أدب الرعب والعام

صائد الشياطين

بقلم : خالد محمد باعباد – اليمن

صائد الشياطين
إقترب يسير ببطئ وأنا ازحف على ضهري

توفى جدي وترك لنا ارض زراعية كبيرة ، مضت تسعة ايام على موته ..اعطتني امي صندوق يحمل على غطاءه الخشبي زخارف عجيبة قالت انه من جدي..كنت اعرفه كان يضع فيه اشياءه الثمينة .. لم اصدق ان جدي يترك لي شيء ثمين .. لكن سيطر علي خوف يشوبه الامل، انه الخوف من الاشياء المغلقة .فتحتة بتمهل شديد ، لم اصدق ما وجدت ..وجدت فيه سكين صغيرة ، مقبضها اسود .. لم يكن هذا كل شيء كانت في قعر الصندوق حيث وضعت السكين هناك ورقة ..فتحتها جاء فيها ؛ “اغرسها حيث ترشدك ” . اراد ان يقول شيء ما عن طريق هذه الأشياء ، لم احسبها مهمة لتعبر عن رغبات يريدها ، لم اكن قريباً منه حتى اعرف عنه كل شيء . لكن بدأت الاحداث حين وصلنا اول يوم. كان بصحبتي ابن عمي ثامر ، دخلنا البيت المكون من غرفتان وحمام ، رمينا متاعنا عند باب الدخول ،
قال ثامر في دهشة
ـ (عجيب ألم تلاحض ان البيت نظيف تماماً كأن جدي بالأمس مات بالرغم من مرور اسبوعان على موته )
لم تكن هناك كهرباء في تلك القرية ، لكننا سنتكيف مع مرور الوقت. 

في ليلتنا الاولى لم نطل السهر حتى ذهبنا إلى الفراش. كنت اسمع اشياء تقع وصوت اقدام في الغرفة الثانية . سحبت الغطاء وقمت إلى الكشاف . ثامر يرقد على فراشة بجانبي .. لا داعي لأوقظه . اضأت الكشاف ، وسرت إلى الغرفة الثانية . وكلما اقتربت بدا الصوت واضح اكثر.
سحبت مزلاق الباب على مهل ، و دفعت الباب ليصدر الصرير المعتاد اقشعر بدني ..إلا انني تمالكت نفسي ، دفعت الباب بقوة ، سرت ألوح بالضوء يمين وشمال . شدتني كتابة على الجدار المقابل مكتوبة بخط عريض :
” أعطينا ما اخذه جدك ”
كان الهواء يدخل من نافذة مفتوحة . بدا لي ان احد اهل القرية دخل ليسرق ، ولم يجد شيء لأن الغرفة خالية تماماً .
اقتربت من الكتابة. كان الجدار وكأنه يدمع. شممت فيها رائحة الدماء. رجعت إلى الخلف وانا مذعور. صفق الباب مصدرا صوت عالي . قمت و سحبت الباب بكل قوة. لم يجدي صرخت
ـ (ثامر اتسمعني)؟!
طرقت بكل قوة . فُتِح الباب . يقف ثامر خلفة!!
ـ (ماذا بك لقد اخفتني ، إن الباب مفتوح لمذا تصرخ ؟!)
ـ “انظر”.. كنت قد وجهت الضوء على الجدار حيث خُطت الكلمات .
ـ (لاشيء تريد ان تخيفني بمزاحك…)
ـ (اقسم لك ان الجدار يحمل كتابة اين اختفت).
اقتربت من النافذة واغلقتها.

لم انم تلك الليلة لم تحدث معي أشياء غريبة كما حدثت معي اليوم. ظل ثامر يصر على انني كنت اهذي. كل ما في الامر انني احتاج إلى النوم
ـ “غداً لدينا عمل تصبح على خير” ..
كان العمل شاق في اليوم الاول لنا …لكننا ألتقينا برجل طاعن في السن اظنه يعرف اكثر مما يجب. يسير ويتكأ على عكازه الطويل حتى وصل قال لي بعد حديث طويل:
ـ “انا اعرف جدك رحمه الله، كان كبير القرية .. حصل موته مفاجأة أليمة .. انني اشك ان موته كان مقصود “..
ـ إنت تمزح صحيح
ـ لا احب المزاح .. في الليلة التي ماتت فيها العجوز سعادة .. مرض جدك حتى اقعده المرض ..وجدناه ميت بعد يومان في غرفته”
ـ (اخبرني عن العجوز سعادة )
ـ (كل ما اعرفه ان العجوز اتت تشتكيه ..قالت انه أخذ ارض لها بجوار ارضه ، . ولم نصدقها )
ـ (هكذا ..ماذا حدث هل ستخبرني ان جدي اخذ ارضها؟)
ـ (هذا مالا نعرفه.. لكنها قالت ذاك اليوم انها ستسترد حقها .. لم تعش اكثر من شهر وماتت بعدها ليموت السر مع جدك ايضاً).
وذهب العجوز في طريقه…

في البيت
ثامر:
ـ ماهذا الصندوق يا احمد .
كنا نجلس بجانب نار، اوقدتها في خارج البيت .
ـ اعطاني إياه جدي ..مارأيك في هذا السكين اهي جميلة؟!
ـ هل جدي اعطاك اياها اظن انها ليست بذاك الجمال لكي يهديها اياك.
ـ انا لا اعرف ما يريده.. لكنني سأبقيها معي .
ذهب ثامر إلى الحمام . كنت اجلس مستمتع بدفئ النار .لم يطل مكوثي حتى سمعت صرخة مزقت سكون المكان، اتت من الحمام” ياربي انه ثامر!!”
انطلقت صوب المكان ..باب الحمام موصد .. وقفت منادياً ثامر ..ثامر هل تسمعني ..رُد علي .. ميزت رائحة خاطفة .. انها تُشبة رائح تيس. اين نحن من المواشي!! ..
ثم رأيت بركة دماء تسيل لتخرج من تحت الباب .. ركلت الباب فتحتة لأسقط من هول ما رأيت!! .. كان ثامر عاري الجسد وصدره مفتوح ، كان القفص الصدري مقطوع بشق منحرف وهو ممدد في مكانه تدلت امعاء بطنه .. والمكان تملأه الدماء حتى السقف ، ملطخ بقطرات متجاورة لازالت تقطّر.
وقفت على ساقاي المرتعشان ، اركض اتجاة غرفة النوم في الغرفة كان كل شيء مبعثر كان احدهم يبحث عن شيء ما . كانت السكين في يدي ربما احمي نفسي بها ، خارج البيت ، قطعت شوطاً أركض في الحقول على غير هدى ، لا اعرف إلى اين اتجه ، البيوت بعيدة عن بيتنا بمساحات زراعية شاسعة .. لم اطل في الجري حتى شعرت ان هناك من يركض معي ، اركض وانظر للخلف حتى وقعت رجلي في حفرة صغير ، التوى كاحلي عجزت عن الوقف اقترب مني ذاك الكائن بعصاه المخيفة ..
نظرت إلى وجه المليء بالشقوق وشفتاه السودوان .. ولهُ قرنان
الهث خوفاً ، وتعب .. إقترب يسير ببطئ وأنا ازحف على ضهري.. رفع عصاه ليضرب.. ثم إختفى!!..
بعدها بثواني قليلة اتى العجوز الذي التقيته في مزرعتنا.
ـ (يالهي انه انت الذي التقيته انا وثامر وحكيت لنا …
قاطعني:
ـ نعم هو
سألتة:
ـ (من اين اتيت).
ـ (كنت اراقب الحقول حتى رأيتك تركض. حسبتك احد اللصوص ,وها انا)
ـ (كنت أحمداً لله انك اتيت لو لم تأتي لمزقني ذاك الشبح )
ـ (لا عليك يا ولدي).
كان يساعدني على النهوض ، حتى وقفت على ارجلي وبعدها قال لي :
ـ (اعطني هذا السكين حتى نصل ).
مددت بيدي لأعطية السكين لكن تراجعت وفلتت يده 
ـ ياربي كيف يحدث إنه انت…
بادرته بطعنات بالسكين وتركتها في صدره بسرعة بدت علية ملامح التعجب والغضب :
ـ (مت ايها الشيطان لن تقتلك إلا هذه السكين ).
كان يحتضر ويتغير شكله وأخر سؤال كان يسألني
ـ (كيف عرفتني)؟؟ .

( لقد فعلت كما اوصاني غرستها حيث ارشدتني..كان صائد شياطين )

(تمت)

تاريخ النشر : 2018-11-09

guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى