أدب الرعب والعام

هذيان

بقلم : Hypatos – jordan

مازلت أحبها جدا وأعلم أنني لن أجد مثلها أبدا

1

كالعادة استيقظت الساعة الثانية بعد منتصف الليل بتوقيت عمان، الساعة الثانية عشر منتصف الليل بتوقيت تونس، لم أستطع تنظيم وقتي من جديد ، بقيت هذه العادة تلازمني منذ أن تعرفت على كلارا، تلك الفتاة التونسية التي أحببتها من كل قلبي، لا أعلم كيف كانت البداية، صداقة بريئة على موقع التواصل الاجتماعي”الفيسبوك”، كنا نتناقش حول الكتب وقصص الرعب والفن والموسيقى وأمور كثيرة، رغم صغر سنها إلا أنها كانت تملك عقل امرأة عاشت ألف عام، كانت كون بحد ذاته، سحرني ذكاؤها وكلامها وروحها وكل شيء فيها، تعلقت بها وأحببتها قبل أن أرى صورتها ، كانت ومازالت في مخيلتي قبس من نور .

تطورت علاقتي معها سريعا فأصبحت أحدثها وأسمع صوتها وأراها، هذه الفتاة مخلوقة من نور ، لم أقابل مثلها قبلا، أحببتها وتعلقت بها واكتفيت بها، أفكر بها كل وقت، لم أعد أرغب بالحديث مع أحد سواها، سكنتني وسحرتني بجمال روحها وشكلها وعقلها، كانت فتاة كاملة الأوصاف، ذكية جدا.

نظمت وقتي بين العمل وبين السهر مع كلارا ، كنت أعمل من السابعة صباحا حتى التاسعة مساءً ، وعند عودتي إلى المنزل أنام من الساعة العاشرة مساءً حتى الساعة الثانية صباحا، أصحو على صوت المنبه وأبقى أتحدث مع كلارا حتى الصباح، هكذا كانت أيامي السعيدة، كانت كلارا أمي وأختي وصديقتي وابنتي وحبيبتي وكل شيء في حياتي، عوضتني عن الأيام التي قضيتها وحيدا.

ترددت كثيرا قبل أن أعترف لها بحبي ، كنت خائفا أن أكون الشخص الذي لا يستحقها، الشخص الخاطئ الغير مناسب والغير لائق لقديسة مثلها، ولكني بالنهاية ضعفت واتبعت قلبي واعترفت لها بحبي وبأنني راغب بالزواج بها بعد أن تنهي تعليمها الجامعي…

حسنا، فترة حبنا لم تكن طويلة، افترقنا لأنني اكتفيت بها ولكنني لم أكن الشخص المناسب لها، لم أستطع احتواءها كما احتوتني هي، كانت أكبر وأعمق من أن أحتويها، أنا اكتفيت بها ولكنها لم تكتفِ بي ، كنت الشخص الخاطئ لها، الغير مناسب لها، افترقنا وانتهى الأمر ولكني مازلت أحبها جدا وأعلم أنني لن أجد مثلها أبدا.

بعد انفصالي عنها لم أستطع تنظيم وقتي من جديد، في كل يوم يوقظني قلبي الساعة الثانية صباحا، أبقى هكذا دون فعل شيء سوى التدخين حتى الصباح، فأخرج للعمل، ملل وملل وملل..

لم أعرفكم على نفسي ، اسمي خالد ، أعمل مراقبا للجودة في إحدى الشركات الغذائية  البعيدة عن بيت أهلي، لذلك اضطررت أن استأجر شقة صغيرة لأسكنها و لأكون قريبا من مكان عملي ، سأروي لكم حلما غريبا.

