أدب الرعب والعام

شياطين الطابق الرابع

بقلم : The Black Writer – الأردن

كانت راما مستلقية بجانب أدهم وفي رأسها ثقب ينهمر منه الدم

 

خفايا الطابق الرابع

الاثنين ، الثامنة مساءً.

1

أَشعلَ سيجارة وَأخذَ ينظر إليها و هي تقف أمام المرآة تعَدِّل ملابسها ، كانت تتأكد من أنه لا يوجد خلل يَشي بلحظات العشق التي عاشتها ، عَدَّلت ملابسها وتسريحة شعرها ، أَصلحت ما أفسدته قُبلات العشق ، استدارت لتتناول حقيبتها ، أَمسكَ مِعصمها وقال لها :

– سأشتاق لك يا "راما".

أَخذت منه قبلة وقالت :

– حبيبي ، يومان فقط ، يومان ، بعدها سيسافر "فادي" ، سنبقى أنا وأنت أسبوع كامل ، ستمل مني.

تنهد وقال لها :

– هل ما زلتِ تُصرين على أن نتقابلَ في بيتك؟. أقصد ، هذا بيتي وهو آمن.

جلست عند قدميه وقالت :

– "أدهم"، حبيبي ، بعد يومان سيكون البيت لي وحدي ، سأكون وحدي، أُريد منك أن تأتي وتبقى معي ، هذه الفرصة لن تتكرر.

– اطلبي الطلاق منه يا راما ، دعينا نتزوج ونبقى معاً للأبد، بَدَلَ أن نلتقي هكذا مثل اللصوص ، أنا أحبك جداً.

وقفت راما واستدارت نحو المرآة وهي تقول :

– أدهم ، لا يمكنني ترك زوجي في الوقت الحالي ، من الأفضل أن نبقى هكذا.

استدارت وخطفت منه قبلة سريعة ثم خرجت من غرفة نومه وهي تقول :

– سـأنتظرك في بيتي بعد يومان .

وقفت خلف الباب تتنصت ، تأكدت من أنه لا يوجد أحد يصعد الدرج أو ينزل منه ، فتحت الباب وغادرت الشقة ، نزلت الدرج بسرعة ، تلك لم تكن المرة الأولى لها، كان الخوف الذي يجتاحها يذهب عند أول عناق مع عشيقها ولكن عند العودة كان ينتابها الخوف ! الخوف من الفضيحة ، الخوف من انكشاف أمرها.

توقفت عند مدخل العمارة ، أخذت نظرة سريعة ، لا يوجد أحد يعرفها ! أخذت تمشي بسرعة وهي تتحاشى نظرات الناس لها ، كانت تخاف من أن يراها أحد ما من معارفها أو معارف زوجها ، وقفت وأشارت بيدها لسيارة أجرة، توقفت لها السيارة ، رمت نفسها في المقعد الخلفي وقالت للسائق :

توجه إلى عمارة "ناجي بك، الثالثة " من فضلك.

2

حَملَ "طائر البوم" و وضعه في القفص ، ثم حمل القفص وأدخله إلى مكتبه ، أوصد الباب وتوجه إلى غرفة النوم ، كانت زوجته "سيرين" تجلس على طرف السرير وهي تبكي وتنتحب ، اقترب منها وقال :

– عزيزتي، أنا أسف ، لقد أرجعته إلى قفصه و وضعته في مكتبي ، أعدك لن تتكرر هذه الحادثة.

انتفضت سيرين و صرخت :

– أي حادثة يا "وسام" ؟! أن تهجرني ستة شهور ولا تقترب مني أم أن توصد على نفسك باب المكتب وتتركني وكأني أعيش وحيدة ! أم خروجك بعد منتصف الليل وعودتك في الصباح وأنت مليء بالتراب ! عن ماذا تتكلم يا وسام ؟.

ربما تقصد تلك الحادثة عندما وقفت على حافة الشرفة لتختبر الشعور بالخوف ! أو ربما تلك الحادثة عندما قطعت أصبعك ! .

جلس بجانبها واحتضنها، قال لها :

– سيرين ، أنا أسف جداً ، أنت تعلمين ما أسعى إليه ، أرجوكِ اصبري لم يبقى سوى الفصل الأخير ، سنرتاح بعدها.

