أدب الرعب والعام

ماجين

بقلم : أحمد نوري ( L.A ) – المغرب

ماجين
لا بد أنك تتساءل الآن كيف وصل رجل فاني إلى عرش الشيطان ؟ لا بل و أصبح يهينه بعقر داره..

في عرض البحر و تحديداً بمثلث برمودا توجد هناك جزيرة صغيرة و مهجورة أبرز ما يميزها وجود جبل شامخ كبير بني فوقه قصر أسود ضخم كقصور دراكولا في قصص اﻷطفال الصغار به باب كبير من الفولاذ ، بعد ذلك الباب أي بداخل القصر ستجد رواقاً طويلاً تملأ جدرانه عدة لوحات محطمة لمخلوقات قبيحة ، تقدم و ستجد قاعة ضخمة يتوسطها عرش هائل مصنوع من العظام ، عظام الحمقى الذين اتخذوا من الشيطان إلهاً لهم، تقدم قليلا باتجاه ثريا كبيرة محطمة و سترى بوضوح إبليس/لوسيفر جالساً على ذلك العرش بينما يقف على يمناه رجل ذا شعر أشقر باهت ..

لا تهتم بالشيطان الذي داع صيته أكثر مما يستحق وركز على ذلك الرجل المرعب ، رجل ذا لون أنصع بياضاً من الثلج و عينان أكثر حمرة من الجمر نفسه ، اختبئ كي لا يروك و استمع إلى حديثهما حيث يقول الشيطان صارخاً بصوته الجهور :
– لماذا !! أيها الحقير.. كاد القصر أن يقع فوق رؤوسنا
فيرد عليه ذلك الرجل ساخراً بابتسامة تماشت مع شفتيه البنفسجيتين المرعبتين و اختلفت مع كلامه الساخر :
– من الحقير يا رأس الماعز؟.. للمرة ﻷلف أنا قلت لك إنها عادة ثم إن لم تصمت فسأقولها مجدداً
– أتحداك بأن تعيدها مجداً !!
– ولو لما لا.. بسم الله

هنا ستشعر بكامل الجزيرة تهتز كأنما ضربها زلزال لتسقط إثره عدة تماثيل قبيحة و ثريا أخرى ، لا تقلق فهذا الزلزال سيختفي خلال دقائق.. لا تتعب نفسك بالتساؤل حول ذلك الرجل الغامض فهو ببساطة كان يعرف قديماً بإسم أحمد، أنا أعرف كل هذا ﻷنني أنا هو.. لا بد أنك تتساءل الآن كيف وصل رجل فاني إلى عرش الشيطان ؟ لا بل و أصبح يهينه بعقر داره.. حسناً إن أخبرتك مباشرة فسأنهي المسألة بسرعة وأنا لا أملك ما أفعل لذلك لماذا لا نلعب لعبة صغيرة، أنا سأخبرك بقصتي بطريقة تدعك تستنتج عدة استنتاجات و إن كانت إستنتاجاتك صحيحة و أنا أعدك بأنها لن تكون ، لكن إن كانت فسوف أعطيك هدية غامضة ستعلمها بالنهاية و صدقني أنها تستحق اﻹنتظار ﻷجلها ، حسناً لنبدأ أيها المحقق..

تحديداً بقرون رسائل الحمام و قبل اختراع هذا الجهاز التافه الذي أحدثك منه كان قدري أن أولد كطفل لقيط رمته أمه بليلة باردة أمام عتبة باب أحد المساجد ، فعثر علي شيخ يدعى عبد الله ، ولحسن حظي أنه قام بكفلي و بتربيتي بالرغم من رفض زوجته القاطع فلوني ناصع البياض و عيناي الحمراوان كالجمر كانا مثاراً للشك بنظرها لكن الشيخ استمر على رأيه لتمضي اﻷيام وأصيبه بالدهشة ، فعندما بلغت السابعة بعصر طغت فيه اﻷمية وبدون أن يعلمني أحد كنت أستطيع الكتابة و القراءة و ختمت القرآن الكريم كاملاً بدون أن أعي ما فعلت ، فقد كنت أراه صديقي الوحيد حيث كنت أقرأه دائماً و أبدأ أيام طفولتي البائسة التي كنت أتجنب الخروج فيها من المنزل ، ﻷنني سئمت تلقي النقد على شيء لا قدرة بيدي ﻹصالحه ، شكلي المرعب الذي جعلني محط أنظار الكبار و سخرية أقراني..

بمراهقتي علمت بأني مشوَّه لذلك بينما كان جميع أقراني يخرجون لتعلم التجارة و رعي الغنم ، كنت أنا أتجنب الخروج و الاختلاط بالناس و لحسن الحظ عملي كمؤذن كان يساعدني على البقاء بالمسجد الذي أسكنه فإن وجب علي الخروج لسبب ما كنت ألبس جلباباً واسعاً و أقوم بتغطية وجهي أملاً بإخفاء جزء من تشوهي فاستمرت حياتي بهذا الروتين المزعج إلى أن حطمه إصابة الشيخ عبد الله بالمرض الشديد بشبابي، في تلك الحقبة كان مصير من يمرض أقل مرض هو الموت لا محالة لعدم كثرة اﻷطباء و قلة خبرتهم.. ذهبت إلى خيمته للاطمئنان عليه و بمجرد دخولي وجدت رجلاً فارع الطول تبادلت معه أطراف الحديث..
– ما أنت بفاعل هنا ؟
– أنا هنا أحاول علاج الشيخ عبد الله
– إذاً فأنت الطبيب الذي أرسلت الشيخة فاطمة الزهراء بطلبه.. طمئني عسى أنه بخير
– أستميحك عذراً فحالته شديدة.. لن يستغرق إلا سويعات حتى تأخذه سكرات الموت

خرج الطبيب من الخيمة فجلست بجانب الشيخ و أنا أتأمل بحزن كل الخير الذي أغدقه علي ليقاطع حبل أفكاري حضور الشيخة فاطمة الزهراء
– أبشر بالدخول يا طبيبنا
نهضت من مكاني مذهولاً و قلت لها
– يا شيختنا الفاضلة ألم يقم الطبيب بتشخيص حاله منذ قليل ؟
لم تعرني اهتماماً كعادتها فإذا بالطبيب يدخل و يا لهول الصدمة اﻷولى فهو لم يكن نفسه ، و بمجرد فحصه الشيخ قال نفس كلام الطبيب الذي قبله فانهارت الشيخة فاطمة الزهراء و لا ألومها فهو زوجها قبل كل شيء، خرجت مسرعاً من الخيمة لتصيبني الصدمة الثانية ، فلم أجد غير آثار حصانين مما يعني أن من كنت أكلمه إما طار إلى قريته أو أنه كان سراباً 

اتجهت إلى المسجد و أنا أفكر مع من كنت أتحدث يا ترى ، فهذه لم تكن المرة الأولى أو اﻷخيرة التي أحدث فيها شخصاً و يختفي فجأة ، قمت بصلاة الظهر ثم قررت ترك القرية نهائياً ، إذ ركبت على صهوة حصاني و ذهبت إلى المجهول ، فبعد رحيل الشيخ عبد الله رحمة الله عليه لم أعد مرغوباً ..
في الليل وسط الصحراء القاحلة وجدت مجموعة رجال أقزام يتنقلون في الرمال كسمك القرش بالماء بعصرنا هذا، هنا فهمت كل شيء بسبب حس الفراسة الهائل الذي ملكته منذ صغري، من كنت أراهم هم بنو سوميا إنهم الجن فأنا لم أكن أراهم من قبل بسبب قضائي جل عمري بالمسجد و بسبب عدم اختلاطي بالناس ، و لكن لماذا يمكنني رؤيتهم، ربما ولدت بدون حجاب..

بسبب تمكني من رؤيتهم قررت أن أصبح راقٍ أطرد الجن والشياطين ممن يصيبهم المس ولم تمضي إلا أشهر قليلة من العمل حتى ذاع صيتي مشارق البلاد و مغاربها ، فكان يتم ندائي من قبل الملوك و السادة حول القارة الشابة و بدؤوا يعطونني الملك و المال اللذان لم أطلبهما أبداً بمقابل خدماتي، اليوم الذي كان السبب اﻷكبر بوقوفي على عرش الشيطان هو ذلك اليوم الذي تم طلبي فيه من طرف أحد أكبر السادة بالمغرب العربي ، فذهبت إليه بحكم قرب الرحلة التي تستغرق ثلاثة ليالي، و عند وصولي إليه تم استقبالي بحرارة ﻷن ذلك السيد لم يرد إلا التفاخر بأنه يعرفني أمام أقرانه لكن وبينما كنا نشرب الشاي و نأكل اللحم لاحظت أن إحدى الخادمات مصابة بالسحر اﻷسود والذي يعد من أسوأ اﻷنواع ﻷن مطبقيه يستعينون بالشياطين العنيدة بدل الجن..

