مايكل سكونتي : قاضي الأحكام الطريفة 

اعتدنا في مختلف الجرائم الصغيرة و المخالفات القانونيّة أن تكون عقوبتها إمّا السجن أو دفع غرامة ماليّة أو كلتاهما معاً ، لكن وفقاً للقاضي مايكل سكونتي قاضي محكمة البلدية في مدينة باينسفيل الأمريكية بولاية أوهايو ، فإن الأحكام قد تتنوّع ، حيث أنّ العقوبة عنده لا تتمثّل بالسجن فحسب بل لديه أحكام عجيبة و طريفة بنفس الوقت ، يتخذها استناداً إلى مبدأ ” الجزاء من جنس العمل ” ، فهو يرى أنّ تطبيق القانون حرفيّاً و إيداع الجاني في الحبس قد لا يردعه عن القيام مجدّداً بجنحة أخرى و العودة ثانيةً إلى السجن ، بل إن الجاني في هذه الحالة قد يصبح أكثر ذكاءً في التعامل مع الشرطة و أجهزة التحقيق و تكبر عندها جرائمه . لذا هو يلجأ لعقوبات رادعة تُشعِر المجرم بالإحراج و الخجل و تجعله يفكّر مائة مرة قبل انتهاك القانون أو القيام بأعمال تضرُّ بالآخرين .

تاريخ هذا القاضي حافل بالأحكام و العقوبات التي تدلُّ على إبداعٍ في الفكر و حرصٍ على إقامة العدالة بأنجع الطرق ،  سأسرد عليكم بعضاً منها : 

بعد أن أثار صخبا و إزعاجا يجلس هذا الشاب في الغابة بين الأشجار عقوبة !

1- أمر جيراناً مزعجين يثيرون الصَّخب دائماً إلى قضاء يوم صامت في الغابة . أيضاً في حكمٍ مشابهٍ أمر شاباً يثير الإزعاج بأصوات الموسيقا الصاخبة الصّادرة من سيارته بالجلوس 3 ساعات في الغابة متأمّلاً إياها بصمت .

2 – حكم على امرأة تدعى ميشال عمرها 26 عاماً تخلَّت عن 35 قطة و تركتها في الغابة شتاءً يواجهن البرد القارس قضاء ليلة كاملة في الغابة مواجهةً نفس الظروف !

3 – حكم على رجل أطلق النار على كلب بالتبرّع بـ40 رطل من طعام الكلاب في كل عطلة لمأوى الكلاب .

ساعتان امضاهما هذا الرجل مع هذا الخنزير

4 – رجل ارتكب مخالفةً مروريّةً و أثناء إيقاف الشرطة له ثار غضبه و وصف رجال الشرطة بالخنازير ، و لسوء حظّه وقعت قضيته في يد صاحبنا القاضي ، فأمره بالوقوف لمدَّة ساعتين عند مركز الشرطة مع خنزيرٍ يزن 350 رطل و لافتة مكتوب عليها ” هذا ليس رجل شرطة ” . أتساءل لو أنَّ هذا الرجل وصف رجال الشرطة بوصفٍ آخر أو لو أنه وجَّه لهم شتيمة من العيار الثقيل كيف ستكون عقوبته عندها ؟؟ و أيضاً لو أن هذا القاضي عندنا بالتأكيد كان سيبدع باستنباط الأحكام المتعلقة بشتم الناس لرجال الشرطة و المارة أثناء القيادة .

5 – إصدار الأحكام العجيبة لا ينتهي عن هذا القاضي ، فقد تجنَّب الشاب والش الذي قام بسرقة دراجة نارية عقوبة السجن لمدة 60 يوم عندما اختار السير مدة عشرة أيام في شوارع المدينة حاملاً لافتة لصالح إحدى الجمعيات الخيرية ، يقول والش أن هذه العقوبة جعلته يثبت للناس أن باستطاعته تقديم خدماتٍ للمجتمع و أنه سعيد بأن مُنِح فرصة أخرى لتجنب القيام بأعمال غبية و ضارَّة كسرقة دراجة مثلاً .

تكفيرا عن سرقته للدراجة قام هذا الفتى بعمل خيري

6 – امرأة سارت 30 ميلاً في سيّارة أجرة و رفضت إعطاء السّائق أجرته ، أمرها القاضي بالسير هذه الثلاثين ميل على الأقدام لمدة يومين . 

7 – أجبر مربية قامت بضرب طفل على قراءة كتب و مقالات تتحدث عن التربية و خطر ضرب الأطفال و من ثم مناقشتها في قاعة المحكمة أمام والدي الطفل و القاضي و بقية الحضور .

8 – شابّان قاما بإلقاء صخرةٍ على جسر أوهايو فقط للقيام بأعمال شغبٍ و تخريب ، فأمرهما سكونتي بحمل لافتةٍ يعتذران فيها عن أعمالهما المسيئة .

القاضي سكونتي يتاكد بنفسه أن الشابين قاما بحمل تلك اللافتة

9 – جعل امرأة سرقت أموالاً من الكنيسة تقف عند بابها حاملةً لافتة تقول فيها أنها سرقت أموالاً و بأنها تعتذر من كل مرتادي هذه الكنيسة .

10 – إلسا مورو اتهمت بالتعامل بقسوة مع الحيوانات حيث أنها أهملت كلباً و تركته لأسبوع كامل وحيداً في المنزل فخيرها القاضي سكونتي بين السجن لمدة 30 يوماً أو العمل 8 ساعات في تفريغ القمامة ، فاختارت مورو العقوبة الثانية .

لم تتوقع إلسا مور نفسها تفرغ القمامة لكنها فضلت هذه العقوبة على السجن

11 – مراهق في الثامنة عشر سرق كتباً إباحيَّة من متجرٍ كتب للكبار فقط ، عاقبه سكونتي بأن جعله يقف أمام باب المكتبة معصوب العينين يحمل لافتة كتب عليها ” لا أرى الشر ” .

12 – مراهقون قاموا بإتلاف عجلات حافلةٍ مدرسيّةٍ مما اضطرها لإلغاء رحلةٍ كانت ستقوم بها للأطفال ، أمرهم قاضينا الطريف بالقيام بنزهة لهؤلاء الأطفال تعويضاً عن رحلتهم الملغاة بسبب أفعالهم و شغبهم .

على نهج سكونتي ، قاضي آخر يصدر حكما مشابها لأحكامه

و هناك عدّة قضاة تأثروا بمبدأ القاضي سكونتي في إصدار العقوبات التي أصبحت شائعةً في البلاد ، فقد أمر القاضي بينكلي كار من ولاية كليفلاند المرأة هاردين بحمل لافتةٍ لمدّة يومين في ساعة الذروة عندما يكون الشارع غاصاً بالمارة ، كان مكتوب في هذه اللافتة ” فقط هو الأحمق من يقود على الرصيف ليتجنب حافلة مدرسية ” و ذلك بعد أن فشلت في تجنّب حافلة مدرسة كانت تسير في الطريق مما جعلها تقود على الرصيف . كما غرمت بمبلغٍ مالي و سحبت رخصة القيادة منها لمدة 30 يوم . عبّر سكونتي عن سعادته عندما سمع بهذا الحكم و قال لا بأس ببعض الإحراج و التشهير في سبيل تحقيق العدالة و ردع الغير .

يتمتع سكونتي بشعبية واسعة نظرا لعقوباته التي لاقت قبولا عند زملائه القضاة و ايضا لدى العامة

نال القاضي مايكل سكونتي شعبيّة واسعة و تأتيه عدة رسائل من معجبيه ، هو من مواليد 1951 ، أمضى أكثر من 20 عام في ممارسة مهنة القضاء ، و في عام 1994 تم انتخابه مجدداً ليكون قاضي محكمة البلدية و أيضاً تم فيما بعد اختياره رئيساً لرابطة القضاة الأمريكيين .. و تاريخه حافل بالنجاحات و النشاطات منذ أن كان طالباً .

يرى باحثون أنّ هذا النوع من العقوبات التي اتّبعها سكونتي و غيره من القضاة لا تشكل رادعاً فحسب ، فهي قد تهذب سلوك المذنب و أيضاً توفر مالاً عامّاً كانت ستنفقه الدولة على إقامة المذنب في السجن .

أخيراً :
لو أن هذا القاضي عندنا ، كيف سيتعامل مع مرتكبي هكذا جرائم و تجاوزات في بلدانٍ تسود فيها المحسوبيّة و وجود فئة لا تطالها أيدي العدالة لأنها “فوق القانون” ، هل كان سيبقى في منصبه ؟؟ لا أعتقد ذلك .
على العموم ، ما رأيكم بهذا القاضي ؟ هل تشجعون هكذا عقوبات و تعتقدون أنها مفيدة أكثر من السجن ؟ و هل الإحراج الذي تسبّبه للمذنب تجعله يتوب أم تدفعه للتهاون و إعادة الكرّة ؟؟

المصادر :

1 – Michael Cicconetti – Wikipedia

2 – “Judge Uses Unusual Punishments to Keep People Out of Jail” _ ABC news

3 – Cleveland woman holding “idiot” sign only the latest oddball sentences from Northheast Ohio judges”ot.html