دفعته سيرين بعيداً عنها وقالت وهي تبكي :

– اسمع يا وسام، لقد بِعتَ مجوهراتي كلها واشتريت بها تلك الكتب التي لا تنفع ولا تضر، وهجرتني ولم تعد تتحدث أو تنام معي ، اعتزلتَ الجميع ، ومع ذلك لم أتركك ، أحدثت بنفسك جروحاً وندوباً لتَختبرَ مشاعر الألم ، ثم أَحضرتَ تلك البومة اللعينة وتركتها حرة ، انظر لعنقي ، لقد هاجمتني ! لم أعد أستطيع الصبر أكثر ، إما أنا أو روايتك اللعينة ، أختر الآن.

– سيرين أنا أحبك ، أنت تعلمين ذلك ، وتعلمين أني لا أستطيع التوقف عن الكتابة ، هذه الرواية سَتُعيد لي كرامتي و أسمي وشهرتي.

نهضت سيرين وتوجهت إلى خزانة الملابس وهي تقول :

– أذن ، سأذهب إلى بيت أهلي ولن أعود.

كانت تتمنى في نفسها أن يُجبرها على البقاء معه ، أن يتشبث ويتمسك بها ، كانت تُريد أن تشعر أنها أهم وأغلى شيء في حياته ، أنها ما زالت أُنثاه الوحيدة ، توقعت أن يرفض مغادرتها ، أن يُعانقها للأبد، أن يترك كل شيء لأجلها ، لكنه تركها دون أن يقول حرفاً واحداً وتوجه إلى مكتبه وأوصد الباب خلفه.

أَدركت سيرين في قرارة نفسها أنه كان يرغب في رحيلها.

بعدما انتهت من توضيب حقيبتها، جَرَّتها وراءها وغادرت المنزل.

4،3،2،1

انفتح باب المصعد ، خرجت سيرين تَجر خيبتها وحقيبتها خلفها ، أمام مدخل العمارة رأت جارتها راما تنزل من سيارة أجرة.

– صباح الخير يا َجارة ، قالتها راما.

لم تعرها سيرين أي انتباه ، نزل السائق و وضع حقيبتها في الصندوق ، بينما رمت نفسها في المقعد الخلفي حيث كانت تجلس راما و وضعت وجهها بين يديها لتُخفي دموعها.

كانت راما تنظر لها و تقول :

– ما بالُ العاهرة ؟ .

حينما عاد السائق وجلس مكانه ، قالت له سيرين :

– من فضلك ، توجه إلى محطة الشمال.

3

1،2،3،4

انفتحَ باب المصعد وخرجت منه راما ، نظرت نحو  شقة جارتها سيرين ، كان باب الشقة موارباً ، أرادت أَخذَ نظرة فضولية للداخل ، اقتربت من الباب وفجأة صُفِقَ الباب في وجهها .

انتفضت راما وارتعبت ، توجهت مسرعة نحو شقتها ، فتحت الباب ودخلت وهي تُبَسمل و تُحَوقل .

هَدَأَ قلبها واطمئن عندما وقعت عينيها على الأشياء المألوفة والمطمئنة في بيتها " يوم آخر يمر بسلام".

– وأخيراً عادت الأميرة ! ، الوقت متأخر يا عزيزتي.

دخلت الصالة حيث زوجها يجلس خلف حاسوبه المحمول ، طَبَعت قُبلة على خده وقالت :

– أعتذر حبيبي ، كنت في النادي وأخذتنا أحاديث النساء.

أغلق حاسوبه و قال لها بنبرة عتاب ودية :

– الساعة الآن التاسعة والنصف مساءً ، تعلمين أنني أخاف عليك.

– أسفة ، لن أتأخر مرة أخرى.

نهض و أمسك يدها وجلس على ركبتيه ، نظر في عينيها وقال :

– أنا أسف لأني جَعلتُكِ تؤخرين حبلك ، مر عامين على زواجنا وأعلم أنك بحاجة لطفل يشعرك بأمومتك، أَظنُ أنه قد حان الوقت لننجب طفلنا الأول.

ضَحكتْ راما ودمعت عينيها ، كانت تتمنى أن تحمل في أحشاءها طفلاً ولكن ليس من زوجها فادي بل من عشيقها أدهم.

وقف فادي على قدميه وتابع حديثه :

– عزيزتي، عندما أعود من السفر سيكون كل وقتي مُلكٌ لَكِ ولطفلنا القادم.

كانت راما تشعر نحو زوجها بالشفقة ، هو يملك المال لذلك قَبِلت به زوجاً ، لم تكن تحبه ولم تكن تكرهه ! تزوجته ولكن قلبها كان ملكاً لأدهم ، و رغم اختيارها لفادي دونه ، إلا أنه لم يتركها ، بل زاده زواجها تمسكاً بها ، حاول كثيراً معها حتى جعلها تقبل وتوافق على إقامة علاقة محرمة بينهما.  بالنهاية وافقت على منح أدهم من جسدها بقدر ما تَمنحهُ لزوجها ، بل فضلته و زادته عطاء بأن منحته قلبها له وحده.

4

حاول التماسك وقال بصوت متوتر يُخفي غضبه :

– حسناً، والآن أخبريني ، لماذا تَركتِ بيتك ؟ ومن أحدث هذه الخدوش في عُنقك..؟

– دعها الآن ترتاح ، غداً سنتحدث ، قالتها أمه بعتاب.

– لن أستطيع النوم دون معرفة ما حدث لها ؟ والله إن كان هو من ضربها سأقتله.

ابتسمت سيرين لحديث أخيها أحمد ، شعرت بطمأنينة غريبة تسري في جسدها ، دائماً ما أشعرها وجوده بالطمأنينة التي افتقدتها بعد وفاة والدها ، قالت له :

– أهدأ يا أخي ، زوجي لم يضربني ، هذه الخدوش من طائر البوم ، كنتُ أُريد حمله ولكنه هاجمني.

– أما زال زوجك يحتفظ به ؟.

– نعم يا أخي ، أنت تعلم أنه يحب هذه البومة.

تنهد أحمد تعبيراً عن بعض الارتياح و قال :

– ولماذا تَركتِ بيت زوجك ؟ هل تخاصمتما ؟

أجابت بابتسامة تُخفي حزنها :

– لا ، الأمور بيني وبين وسام في أحسن حال ، لكني اشتقت إليكم و وسام مشغول حالياً بكتابة روايته الجديدة ، اطمئن يا أخي و أذهب للنوم.

نهض أحمد بعدما اطمئن على أخته، قَبَّلَ جبينها وقال :

– إذا كان الأمر كذلك فأهلاً وسهلاً بك في بيتك.

ثم غادر الغرفة.

نهضت سيرين وأوصدت الباب خلفه ، ثم ارتمت في أحضان أمها وهي تقول :

– لقد جُنَّ وسام يا أمي، مَسَّته الشياطين ، سيقتل نفسه من أجل رواية.

– ما الذي حدث يا أبنتي ؟

– أنت تعلمين أنه كتب ثلاثة روايات باءت بالفشل الذريع ، أراد استرداد أسمه وشهرته لذلك قرر أن يدخل في أدب الرعب ، وبالفعل بدأ بقراءة كتب السحر والشعوذة ، باع مجوهراتي لأجل شراء كتب لا تَضر ولا تَنفع، وليس هذا فقط ، بل قام بقطع أصبع قدمه الصغير ليشعر بالألم ويستطيع وصفه في كتابته.

– أعوذ بالله ، ولماذا لم تخبرينا من قبل ؟ عاتبتها أمها.

– لم أستطع يا أمي، خفت أن يمنعني أخي من البقاء مع وسام ، المشكلة يا أمي أن زوجي يخرج بعد منتصف الليل ولا يعود حتى الصباح ، لا أعلم أين يذهب ؟ يقضي وقته في مكتبه ، يُغلق الباب على نفسه أياماً دون أن يخرج ، لقد جُنَّ يا أمي .

– أهدأي يا أبنتي ، أنت هنا في أمان ، لا تقلقي ، لن أدع مكروه يصيبك ، ولكن قولي لي ما سبب هذه الخدوش؟.

– ازداد نحيب سيرين وقالت :

هذه الخدوش من طائر البوم ، وسام أخرجه من القفص ، كان يحمله على كتفه دائماً ، تشاجرنا اليوم أنا و وسام بسبب الكتب اللعينة التي أحضرها ، فطار البوم نحوي وهاجمني.