طلبت من السيد اﻹختلاء بها لعلاجها في أحد الخيم ثم جلست قبالة رأسها و أنا أقرأ سورة البقرة المباركة ، و بمجرد انتهائي رأيت كائناً أسود شديد البشاعة يصرخ
– توقف أرجوك جسدي يحرقني.. و كلامك يخنقني
– من أوكلك على إيذاء هذه الحرمة المصونة
– بحق برمودا !! يمكنك رؤيتي.. لكنك لست بجني أنت إنسان فانٍ و لعين لكنك تراني
– أنا هنا ﻷطردك يا أيها الشيطان
– لا داعي لذلك.. إن بقيت أنا هالك.. سأذهب وأتركها ﻷسأل سيدي عن حالك

ذهب فوقفت مكاني أستجمع أفكاري المشتتة فلست أول من يحصل على بركة سقوط الحجاب من عينيه ﻷرى الجن و لكن لم أسمع بحياتي عن شخص رأى شيطاناً ، ولماذا هرب بهذه السرعة ؟ أوَليسوا أكثر عناداً و شراسةً من الجن ؟

قطع حبل أفكاري إستيقاظ الخادمة التي لا أعلم لماذا لكنني لم أتمكن من إبعاد عيني عنها
– عفواً من تكون يا سيد
– أنا الراقي الذي أزلت عنكِ سحرك

لم ترد علي فقد بدا الخجل واضحاً بعينيها الزرقاوان، خرجت من الخيمة و أنا لا أستطيع نسيان خصل شعرها الشقراء كأشعة الشمس و وجهها الجميل ذا البياض الناصع لذلك عدت إلى السيد و سألته عنها
– عفواً يا سيادتك.. لقد نجحت لطردت الشيطان من الخادمة
– سبحانك يا رب العالمين يا من أعطيت عبدك هذه الموهبة.. اسمع جهزت ﻷجلك هدايا من النفائس التي لن أسمح لك بالذهاب دونها
– لدي عندك سؤال.. لقد ولدت و عشت جل حياتي بالمغرب لكنني لم أرَ إمرأة كخادمتك
صمت قليلاً ثم قال لي
– في الحقيقة هذه الخادمة اﻷمازيغية تدعى عائشة.. لقد كانت طفلة لقيطة فقامت عائلة من القرويين بتربيتها إلى أن كبرت ولكن تلك العائلة لقيت حتفها بسبب مرض أصابهم من السحر بعدما كفلوها بعدة سنوات.. تم طرد عائشة من القرية بسبب إتهام الجميع لها بأنها ساحرة ، فوجدها أحد رجالي و أحضرها لذلك لم أجد غير أن أدعها تعمل هنا كخادمة و إلا الله وحده يعلم ما كان ليصيبها

صمتت و أنا أفكر فأنا أعرف شعورها، يلومونك على شيء لم ترتكبه ولا حول ولا قوة لك لتغييره، نظرت إلى السيد و أنا كلي إيمان على ما سأقدم عليه وقلت
– حضرة السيد أهناك بيت للبيع في أرضكم المباركة
اعتدل في جلسته وقال ضاحكاً :
– أنت يا أفضل الراقين العرب بزمانك تريد أن تعيش بأرضنا المتواضعة ؟ والله ﻷعطينك أكبر البيوت ولو بنيته بيدي
– ما أنا بآخد منك شيئاً فلدي مالي.. جل ما أريد أن أعرف مكان بيت للبيع
– أما سمعتني أحلف بإسم الجلالة.. أبشر فبيتك هدية من عندي

لم أستطع كسر كلمة السيد الذي ملك رأساً أعند من أعند الجن لذلك وافقت على طلبه و استقريت بمنزلي الجديد، أنا لا أعلم لماذا لكنني بدأت بإرسال عدة رسائل بعضها من الشعر إلى تلك الخادمة المصونة فتذكرت بعدما نسيت للحظة أنني ذا وجه مشوه و ملاك كعائشة تستحق من هو أفضل مني، لكن ما وقع علي كالصاعقة أنها ردت علي برسالة كانت تمدحني فيها، هنا لم أتمالك نفسي ، هذه كانت أول إمرأة لا بل أول مخلوق يمدحني بعد الشيخ عبد الله رحمه الله.. لم أعد أتمالك نفسي فبدأت بفعل ما يفعله المراهقون، كنت أبلغ الثالثة و العشرين من العمر حين بدأت أتسلل ليلاً لمحادثتها من سور القصر ، كم عشقتها إذ لم تنظر إلى تشوهي بل نظرت إلى ثقافتي و علمي لذلك قسمت الشك باليقين هذه من ستكون زوجتي..

في اليوم الذي بعده ذهبت إلى قصر السيد فاستقبلني رجاله بحرارة و قادوني إليه فقلت له وأنا أراه جالساً على كرسيه
– سيادتك.. جئت و لي عندك طلب أرجو أن لا تردني فيه
– أبشر و أطلب ما تشاء فلو طلبت النجم لن يغلو عليك
– جئتك ﻷطلب يد خادمتك المصونة عائشة
نهض عن كرسيه مشيراً إلى إحدى الخادمات لتقترب قليلاً ثم قال بابتسامة
– شرط واجب سماع رأي عائشة.. هند اذهبي و إسأليها عن رأيها بخصوص سؤال ضيفنا أحمد
ذهب الخادمة هند فبيقنا ننتظر قليلاً ، حتى عادت وهي تحمل اﻷخبار السارة ، إذ أن عائشة وافقت

موافقتها كانت كالحلم فلم أتصور يوماً في كل حياتي بأن هناك في هذه الدنيا إمرأة سترضى برجل مشوه مثلي، أنعم علي الله مجدداً بنعمة أخرى..

بعد شهر واحد تمت إقامة واحدة من أكبر حفلات الزفاف التي رأتها المغرب بذلك الوقت، حيث تزوجت المرأة التي أحب ﻷعيش ما بقي من حياتي بسعادة أو هكذا ظننت ، فبعد سنة واحدة من الزواج أصيبت زوجتي بمرض شديد لم يتمكن أفضل أطباء المغرب من علاجه فقمت بأخذها إلى الجزائر ثم تونس ولكن عبثاً كل اﻷطباء كانوا يقولون بأنها مصابة بمرض جديد ، فقمت بإعادتها إلى المغرب حيث طلبت مني أنها تريد الموت على تراب أرضها ..

استمرت حالتها بالسوء يوماً بعد يوم و في غضون ستة أشهر أصبحت كل أعضاء جسدها الداخلية تؤلمها بشدة و أصيبت بالشلل، لم أستطع أن أصبر على رؤية المرأة الوحيدة التي أحبتني لشخصي تتألم هكذا أمامي ولكن ما كان بيدي حيلة لذلك جلست بجانب رأسها و أخذت أقرأ سور القرآن الكريم علها تشفيها لكن عبثاً فحالتها زادت سوءاً وبدأت تسعل دماً ، نظرت إلى الدموع التي نزلت من عيني الحمراوين و قالت لي بصعوبة متناهية :
– أحمد.. أنا أتعبتك معي كثيراً أليس كذلك؟ أنا أسفة جداً

رددت باكياً بعدما أمسكت يدها المتجمدة ولن أنسى منظرها و حالتها ما حييت
– لا تتأسفي أبداً.. أنت لم تتعبيني بشيء كيف تتعبيني و أنت هي راحتي بالدنيا يا عائشة

قالت لي وهي تحارب لكي تخرج الكلمات من فمها :
– أنا أعلم بأني أتعبتك كثيرا.. فبدل أن أهتم بك أنا زوجتك قمت أنت بالاهتمام بي مدة السنتين.. سامحني أرجوك
انفجرت باكياً و لا أخجل من قولها
– أنتِ مريضة لا تتحدثي.. تحتاجين إلى الراحة فقريباً ستنهضين بصحة جيدة

أغمضت عينيها لتنام، فالنوم وحده كان مهربها من آلام جسدها الشنيعة ، و بينما هي نائمة أخذت أدعو باكياً
– يا الله خذ صحتي و أعطها لها و خذ مرضها و أعطه لي يا رب العالمين أرجوك إنها أغلى ما أملك أرجوك
وفجأة لمحت ظلاً أسود ذا ثلاثة عيون شديدة اﻹحمرار يقف بزاوية السرير الذي تنام عليه زوجتي النائمة فقلت صارخاً بدون خوف بعدما فقدت اﻷمل بكل شيء من هذه الدنيا
– من تكون يا هذا ؟ و ما الذي تريده مني ؟

حل الصمت لبرهة ثم سمعت صوته اﻷجش
– من أنا !! من أنا ؟ معك حق أنا من يدعونني بلوسيفر/ إبليس و من يلقبونني بسفير الشر.. أريد مساعدتك فحين تخلى عنك خالقك أنا أتيت بنفسي لمساعدتك

لنتوقف هنا فبعد خروجي من منزلي اتجهت مع الشيطان إلى مثلث برمودا، أتعلم أنا أستلطفك أيها القارئ لذلك سأقوم بمساعدتك قليلاً فالجواب تستنتجه مما سيحدث بالكوخ، فكر منذ بداية قصتي إلى هذه اللحظة بمنزلي ماذا يمكن أن يحدث ليكون السبب وراء ذهابي إلى برمودا ؟ فهذه أخر فرصة للإجابة..
ممتاز طارت أدمغة بعضكم كثيراً و ظنوا بأنني أضرمت عقداً مع الشيطان ﻷنقذ زوجتي بينما سقطت أدمغة البقية أرضاً و قالو بأنني كنت ساحراً ، لكن لحظة.. هناك نسبة قليلة من الذين ملكوا حس فراسة عالي وعرفوا الجواب لكني لن أقوله بل سأكمل القصة لتفهمه بنفسك، أين كنا أوه صحيح..

فجأة لمحت ظلاً أسود ذا ثلاثة عيون شديدة ااحمرار يقف بزاوية السرير الذي ترقد عليه زوجتي النائمة فقلت صارخاً بدون خوف بعدما فقدت اﻷمل بكل شيء من هذه الدنيا
– من تكون يا هذا ؟ و ما الذي تريده مني ؟
حل الصمت لبرهة ثم سمعت صوته اﻷجش
– من أنا!! من أنا؟ معك حق أنا من يدعونني بلوسيفر/ إبليس و من يلقبونني بسفير الشر.. أريد مساعدتك فحين تخلى عنك خالقك أنا أتيت بنفسي لمساعدتك
علت و جهي ملامح الغضب فقلت :
– إرحل عني!! ثم قبولي لمساعدتك يعني رفضي لقضاء و قدر الله الذي كتبه لي.. ناهيك عن أني حتى لو قبلت مساعدتك لن يتغير شيء إلا بإذنه

صرخ قائلاً و الدخان يتصاعد منه بشدة كأنما احترق بعد نطقي ﻹسم الجلالة
– إذاً دع المرأة الوحيدة التي أحبتك تتعذب إلى أن تموت أو.. في الحقيقة هنالك حل وسط أقتلها و أنهي عذابها
نظرت إلى زوجتي النائمة على سريرها كأنما أسخر من حله السخيف ولكن فجأة إستيقظت وهي تصرخ من اﻷلم فلم أمسك نفسي إذ لم أرَ مجرد زوجة عادية بثقافة العرب تنجب اﻷولاد وتؤنس زوجها بل رأيت المرأة الوحيدة التي أحبتني لشخصي بالرغم من تشوهي وهي قد تألمت بما فيه الكفاية، قلت في نفسي إلى متى ستتألم هكذا.. لذلك أمسكت سكيناً ثم قمت بطعنها في قلبها ..

نزل الدمع من عيني و أحسست باﻷلم يملئأ كل جسدي مع كل ثانية تمر ، نظرت إلى عينيها الزرقاوين كزرقة السماء فأحسست كأنها تشكرني ﻹنهاء حياتها..
نظرت إلى الشيطان الذي أخذ يقول ضاحكاً ساخراً
– قتلت زوجتك.. قتلت بيديك المرأة الوحيدة التي أحبت جوهرك يا أحمق.. قتلتها
– نعم لقد قمت بقتلها و اآن بعدما تشمتَّ بي ماذا تريد ؟

اختفت سمات الضحك من أسلوب كلامة و تحولت إلى صراخ غاضب
– أتعلم كم من أنثى وذكر جن سخرت ﻷحصل على مولود يشبهك ؟ مئات الآلاف !! وجميعهم عادوا بأطفال من الجن .

هنا ذهب عقلي بعيداً و بدأت أفهم قليلاً ما الذي يعنيه هذا الحقير فأنا، قاطعني..
– أنت نتاج زنا بين الجن و اﻹنس أيها اللعين!! و اﻷسوء أنت الوحيد.. فقد أخذت كل المزايا الجيدة من الجنسين فأنت ملكت المناعة البشرية ضد اسم اﻹله و الذكاء الهائل الذي زاد بفضل قدرتك التي اكتسبتها من جنس الجن ، إذ أنك ستعمر إلى يوم القيامة و يمكنك رؤيتنا ، باﻹضافة للكثير الكثير

لا أنكر صدمتي بما سمعت ولكني لم أشأ إعطاء الشيطان نشوة رؤيتي محطماً لذلك قمت باستخدام السلاح الذي يمكنه تدمير البشر داخلياً ، السلاح الذي طالما استخدمته بطفولتي ﻹسكات من سخروا من قبحي وهو ابتسامة، نعم ابتسمت في وجه الشيطان
– لماذا أتيت إذاً ؟ ماذا تتوقع مني ؟
ضحك بشكل هستيري ثم قال بصوته الجهوري :
– ألم تفهم بعد !! أنا هو مرض زوجتك اللعينة.. أنا من جعلتها هكذا أنا من جعلتك تقتلها
كدت أجن، أو ربما جننت بالفعل فقد أمسكت السكين و قمت بقطع فمي من اﻷذن إلى اﻷذن راسماً ابتسامة ، ثم قلت مبتسماً :
– أتعلم؟ أريد أن أذهب معك.. أريد أن أخدمك أيها الحقير

نظر إلي بشكل غريب ، فالشيطان نفسه لم يتمكن من توقع تصرفاتي أبداً ، ثم قال :
– لماذا ؟ أنا جعلتك تقتل زوجتك لماذا تريد أن تخدمني ؟
– أنا قد ختمت القرآن الكريم كاملاً لذلك فأنا أعلم جيداً مصيرك يوم الدين.. وﻷني قتلت زوجتي بيدي أريد أن أحترق بالجحيم إلى جانبك
نظر إلي جيداً ثم قال لي :
– إذاً فلنذهب إلى بيرمودا
ذهبت مع الشيطان إلى بيته.. أتعلم أيها القارئ، الذي تمكنت من حل سؤالي هديتك النفيسة هي رؤيتي، سأظهر أمامك عندما تنفرد بنفسك و تطفئ جميع اﻷضواء في منزلك و سآخذك في رحلة ممتعة في بيرمودا و لا تخف سأعيدك إلى البيت سالماً.، فهذا لب الهدية

أنا لست مجرد قصة خيالية بل أنا شخصية حقيقية و اسمي ( ماجين ) .. أغضبتموني حقاً يا معشر العرب عامة و يا معشر المغاربة خاصةً ، فجميعكم تذكرون عائشة القندشية تلك الغبية التي لا تنفع بشيء و تحذرون منها ، بينما لا يذكر اسمي أحد .. وأنا من أرعبت أرضكم سنوات طوال قديماً عندما كان ينطق اسمي في الجزائر و المغرب كان الجميع يصاب بالرهاب و يصرخون بوجه الناطق و لكن الآن ماتت أسطورتي و انقرضت..

ملاحظة : 

هذه القصة مقتبسة من أسطورة فلكورية مغربية منقرضة عن مولود إنسية و جني يدعى ( ماجين ) ، فحسب اﻷسطورة بمجرد ذكر إسمه تأتي المصائب التي لا تنتهي.
 

تاريخ النشر : 2018-01-25

guest
78 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى