سوء تفاهم
و هنا انتصب من داخل العربة شيء ما وتطلع إليهم عبر الزجاج بعيون لامعة |
أخذت أجدُّ السير على الطريق السريع وأنا أتلفت يميناً ويساراً أبحث عن هدف الليلة ..
منذ جئت إلى هنا وأنا أعاني من الرجوع كل يوم ، أحياناً أجد من يساعدني ولكن بصعوبة نظراً لخلو هذا الطريق من العمران ، تسألني ما الذي أتى بي هنا ؟ ومن أين جئت ؟ أقول جاء بي القدر ، وجئت من الجحيم !!
رأيت سيارة ركاب (مكروباص) يتهادى من بعيد ، أخذت أقفز وأشير له بيداي ، ولحسن الحظ توقف على بعد أمتار ، جريت نحوه وأنا أسمع صوت قدمي تضرب الإسفلت بعنف .. دسست رأسي من نافذة السيارة وهتفت :
– هل تسمح لي يا سيدي بتوصيلي لأقرب موقف سيارات ؟
كان الظلام يحيط بالسائق فلا أرى سوى شعلة صغيرة تتوسط وجه يفوح منها رائحة الدخان ، ولكنه رد علي بصوت أجش بعد تفكير :
– حسناً .. اركب
فتحت باب السيارة ودلفت للداخل ، لم أركب بجواره وركبت وراءه ، انطلقت السيارة وسرعان ما شعرت بالدفء اللذيذ يخدر أوصالي ، كان النوم يداعب جفوني عندما سألني السائق :
– أين تسكن ؟
قلت له وقد لعب النوم برأسي :
– لا تشغل بالك بمكان سكني فقط صلني بأقرب موقف
وقبل أن يباغتني بسؤال آخر همست له :
– المعذرة ، اسمح لي بأن أنام قليلاً حتى نصل
ولكنه لم يرد علي … كان يتشاجر مع سائق السيارة المجاورة لنا بسبب الـ ….
* * *
(أقسم لك يا سيدي كان يركب ورائي ويحادثني ، ثم تشاجرت مع سائق يبدو عليه العته ، وبعد المشاجرة أكملت حديثي معه … هوب وجدته فص ملح وداب )
تطلع مالك السيارة للسائق في تفحص قائلاً :
– بسيوني متأكد أنك لم تتعاطى شيئاً الليلة ؟
– ورحمة أبي وأمي وكل عائلتي الأحياء منهم والأموات .. ما أقوله لك هو ما حدث
تنهد صاحب السيارة وقال :
– ألم تتفحص السيارة ؟
قال السائق بخوف :
– الحق يقال ، بمجرد أن حدث ما حدث تجمد جسدي وأخذت أقود بجنون حتى وصلت لمنزلك هنا .
تنهد صاحبها وهو يسير نحوها ويقول بحماس مصطنع :
– دعنا إذن نفتشها جيداً ربما وجدنا شيء…
و هنا انتصب من داخل العربة شيء ما وتطلع إليهم عبر الزجاج بعيون لامعة …
صرخ السائق وفر سريعاً وهو يبسمل ويحوقل ، أما صاحب السيارة فقد تجمد في مكانه للحظات ثم سقط فاقداً الوعي ..
* * *
أفقت من نومي لأجد الظلام يلف المكان … أين نحن بالضبط وأين ذهب هذا السائق الأحمق ؟!
ثم سمعت صوته الأجش يتكلم بحماس مع أحدهم ، يبدو أنه مازال يتشاجر ، أوف أعرف تلك النوعية من السائقين لو سمحت له بالشجار فسيتشاجر ليوم الدين !
يا إلهي ماذا فعلت في حياتي حتى أرى كل هذا العذاب يومياً ،ليتني لم أقبل العمل في ذلك المصنع المتطرف ، فمنذ أن عملت به وأنا أعاني في الذهاب والإياب منه بسبب موقعه البعيد عن العمران ..
اعتدلت جالساً وأنا أشعر ببعض الدوار ، ثم حملقت في الخارج لأرى أين نحن ، وهنا و لدهشتي وجدت شخصاً ما يصرخ حتى أفزعني ويفر من المكان ، وشخص آخر كان يقف أمام باب السيارة .. يسقط كالشوال ..
هرولت للخارج وأنا ألعن العمل ومكان العمل واليوم الذي عملته فيه .. ترجلت من السيارة لأجد الرجل فاقداً للوعي ، أخذت أضرب وجهه ليفيق وأنا أبحث بعيني على أي شخص ليساعدني ، ولكن الوقت تأخر ولا يوجد أحد بالطريق ،
فجأة فتح الرجل عينه ثم تطلع إلي .. فقلت له بهدوء
حمداً لله على ..
ولكنه صرخ في وجهي :
– عفرييييييت
وهرول في اتجاه صديقه
نهضت وأنا أضرب كفاً بكف من هؤلاء المجانين … عازماً على إيجاد عمل آخر في أقرب وقت .
تاريخ النشر : 2017-10-30