2

أيقظني قلبي كالعادة الساعة الثانية صباحا ليقول لي : خالد أنت وحدك.
ولكني في تلك الليلة لم أكن وحدي، كان هناك زائراً غير متوقع، فحينما استيقظتُ سمعت صوت طرقٍ خفيف على باب بيتي، وكأن هناك طفلاً يطرقُ الباب ، صوت الطرقات خافت جداً ولكنه مسموع،  أضات جميع أنوار البيت ، وتوجهت لأفتح الباب ، وقفت خلف الباب وقلت :
من الطارق ؟
لم يجبني أحد. ولكن الطرقات استمرت، فتحت الباب فقفز كلب أسود من خلف الباب وكأنه يريد عناقي، أوقعني على الأرض وأخذ يلعق وجهي وانا أحاول الإفلات منه، كاد قلبي أن يتوقف من هول الصدمة، كلب في بيتي، يا ويلي!! أكثر مخلوق أتحاشى المرور بجانبه، أخافهم جدا،
أبعدتُ الكلب عني بصعوبة، وهربت إلى غرفة نومي وأوصدت الباب خلفي، كنت أرتجف من الخوف وقلبي يكاد يخرج من مكانه، كيف سأطرد هذا الملعون من بيتي؟

جلست على سريري وأمسكت هاتفي، كنت أريد الاتصال بأي شخص لينجدني، وأثناء ذلك كان الكلب يقف خلف باب غرفتي يعوي وكأنه يريد أن يقول شيئا!
ثم تذكرت ما حدث قبل ثلاثة أشهر، حينها كنت قد غادرت العمل وبينما أنا في طريقي أقود سيارتي القديمة متوجها إلى بيتي ، لاحظت وجود كلب أسود اللون ملقى على ناصية الطريق وبعض الدماء حوله، لم أكترث للأمر في البداية ولكن ضميري اللعين أَنَّبني لتركه هكذا خصوصاً أن السماء كانت تمطر، لذلك قررت الرجوع إليه، خرجت من السيارة واقتربتُ بحذر منه، كنت حائراً بين خوفي من هذا المخلوق وبين ضميري اللعين الذي لا يهدأ أبدا، حينما ألقيت نظرة عن قرب استفرغت ما بجوفي، هناك من اغتصب هذا الكلب ب عصا !!
كانت قدم الكلب اليسرى محطمة أيضا!!
أي وحش هذا الذي يعذب كلباً ويتفنن في تعذيبه!!
اقتربت منه بحذر، سمعت أنينه ، حملته ووضعته في سيارتي.

حسنا ! وضعته في صندوق سيارتي، كنت أريد وضعه في المقعد الخلفي ولكني خفت أن يهاجمني ، ثم إنني كنت أشعر بالاشمئزاز ، فقد كانت أعضاءه التناسلية شبه بارزة من التعذيب، ركبت السيارة وتوجهت لأبحث عن طبيب بيطري، سألت كثيراً واتصلت ببعض الأصدقاء ولحسن الحظ لي صديق دلني على طبيب بيطري، توجهت إلى عيادته، أربعة ساعات حتى استطعت الوصول إليه، فتحت صندوق السيارة وحملت الكلب باشمئزاز ودخلت العيادة.
ما زلت أذكر ملامح الغضب على وجه الطبيب حينما رأى الكلب، وحينما قلت له أني وجدته ملقى هكذا على الرصيف، قال لي :
هذا الكلب من فصيلة “كاني كورسو” وهو عنيد وقوي جدا ، لا أعلم كيف استطاعوا تعذيبه، نوعية هذه الكلاب شرسة اتجاه الأغراب، يبدو أن الذي عذب واغتصب هذا الكلب هو صاحبه نفسه…. هذا الكلب ايطالي الأصل و…

قلت للطبيب مقاطعا : عفوا يا دكتور، أنا الآن لا يهمني تاريخ الكلاب، أنا لا أعلم ماذا أفعل ؟ أنا لا أستطيع البقاء هنا ولا أستطيع العناية بهذا الكلب، لذلك أرجو منك معالجته والعناية به، أو أن ترسله إلى شخص يهتم بهذه المخلوقات، أو جمعية الرفق بالحيوان، أنا لا أعلم هذه الأمور !
أخرجتُ بعض المال وقدمته للطبيب، وضعت يدي على رأس الكلب وتحسسته وأنا أقول له : لا تقلق ستكون بخير، ثم غادرت العيادة وعدت إلى بيتي.

3

مازال الكلب يقف خلف الباب يعوي، ومازلتُ جالسا على سريري أفكر بهذا الكلب، هل يعقل أنه هو نفسه الذي أخذته للعيادة قبل ثلاثة شهور! كيف علم مكاني ؟ لماذا جاء لي ؟
هل يريد شكري ؟ لا يعقل ذلك !
تبا لي، ماذا أفعل ؟
اتخذت قراري و اتصلت بصديق لي ، بعد عدة محاولات استجاب حمزة لمكالمتي، قال لي وهو نصف نائم :
نعم يا خالد ، ماذا تريد ؟
قلت له وأنا أنظر نحو باب الغرفة : حمزة ، تعال بسرعة إلى بيتي هناك كلب يريد افتراسي، تعال بسرعة أنا أختبئ داخل ..
لم أكمل كلامي لأنني شعرت بحركة خلفي، كانت أنفاسه مسموعة، أدرت وجهي ببطء ونظرت خلفي، كان الكلب يقف خلف السرير ويبتسم لي…
عندها فقدت وعيي.

حينما استيقظتُ كانت الساعة العاشرة صباحاً، نهضت من سريري وأنا أشعر بصداع يكاد أن يقضي علي، خرجت من غرفتي ووجدت صديقي حمزة يجلس أمام التلفاز، عندما رآني قال لي :
أيها الوغد! أي مزحة هذه ؟ جعلتني أقلق عليك وآتيك مسرعا!
قلت له وأنا أتثاءب : ماذا حصل ؟
قال لي : وجدت باب بيتك مفتوحاً ، دخلتُ مسرعاً لأبحث عنك فوجدتك نائما أيها الأبله، كنت تشخر.
تذكرت ما حصل لي البارحة فقلت له بتعجب :
والكلب ؟
قال لي : أي كلب ؟ لا يوجد في البيت كلب سواك وأخذ يضحك.
جلست بجانبه وقلت له :
أقسم لك أن هناك كلباً أسود اللون اقتحم البيت.
نظر حمزة لي وقال بجدية :
خالد، أنت تعيش في هذا البيت وحيدا، تأكل وحدك وتنام وحدك وتسهر وحدك ، الوحدة قاتلة يا خالد وأنت تحتضن الوحدة كل يوم، ربما بسبب الوحدة التي تعيشها أصبحت تهذي ولا تنسى أيضا ضغط العمل وانفصالك عن كلارا.

ما يميز صديقي حمزة عن سواه أنه واقعي جدا، لا يؤمن إلا بما يراه، يؤمن بعقله وبحواسه فقط،
لذلك لم أرد مناقشته و قلت له باستسلام : ربما أنت على حق ربما كنت أهذي.

4

كنت في غاية الإرهاق خصوصاً بعد الذي حصل لي ! كنت بحاجة لبعض الراحة وكنت بحاجة لأحتضن أمي، انفصالي عن كلارا سبب لي فراغاً كبيرا في قلبي، حطمني، كنت فعلا بحاجة لمن يحتضنني بقوة، كنت بحاجة لعناق طويل جدا، المشكلة أنني في عمر الثلاثين وأخجل من احتضان أمي، أخجل من البكاء أمامها..
طلبت من مديري في العمل اجازة لمدة أسبوع كامل ، في البداية رفض ولكن جعفر زميلي في العمل أقنعه أنه قادر على ادارة مختبر الجودة وحده..

بعد موافقة المدير على طلب الاجازة عدت إلى سكني وحزمت حقيبتي  واتصلت بحمزة وقلت له أنني في اجازة لمدة أسبوع فطلب مني الحضور الی بيته قبل مغادرتي المدينة، خرجت متجها إلى بيت حمزة لأودعه ومن ثم كنت سأتجه إلى بيت أهلي، ولكن تغير كل شيء.
حينما وصلت بيت صديقي كان صوت البيانو يصدح في البيت، ضربت الجرس ففتح حمزة الباب لي ، صافحني وهو يقول:
تعال لتسمع هذه المقطوعة، الآن قمت بتأليفها.
تبعته دون أن أقول شيئا.
جلس حمزة أمام البيانو وأخذ يعزف مقطوعته السيئة.
كنت أقف بجانبه وأنا أكتم ضحكاتي، أنا لا أعرف الكثير عن الموسيقى ولكن هذه المقطوعة التي يعزفها حمزة كانت سيئة للغاية، لذلك أوقفته عن العزف وقلت له :
أيها الأحمق ، اذهب واحضر لنا قهوة، سأغادر بعد نصف ساعة.

ذهب إلى المطبخ وهو يتمتم ويقول لي :
تبا لك، لا يوجد لديك ذرة احساس.
جلست أمام البيانو وأخذت ألعب بمفاتيحه، ثم عزفت مقطوعة كنت قد سمعتها من قبل، عزفتها كاملة دون أن أعلم كيف ؟
عندما أنهيت عزفها كان حمزة يقف خلفي وعينيه جاحظتين، لا يصدق الذي سمعه، اقترب مني وقال :
منذ متى وأنت تعرف العزف ؟
قلت له وأنا متعجب من نفسي :
هذه أول مرة أجلس خلف بيانو.
-لا تكذب علي، لقد عزفت مقطوعة “مرثية حلم” ل “كلينت مانسيل”، هل تعرفها من قبل ؟
أقسم لك أني لا أعرف شيئا، سمعت هذه المقطوعة من قبل ولكني لأول مرة أجلس أمام بيانو ، لم أعزف في حياتي شيئا.

أخرج حمزة بعض النوتات الموسيقية وقال لي اقرأها !
أخذت منه النوتات ولكني لم أفهم منها شيئا.
قال لي :
-حسنا ، هل تعرف فيلم بين النجوم ؟
لا.
تناول حمزة هاتفه وشغل مقطع موسيقي.
هذا المقطع الموسيقي من فيلم بين النجوم ، ألفه هانز زيمر، أريدك أن تعزف مثله.
قلت له : سأحاول ، وأخذت أعزف ولا أعلم كيف كانت يداي تتحركان، لا أعلم كيف استطعت العزف، عزفتها كاملة .
حينما انتهيت من عزفها اشتعل حمزة غضباً مني، قال لي :
أيها الكاذب ، متى تعلمت العزف ؟
أقسمتُ له أنني لأول مرة في حياتي أجلس خلف البيانو، أقسمتُ له أنني لأول مرة أعزف شيئا، أقسمتُ له أنني سأجن أنا أيضا!!
كيف استطعتُ العزف! لا أعلم

لم يصدقني حمزة وكأنه شعر بالاهانة ، كيف لأحمق مثلي أن يعزف البيانو؟، كان ينظر لي وكأنني قد خدعته لسنوات !
وكأنني سلبته حبه الأول والأخير ..
أخذ يصرخ بي ويشتمني ويشتم صداقتي له، حتى أنه طردني من بيته.
لم أستحمل اهانته لي فضربته وضربني، تقاتلنا حتى استطعت هزيمته، كسرت رقبته، قتلته.
تركته ملقى على الأرض وخرجت مسرعاً من بيته.
ركبتُ سيارتي وتوجهت إلى سكني الصغير، كنت بحاجة للتفكير وبحاجة لتفسير الأمور الغريبة التي تحصل لي !!
كنت بحاجة لحضن أحدهم…

5

حينما وصلت سكني كان في انتظاري، ذلك الكلب الأسود، كان يقف في الصالة وحينما رآني قال لي :
كنت بانتظارك، لماذا وضعتني في صندوق السيارة أيها الأحمق؟
هل تظن بأني سأنسى اساءتك هذه لي !.
لم أصدق عيناي، كلب يتحدث !
بقيت صامتا من الصدمة، لم أستطع فتح فمي للحديث، كنت أعلم أنني ميت لا محالة .
ثم قفز فجأة وعضني من رقبتي، أخذت أصرخ من شدة الألم ثم..

استيقظتُ في المشفى لأجد أمي تجلس بجانبي وهي تقرأ القرآن على رأسي.
أخذت أمي تصرخ فرحة لقد استيقظ خالد، خالد حبيبي هل أنت بخير ؟
أبي واخوتي وصديقي حمزة ، كلهم وقفوا فوق رأسي، حمزة أنت بخير ؟
كنت أشعر بوجع شديد في رقبتي ورأسي، ويدي اليسرى كانت مكسورة..
ما الذي حدث لي ؟
قال حمزة :
حينما غادرنا العمل ، كان هناك بعض الكلاب في الشارع، وأنت حينما رأيتها أخذت تركض كالأبله.
أيها الأحمق ! ههههه، قلت لك من قبل لا تركض عندما ترى الكلاب، لقد لحق بك كلبان منهم وهاجماك..، تملك جسد الدببة وتخاف من الكلاب، الحمد لله أنني استطعت انقاذك لولا وجودي لكنت في العالم الآخر ههه.
ابتسمت رغم ألمي فيكفي أن صديقي حمزة حيٌ يُرزق، اذن كنت أحلم ، كل ما رأيته كان حلماً..

بعد خروجي من المشفى بثلاثة شهور عدت إلى عملي وعدت إلى سكني الصغير ، عدت إلى وحدتي، مررت على بيت حمزة والذي وجدته يعزف مقطوعتهُ المفضلة “مرثية حلم”، إنه يعشق عزف هذه المقطوعة ، طلبتُ منه أن أجرب العزف، فجلست أمام البيانو ، استحضرت المقطوعة في ذهني وأخذت أعزفها، عزفتها دون أخطاء، عزفتها وأنا لأول مرة أجلس أمام البيانو..
نظر لي حمزة وقال لي :
أيها الوغد ، متى تعلمت العزف على البيانو؟
انتظر ، دعني أجرب مقطوعة أخرى، استحضرتُ في ذهني مقطوعة موسيقية لهانز زيمر، وحاولت عزفها ولكني لم أستطع.
حاولت مجددا ولكني لم أستطع عزفها.
ابتسمت وقلت لصديقي : سأغادر ، أراك فيما بعد.

غادرت شقة حمزة وعدتُ الی سكني الصغير، عدتُ لوحدتي، عدت لذكرياتي مع كلارا، لم أعد أستطيع التمييز بين الواقع والخيال، هل أنا أهذي ؟
هل أنا حي ؟
أكانت كلارا حقيقة في حياتي أم كانت وهما مثل الحلم ؟
مازالت يدي اليسرى تؤلمني من حادثة الكلاب، ربما هذا الألم هو ما يشعرني بأنني ما زلت حيا!
الآن أعلم لماذا استطعت عزف مقطوعة مرثية حلم، لأنها مرتبطة بكلارا، مرتبطة بوجعي من كلارا، كنت في كل مرة أتحدث معها أستمع لتلك المقطوعة الرائعة، ربما استطعت تعلم عزفها في خيالي، في أحلامي مع كلارا..
اليقين الوحيد الذي أحياه الآن أنني في كل ليلة يوقظني قلبي الساعة الثانية صباحا ليقول لي :
خالد ، أنت وحدك.

 

تاريخ النشر : 2018-10-06

Hypatos

الاردن
guest
17 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى