تجارب من واقع الحياة

حياتي بدون دراسة

بقلم : يقطين – المغرب
للتواصل : [email protected]

حياتي بدون دراسة
لقد أصابني التعب النفسي و الارهاق بسبب الدراسة المستمرة

 السلام عليكم رواد موقع كابوس ، أنا فتاة في العشرين من عمري أعيش مع والداي حياة يسيرة و الحمد لله لا تواجهني أية مشاكل كبرى في حياتي فوالداي حفظهما الله يبذلان الغالي و النفيس من أجل راحتي و تلبية رغباتي و ضمان العيش الكريم و أنا بدوري لم أكن مقصرة طوال تلك السنين إذ أن الشيء الوحيد الذي كنت مطالبة بفعله هو الاهتمام بدراستي و قد كنت و الحمد لله منذ صغري من الأوائل بل من النخبة و هو الأمر الذي زاد بالتأكيد من مكانتي و قيمتي عند أهلي خصوصاً عند أبي الذي يهتم كثيرا بالدراسة و الشهادات ، و أنا و أخي الأكبر قد لبينا له الرغبة حتى صار أسم عائلتنا معروفاً داخل المؤسسات التعليمية و بين رجال التعليم و الأطر التربوية التي كان أبي واحداً منها

أخي و الحمد لله قد اكمل دراساته العليا و حصل على منصب بعمل مرموق و بقي الدور علي أنا ، منذ وصول أخي لبر الأمان كما يُقال أنصب جل الاهتمام علي و صار الجميع يتنبأ لي بمستقبل زاهر كالذي حصل عليه أخي و ربما أفضل لأنني توفقت في الولوج إلى واحدة من أرقى المدراس العليا في البلد و هو الأمر الذي جعلني أكبر في عيني أبي كثيراً

 إلى حد الأن لم أطرح مشكلتي فمنذ بداية السنة بدأت أعاني من بعض المشاكل النفسية فقد مررت بفترات من الاكتئاب و ميل ، للعزلة في البداية تجاهلت الأمر و حاولت التغلب عليها خصوصاً أنه سبق أن عشت نفس التجربة قبل عدة سنوات و تمكنت و لله الحمد من تجاوزها ، و لكن هذه المرة لم أوفق مع الأسف ربما لأن الأمر لا يقتصر فقط على الجانب النفسي و أنما على التعب الجسدي أيضاً

 بصراحة الدراسة أنهكتني و سلبت صحتي و استنزفت طاقاتي ، صدقاً لقد بدأت اسأم من الأمر فلا يوجد شيء في حياتي غير الدراسة لا أملك مواهب أو هوايات بل حتى لا أجد وقت الفراغ لتلك الأمور التي اعتبرتها منذ صغري أشياء تافهة ، ربما ستقولون لي بأنه لا أحد يحب الدراسة و لا بد من الصبر و الكد ، و لكن الأمر فاق قدراتي فكما أسلفت الذكر أنا حالياً أدرس بواحدة من أشهر الجامعات التي يتنافس عليها الطلبة من كل الجهات في بلادنا و لكم أن تتخيلوا مقدار الجهد و التعب الذي بذلته لأقبل فيها أولاً و لأواكب مستوى الدراسة فيها

 ثانياً منذ أن بدأت حياتي الجامعية سلبت حياتي مني و صرت أعمل كالآلة أسير وفق برامج مضبوطة و كل ساعات يومي مخطط لها و لا يوجد وقت لا أفكر فيه في الدراسة ، حتى عندما أخرج أو أقوم بنشاطات أخرى أحسب الوقت الذي سيضيع مني و أحاول تعويضه بالسهر في الليل ، حتى صرت أعاني من إرهاق و تعب شديد بسبب نقص ساعات النوم

 مرة أخرى ستقولون لي بأنه يجب علي فقط تنظيم وقتي و إعطاء كل شيء حقه ، و لكن يا أعزائي أتمنى لو تلقوا نظرة على كم الدروس والمناهج التي يطالبوننا بحفظها و نظام الدراسة الصعب ، باختصار يريدون أن يجعلوا منا عباقرة بأي طريقة و هو ما جعل حماسي يتلاشى شيئاً فشيئاً ، صرت أقول : ما الفائدة من دخول تلك الجامعة المرموقة إن كنت سافني شبابي بين أربع جدران و وسط هذا الكم الهائل من الأوراق و الكتب ؟

لا يمكن أن أصف لكم شعوري عندما أرى صديقاتي اللواتي ولجن إلى مدارس أخرى يعشن حياتهن بالطول و العرض و يستمتعن بكل أنشطة الشباب من خرجات و حفلات و تسوق و أنا لم أعد أجد حتى الوقت للاستحمام ، لن أكذب عليكم لقد صرت مثل الزومبي و لا تلوموني فقد أهملت نفسي تماماً و لم أعد تلك الأنسة الجميلة و المتألقة التي كان الجميع يضرب المثل بأناقتها و رقيها

لا بأس أعلم أن الكثير سيقولون مرة بأن علي الصبر فهذه فترة عابرة و الأنسان يجب أن يكد في شبابه ليستريح في كبره ، في الحقيقة لا اؤمن بذلك بتاتاً و هذه ليست فلسفتي في الحياة ، لا أفهم لما علي أن أفكر في مستقبل ؟ لا أعلم حتى أن كنت سأبلغه أم لا ؟ لا أحد منا يعرف متى سيغادر هذه الحياة ، و شخصياً أركز دائماً على الحاضر بالنسبة لي ، كل يوم هو هدية من الله و يجب أن نعيشه كما نحب

 اسفه على الإطالة فإلى حد الأن لم اشرح مشكلتي التي أتمنى لو تساعدوني فيها

بعد سنة كاملة من الصراع النفسي بيني و بين نفسي توصلت إلى قرار جريء بعض الشيء ، لقد قررت أن اخذ سنة بيضاء ، أعلم أن الأمر يبدو متسرعاً ، و لكن ثقوا بي هو ليس كذلك لقد استشرت بالفعل مع كثير من أصدقائي و أفراد عائلتي كما إنني طرحت الأمر على والداي و رحبا بالفكرة كثيراً و هو ما أزعجني بعض الشيء ، فقد وددت لو ناقشاني في الأمر و حاولا ثنيي عن قراري ، و لكن والداي لا يتدخلان في أي شيء و لو حتى بتقديم النصح و يدعاني أتخذ قرارات حياتي بنفسي ، لقد أخبراني بأنهما يعلمان بالفعل بالمجهود الجبار الذي أقوم به و يلاحظان تدهور صحتي و بالتأكيد لا شيء يهمهما أكثر من أكون في صحة جيدة

 مع ذلك لا أخفيكم سراً بأنني منذ أن اتخذت هذا القرار صرت أعاني من تأنيب الضمير و صرت ألوم نفسي على هذا التقصير الكبير في حق والداي اللذان لم يبخلا على بأي شيء و وفرا لي كل الأسباب لأتم دراستي دون عراقيل ، كما إنني قد فقدت ثقتي بنفسي و لم أعد أرى نفسي تلك الفتاة الذكية المجدة المنضبطة التي كنت عليها قبل سنوات بل صرت أعاني من خمول و كسل شديد و كأنني أريد أن أعوض ساعات الراحة التي فاتتني و قد جسمي تعود على هذا ، فقد الفت التأخر في النوم و قضاء اليوم بطوله أمام الحاسوب مما جعلني أعيد التفكير في قراري خصوصاً أن الوقت لم يفت إذا أردت أن أكمل

 نصحني والداي بأن أقوم بنشاطات أخرى خلال هذه السنة ، و لكن مشكلتي هي إنني فتاة قضت حياتها كلها تأكل الأوراق و ببساطة لا أعرف كيف استمتع بحياتي ، لذلك يا أعزائي أرجو منكم أن لا تبخلوا علي بنصحكم ، أولاً أريد أن اسأل هل في نظركم ما أقدمت عليه خطوة صائبة و ، و هل أستحق هذا اللوم الذي ألقيه على نفسي ؟

هل إيقاف الدراسة لسنة كاملة و الجلوس في المنزل سيجعلني أعتاد على الكسل و بالتالي سوف أجد صعوبة في البداء من جديد ، و أرجوكم اقترحوا علي آية أنشطة أستطيع ممارستها فأنا في حيرة من أمري ، فلطالما تمنيت أن أكون شخصاً فعالاً في المجتمع و لكن الدراسة لم تكن تدع لي الوقت للأبداع أو المشاركة في العمل الجمعي أو غير ذلك ، و لكم جزيل الشكر أصدقائي.

 

 

تاريخ النشر : 2018-05-19

guest
21 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى