجد الظلام يلف المكان … أين نحن بالضبط وأين ذهب هذا السائق الأحمق ؟!
ثم سمعت صوته الأجش يتكلم بحماس مع أحدهم ، يبدو أنه مازال يتشاجر ، أوف أعرف تلك النوعية من السائقين لو سمحت له بالشجار فسيتشاجر ليوم الدين !

يا إلهي ماذا فعلت في حياتي حتى أرى كل هذا العذاب يومياً ،ليتني لم أقبل العمل في ذلك المصنع المتطرف ، فمنذ أن عملت به وأنا أعاني في الذهاب والإياب منه بسبب موقعه البعيد عن العمران ..

اعتدلت جالساً وأنا أشعر ببعض الدوار ، ثم حملقت في الخارج لأرى أين نحن ، وهنا و لدهشتي وجدت شخصاً ما يصرخ حتى أفزعني ويفر من المكان ، وشخص آخر كان يقف أمام باب السيارة .. يسقط كالشوال ..

هرولت للخارج وأنا ألعن العمل ومكان العمل واليوم الذي عملته فيه .. ترجلت من السيارة لأجد الرجل فاقداً للوعي ، أخذت أضرب وجهه ليفيق وأنا أبحث بعيني على أي شخص ليساعدني ، ولكن الوقت تأخر ولا يوجد أحد بالطريق ،
فجأة فتح الرجل عينه ثم تطلع إلي .. فقلت له بهدوء
حمداً لله على ..
ولكنه صرخ في وجهي :
– عفرييييييت
وهرول في اتجاه صديقه

نهضت وأنا أضرب كفاً بكف من هؤلاء المجانين … عازماً على إيجاد عمل آخر في أقرب وقت .

 

تاريخ النشر : 2017-10-30

guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى