قرارات مصيرية – ركاب قادوا الطائرات بأنفسهم
تخيل ماذا سيكون وضعك لو اجبرت على قيادة طائرة |
و لخطورة الأمر و صعوبة إنقاذ طائرة على ارتفاع الألاف الأقدام من الأرض حرصت شركات الطيران على الفحص الطبي بشكل دوري للطيارين كما تم تحصين قمرة القيادة و جعلها منيعة من أي محاولة اقتحام ، و قامت بعض شركات الطيران بتخصيص وجبة غذاء مختلفة للطيار و مساعده و تختلف عن طعام باقي الركاب لتفادي حدوث تسمم غذائي أثناء الطيران ، بالطبع عندما تحصل مثل هذه الحوادث فلا يمكن أن يموت الطيار و مساعده بنفس الوقت و لكن حصلت حوادث كثيرة في الطائرات الصغيرة التي يقودها طيار واحد فقط و إليكم بعضاً من تلك الحوادث التي نجا منها الركاب بأعجوبة .
مستر بين على متن الطائرة
الممثل البريطاني روان أتكينسون هو بالحقيقة شخص ذكي جداً |
من منا لم يستمتع بمشاهدة أفلام مستر بين الكوميدية الذي أضحك عدة أجيال بتلك الشخصية الغبية الذي يضع نفسه بمواقف مضحكة بسبب غباءه ، في الحقيقة أن من يقوم بأداء ذلك الدور هو الممثل البريطاني روان أتكينسون و هو بالحقيقة شخص ذكي جداً على عكس ما يبدو عليه أثناء تقمصه شخصية مستر بين الأحمق ، و هذا ما حدث أثناء قضاءه لإجازته السنوية في شهر مارس عام 2001م في جمهورية كينيا في قارة أفريقيا برفقة أسرته المكونة من زوجته سونيترا و طفليه بين 8 سنوات و ليلي 6 سنوات ، و هناك قام السيد أتكينسون بجولة سياحية في منتجع أوكوندو قرب مدينة موباسا و رأى المناظر الطبيعية الخلابة و العديد من الحيوانات البرية ، و بعد انتهاء الزيارة أستقل طائرة سيسنا ذات المحرك الواحد و أقلعت الطائرة متجهة إلى العاصمة نيروبي.
من نوافذ الطائرة استمتعت العائلة بالمناظر الخلابة ، لكن فجأة بدأت الطائرة تميل بسرعة و مما اثأر فزع الأطفال الذين احتضنتهم أمهم ، بينما توجه اتكينسون إلى قمرة القيادة و هناك وجد الطيار فاقداً للوعي ، و بسرعة قام بجره إلى أحد المقاعد و طلب من زوجته الاعتناء به ، في هذه الأثناء حاول الإمساك بمقود الطائرة و حاول جعلها تطير بشكل متزن ، كانت الطائرة على ارتفاع 16 ألف قدم و مجرد التفكير أن شخصاً يقود الطائرة بدون أي خبرة بالطيران أمر مرعب حقاً ، و أي غلطة بسيطة سوف تجعل الطائرة تهوي بسرعة 250 ميل بالساعة ، و مع هذا ظل أتكينسون مسيطراً على مسار الطائرة لكسب مزيداً من الوقت على أمل أن تستطيع زوجته تقديم الإسعافات الأولية و جعل الرجل يستعيد وعيه ، كان الموقف حرج للغاية و قامت سونيترا برش الماء عليه و صفعه على وجهه ، و بعد مضي عدة دقائق بدت كأنها ساعات من الزمن بدأ الطيار بتحريك جفنيه ثم استعاد وعيه ، فرحت سونيترا و نادت على زوجها و أخبرته أن الطيار قد تحسن ، تنفس أتكينسون الصعداء ، و بخطوات مثقلة سار الطيار مستنداً على سونيترا حتى وصل إلى قمرة الطيارة و استطاع أن يهبط بها بسلام في مطار ويلسون بمدينة نيروبي .
رحلة إلى العزاء كادت تتحول إلى جنازة
دوغ وايت انقذ عائلته من موت محتم |
في أبريل عام 2009م كان دوغ وايت – 56 عام – و زوجته تيري و أبنتيه المراهقتين في رحلة إلى جزيرة ماركو بولاية فلوريدا لحضور جنازة أخيه الذي توفي في وقت سابق ، و بعد انتهاء مراسم الجنازة و الدفن قرر دوغ العودة إلى مدينة أورلاندو و اصطحب عائلته على متن طائرة كينج أير الخاصة ذات المحركين التوربيني ، و بينما جلس أفراد الأسرة على مقاعد الركاب ، فضّل دوغ الجلوس بجانب الطيار جو كابوك و تحدث معه متفاخراً بمعلوماته في مجال الطيران التي تحصّل عليها من خلال تلقيه دورة تدريبية في مجال الطيران أستمرت 3 أشهر.
فجأة صار وجه الطيار شاحباً و تصبب منه عرق غزير و أبيضت عيناه ، شعر دوغ بالرعب الشديد و قام بسحب الطيار إلى المقعد الخلفي و عندما تحسس نبض قلبه عرف أنه قد توفي ، و بسرعة أمسك بمقود الطائرة محافظاً على توازنها ، نادى دوغ على زوجته و طلب منها الحضور إليه ، قامت تيري معتقدة أن زوجها يريد بعض الشراب ، و هناك شعرت بالصدمة عندما طلب منها دوغ مساعدته في أزاحه الطيار من المقعد ، لكنه لم يستطع فقد كان جسده ضخم بوزن يفوق 90 كيلو جرام مما أضطره لتثبيته جيداً بحزام الأمان حتى لا يتحرك بسبب الاهتزاز و حاول دوغ قيادة الطائرة من المقعد الذي بجانبه و قام بالاتصال ببرج المراقبة لمطار فورت مايرز الدولي و أخبرهم أن الطيار قد توفي و أنه يحاول التحكم بالطائرة و طلب منهم الإرشادات اللازمة للهبوط بالطائرة بسلام.
تلقت الاتصال ليزا جريم خبيرة الطيران التي حاولت تهدئته و طلبت منه فصل الطيار الألي لكي يستطيع قيادتها يدوياً ، و بالرغم من التدريب الذي تلقاه على متن طائرة السيسنا ذات المحرك الواحد ، كانت الطائرة تحلق بسرعة عالية بفعل محركيها التوربيني على ارتفاع 15 ألف قدم و هو أمر لم يعتد عليه ، عمت الفوضة و الرعب بين أسرة دوغ و تعالت أصوات الصراخ و العويل بينما أصيبت أبنته ماجي بنوبة ذعر و تقيأت عدة مرات.
بعد عشرين دقيقة بدأت معالم المطار تتضح لدوغ الذي طلب أوسع مدرج لكي يهبط عليه ، حبس دوغ أنفاسه و حاول أن يشق طريقه نحو المدرج الذي امتلاء بسيارات الإسعاف و الإطفاء بأضوائها البراقة و قام بهبوط ناجح على المدرج و تم إسعاف الطيار الذي تبين أنه قد فارق الحياة ، أما دوغ وايت فقد قامت الجمعية الوطنية الأمريكية للطيران بتكريمه في حفل في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا تقديراً له على شجاعته و حُسن تصرفه .
أعمى يقود طائرة
رغم انه اعمى تقريبا .. الا انه استطاع انقاذ الطائرة |
من شاهد الفلم المصري أمير الظلام حتماً سوف يتذكر ذلك المشهد الرائع عندما قام الممثل عادل أمام بقيادة الطائرة و المرور بها من تحت الجسر و من فوق رؤوس المصلين رغم أنه كان يؤدي دور الرجل الأعمى ، فهل من الممكن أن يقوم شخصاً أعمى بقيادة طائرة ؟
إن الشباب لا يُقاس بعدد السنين و إنما الشباب شباب القلب ، هذا كان شعار تشارلز لاو ذا 70 عام الذي لم يمنعه كِبر سنه و حالته الصحية من خوض مغامرة جوية خطرة حيث طلب من صديقه الطيار هاري باك ستيتلر – 80 عام – القيام برحلة على متن إحدى الطائرات الخاصة في نوفمبر عام 1986 م ، و بالفعل أنطلق الصديقان برحلة جوية من مطار كيبل في مدينة أبلاند بولاية كاليفورنيا و تنقلا بين عدة مدن و تناولا الغذاء هناك ، وفي المساء اقلاعا بطائرتهما و قفلا عائدين إلى مطار كيبل.
أثناء الرحلة تبادل الصديقان المزح والنكات و علت أصواتهم بالضحك و فجأة عم الصمت المكان ، شعر تشارلز أن هناك مشكلة ما ، فصديقه هاري لم يعد يتكلم و لزم الصمت ، و بيدين مرتعشة حاول تشارلز أن يتلمس صديقه ، فوجده بارد جداً و أيقن أن صديقه بحالة صحية سيئة ، شعر تشارلز بالخوف الشديد و صرخ منادياً صديقه و لكن دون جدوى ، و هنا قرر تشارلز أن يقود الطائرة بنفسه ، و بالرغم من أن تشارلز كان ملماً بأمور الطيران إلا أنه ضعيف البصر و لا يكاد يرى أمامه بل أن طيبيه الخاص قد شخص حالته بالعمى ، و مع ذلك فقد أستطاع قيادة الطائرة و وصل بها إلى المطار و بالكاد رأى خطوط المدرج المُحاط بالأنوار و نفذ هبوطاً رائعاً أذهل الجميع و تم نقل صديقه هاري إلى المستشفى حيث توفي هناك .
شاب استرالي ينقذ طائرة من التحطم
واجه تحدي قاتل في اول درس له عن الطيران! |
في يناير عام 2014 م و في إحدى الرحلات التدريبية التي اعتاد أن يقوم بها مدرب الطيران ديريك نيفيل – 60 عام – في سماء ولاية نيو ساوث ويلز الاسترالية ، و هذه المرة أصطحب المتدرب الشاب تروي جنكنز – 19 عام – الذي كان في أول دروسه لتعلم الطيران ، و خلال الرحلة تعرض الطيار لوعكة صحية مما افقده وعيه ، تاركاً الشاب تروي يكافح من أجل الإبقاء على توازن الطائرة التي كانت على ارتفاع 2000 قدم ، و أثناء تخبطه حاول تروي الاتصال ببرج المراقبة و لكنه فشل ، و بعد دقائق قليلة تلقى تروي اتصال من الطيار باول رينولدز الذي كان يحلق بطائرته بالقرب منه و تلقى اتصاله ، لقد كان كملاك الرحمة الذي حاول تهدئته و أرشده إلى كيفية قيادة الطائرة و اتجاه سيرها ، و أثناء انشغاله بقيادة الطائرة استعاد الطيار وعيه و تولى قيادة الطائرة و هبط بها في المطار بسلام .
ملاحظة
تُعتبر قيادة الطائرة من أصعب المهام ، بسبب الكم الهائل من الأزرار و أدوات التحكم ، و
يُعتبر مقود التحكم أهم عنصر للتوجيه بينما يُبقي الطيار عينيه على تلك الزجاجة الدائرية المقسومة إلى نصفين أزرق و أسود و العديد من العلامات المثبتة على لوح التحكم و التي تُدعى الجيروسكوب أو جهاز الأفق الاصطناعي و بواسطته يستطيع الطيار تحديد ارتفاع الطيارة و درجة الميلان و غيرها من المهام المعقدة ، كما أن تحليقها على ارتفاعات شاهقة يجعل أي حركة خاطئة أمراً كارثياً ، فعلى عكس السيارة التي يكفي لإيقافها رفع قدمك عن دواسة النزين فالطائرة تتطلب الهبوط السليم و الأمن و هو أصعب جزء من الطيران ، حيث يستلزم التنسيق بين تخفيض سرعة الطائرة مع تعديل لوضعية الأجنحة و اختيار الزاوية المناسبة و انزال العجلات لتصبح مستعدة للهبوط ، و هو أمر لا يمكن أن يقوم به إلا طيار محترف ، و قد حدثت حالات كثيرة استطاع فيها الركاب من إنقاذ الموقف و قد اكتفيت بذكر بعضها حتى لا يطول المقال و يمل القارئ .
المصادر :
– Mr Bean flies plane after pilot faints
– Passenger forced to land plane meets his “co-pilots”
– BLIND MAN LANDS PLANE FOR UNCONSCIOUS PILOT
– Teenager takes over controls of plane after pilot collapses
– 10 Passengers Forced To Become Pilots Midair
تاريخ النشر : 2018-11-05