تنهدت أم سيرين وقالت وهي تمسد علی شعر ابنتها :

– ليتك وافقتي علی الزواج من ابن خالك محسن، شاب وسيم وغني ، كان يَعشق التراب الذي تمشين عليه ، ولكنك رفضته واخترت وسام الأحمق وماذا يعمل؟ إنه كاتب ، يا أمي  سأعيش بسلام و حب معه ! ها والآن انظري لحالك يا ابنتي .

ازداد نحيب سيرين وقالت لأمها :

– يكفي أرجوك ، يكفي أنا متعبة.

احتضنتها أمها وقالت لها بنبرة حزن :

– أهدأي وحاولي النوم ، ستكون الأمور بخير في الغد.

****

شياطين الطابق الرابع

الخميس ، "منتصف الليل"

1

كان نائم بجانبها وهو يشعر ببعض الخوف والتوتر، قال لها :

– هل أنت متأكدة أن زوجك سافر ، أخاف أن يأتي فجأة ؟

ضحكت راما وقالت :

– أوصلتهُ بنفسي إلى المطار ، اهدأ ولا تقلق ، سأرقصُ لك ، ما رأيك؟.

أَخَذت ملابسه الملقاة على الأرض وعلقتها داخل الخزانة ، شغلت بعض الموسيقى وأخذت تتلوى أمامه كالأفعى ، نهض ليشاركها الرقص ، ولكن.. صوت رنين جرس الباب جعلهما كالأموات.

– مممن هذا ؟ سأل أدهم وهو يُتأتأ من الخوف.

قالت راما وهي تَدفعه نحو الخزانة :

– اذهب واختبأ داخل الخزانة ، سـأرى من هذا وأعود ، لا تتحرك.

بسرعة البرق ارتدت ملابسها بينما اختبأ أدهم في خزانة الملابس.

أَطفأت الموسيقى وخرجت لتفتح الباب ، نظرت من خلال الثقب "العين السحرية"، جحظت عيناها وأخذت تَلطمُ على خديها.

– فادي….! أخذت نفساً عميقاً وفتحت الباب.

دخل فادي البيت وهو يقول :

– لقد تأجل سفري ، الطائرة التي كنت بها اصطدم بها طائر، لذلك اضطر كابتن الطائرة أن يعود بنا ، سأبقى حتى السادسة صباحاً ثم سأُغادر، لحُسن حظي سأبقى معك حتى الصباح.

كانت راما ما تزال واقفة أمام الباب جامدة وشاحبة ، ترتجف من شدة الخوف.

بينما أدهم داخل الخزانة يمسح عرقه و يحاول أن يسيطر على ضربات قلبه العنيفة ، يحاول التقاط أنفاسه.

"لو أصغى فادي جيداً ، لسمع ضربات قلب زوجته وعشيقها".

– راما ، ما بك ؟ اقترب فادي منها وأمسك بها.

أخذت راما تحاول جاهدة التنفس ، قالت وهي تلهث وتتنهد بصعوبة :

– لا أعلم ، من الصباح وأنا أشعر بالتعب، أشعر بأن قلبي سيتوقف ، أرجوك أحضر لي الطبيب فوراً.

حملها فادي ووضعها على الأريكة ، قال لها :

– سأحضر الدكتور محمود. لا تقلقي إنه يسكن في الطابق الأول ، سأعود بسرعة.

كانت نظراتها تتبع زوجها وهو يخرج من البيت ، نهضت وأسرعت إلى غرفة النوم.

– أدهم أخرج بسرعة واستخدم الدرج ، هيا بسرعة.

فتحت الخزانة فوقع جسد أدهم على الأرض، كان وجهه أزرقاً ، حاولت تحريكه ، ضربته.

– انهض أرجوك ، سيأتي زوجي، انهض .

كان أدهم جثة هامدة لا تتحرك.

2

أَمسكَ روايته "الطائر الأعمى" كانت هذه الرواية سبب شهرته خصوصاً عندما تم تحويلها إلى عمل سينمائي ضخم ، رفعته حد السماء وجعلته من المشاهير، لم يكن يتوقع أن تحقق هذا النجاح، ترك التدريس وتفرغ للكتابة ، لم يكن يعلم أن هذه الرواية ستسبب له الجنون، فقد نشر بعدها الكثير من الروايات التي لم تحظى بالنجاح ذاته التي حققته روايته الأولى ، خاب أمله ، الانتقادات السلبية انهالت عليه ، حتى في فشله طارده الأعلام كما في شهرته ، شَعَرَ بأنه فقد كرامته ككاتب.

ألقى الرواية جانباً، أخذ ينظر إلى الأوراق التي انتهى من كتابتها، أمسك ورقة بيضاء وكتب عليها "شيطاني الأحمق" ثم وضعها مع الأوراق و وضع القلم فوقها.

نظر إلى قفص البومة وهو يبتسم ، أخرجها من القفص وأخذها نحو الشرفة ، نظر لها وقال :

– اليوم سننال الحرية و نتحرر.

أطلق البومة نحو السماء ثم وقف على حافة الشُرفة ، أخذ ينظر نحو البومة وهي تحلق على مسافة قريبة منه ، أَخَذَ نفساً عميقاً وأغمض عينيه ثم قفز من حافة الشرفة ليسقط جثة محطمة هامدة على الأرض.

3

دخل فادي البيت برفقة الدكتور محمود وهو يُنادي على زوجته راما ، اضطرب قلبه عندما سمع صوت رصاصة قادمة من غرفة نومه ، شعر أن هناك كارثة حَلَّت عليه ، توجه مسرعاً إلى مصدر الصوت وخَلفهُ يتبعه الدكتور محمود ، كانت راما مستلقية بجانب أدهم وفي رأسها ثقب ينهمر منه الدم ، استفرغ فادي ما في جوفه وانهار على الأرض ، لم تعد قدميه تحملانه، بينما اقترب الدكتور منهما ليلقي نظرة ، أخذ يتفحصهما وبعد دقائق أخرج هاتفه المحمول وطلب قسم الشرطة.

4

بعد أسبوع من الحادثة..

كانت سيرين تجلس في مكتب زوجها ، تنظر لتلك الرواية التي كانت سبباً في شهرة زوجها ، "الطائر الأعمى"، لطالما تَمنت سيرين أن تتزوج كاتباً يفهم الحياة ، يسافر بها ويحدثها عن ما قرأ ، يكتبها ويهديها كلماته ، يجعلها أسطورة أو أميرة ، أرادت أن تكون بطلة رواياته كلها ، أن تكون ملهمة له ، أن يكتب لأجلها فقط ، لم تكن تعلم أن الزواج من كاتب لربما يعني نهاية الحياة ، لم تعلم أن الكاتب حينما يفقد ثقته بنفسه ويعجز عن الكتابة قد يتخلى عن كل شيء إلا كتاباته ، قد يفعل أي شيء لأجل ما يكتب ، ما زالت لا تصدق أن زوجها وسام تخلى عنها من أجل رواية حمقاء.

وضعت رواية الطائر الأعمى جانباً وأمسكت أوراق الرواية الجديدة " شيطاني الأحمق" ، قرأت العنوان فشعرت بقشعريرة تسري في جسدها ، أمسكت الأوراق وأَخَذَت تُقَّلبهم ، اتسعت عيناها فزعاً، قلبت الأوراق بسرعة .

– أي جنون هذا ؟! قالت لنفسها.

"إنهم حولنا يهمسون" ! تِلكَ الجُملة الوحيدة التي  كُتِبت على جميع الأوراق.

شعرت سيرين بضيق في صدرها ورغبة عارمة في البكاء ، تركت الأوراق وخرجت إلى الشرفة لتأخذ بعض الهواء، وقفت أمام الشرفة وأخذت تنظر للسماء، عندها لاحظت طائراً يَقتربُ منها بصورة جنونية ، أمعنت النظر فيه ثم أخذت تصرخ مذعورة : بوووووومة.

في اليوم التالي كانت عناوين الصحف كالتالي :

" انتحار زوجة الكاتب وسام" صُدفة أم لَعنة ؟.

وتستمر اللعنة…

أنتهت ….

 

هامش :

ناجي بك :  رجل أعمال ثري قام ببناء تسعة عمارات على النمط "الكلاسيكي الحديث "في الحي الراقي، ما يميز هذه العمارات اللون الأسود الذي يكسوها من الخارج ، العمارة مكونة من أربعة طوابق في كل طابق يوجد شقتين فاخرتين.

القصة من وحي الخيال وجميع الأسماء والأماكن بما في ذلك عمارة ناجي بك لا تمت للواقع بصلة .

تاريخ النشر : 2018-11-10

The Black Writer

الأردن
guest
13 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى