تجارب ومواقف غريبة

شخصٌ مجهول معي في الدار؟

بقلم : ميسا ميسا ” ميسون ” – الدزاير

شخصٌ مجهول معي في الدار؟
لمحت من بين لجج الظلام خيال رجل

جرت هذه الحادثة في أيام الشهر الفضيل لسنة ألفين و سبعة عشر ، خرج أبي و أمي من المنزل إلى السوق كالعادة لشراء بعض الأغراض التي تخص العيد .. و اصطحبا معهما أربعةً من إخوتي و تركا معي ثلاثة ، و بما أن أخي الأكبر كان وقتها في الخدمة الوطنية فكان لزاماً علي وحدي أن أحرس البيت في غيابهما و أن أؤدي الخدمة العسكرية فيه! .. و لم تكن هناك مشكلة ، لا بأس فقد اعتدت على ذلك خصوصاً و أن الشوارع في رمضان تبقى صاخبةً حتى الفجر و بيتنا بدوره يتوسط المدينة ..

حملت أختي الرضيعة ثم جلست بها أمام الباب مع صديقتي لبرهةٍ من الوقت ، و ما أن نامت حتى حملتها و دخلت البيت .. و على حسب ما نبهتني به والدتي كان علي أن أُدْخِل إخوتي في حدود الساعة العاشرة ، و لكن التهيت بمتابعة البرامج التلفزيونية .. و ما أدركت نفسي إلا و قد دقت الساعة الحادية عشر و نصف ، فهرعت إليهما ثم أدخلتهما و أغلقت الباب .. خلد كل منهما إلى مخدعه و اضطجعت بجانب أختي بعد أن أغلقت التلفاز .. و أشعلت المصباح الليلي و ما أن بدأت أغفو حتى سمعت صوتاً ..

قمت من مضجعي متجهةً إلى مصدر الصوت ، فلفت انتباهي ضوءاً كان منعكساً على الأرض .. فعلمت أن أخوي قد عادا لصنعتهما القديمة و فتحا الباب الخلفي للبيت ، نزلت عبر الدرج إلى الباب فأغلقته .. و عدت أدراجي فاضطجعت و قلت بيني و بين نفسي لعله صوتٌ قادمٌ من الخارج ، و لكن مع ذلك لم أستطع النوم حيث بقيت مستيقظةً ثم قمت من مكاني و توجهت إلى المطبخ لآخذ شيئاً آكله .. فتسلل إلى مسمعي صوتٌ مرةً أخرى ، كان الصوت قادماً من السطح و هذه المرة لم تكن كالتي سبقتها بل كان صوت وقع أقدامٍ لمترجلٍ مجهول .. فكرت حينها في الذهاب إلى بيت جدي القريب منا مع علمي أنهم لم يكونوا في البيت ليلتها ، كان علي أن أبقى في بيتنا و خصوصاً أنني لم أكن متأكدةً من أن هناك شخصاً في البيت غيري و غير إخوتي .. و قد يكون ما سمعت هو صوت القطط ..

كلا ، ليست حقيقة مستحيل .. قلتها و أنا أحمل سكيناً صغيرة في يدي ، و اتجهت نحو السطح و بينما أنا متابعةٌ صعودي خطر على بالي شيئاً و هو ماذا لو كان هناك شخصٌ فعلاً ؟ .. كان علي أن أتراجع فأنا فتاةٌ في النهاية و معي إخوتي إذ يجب علي حمايتهم و التفكير فيهم ، نزلت إلى أسفل و جلست في الرواق انظر إلى الدرج حتى كادت عيني أن تذهب بي .. ثم لمحت من بين لجج الظلام خيال رجل ، كان ضوء قنديل الشارع منعكساً على الجدار و قد عكس معه خيال ذاك الشخص المجهول .. بقيت أتأكد مما تراه عيني إلى أن تحرك حيث كان ذلك حدثاً جعلني أستيقن من أن هناك شخصاً مجهولاً معي في البيت ..

كنت جالسةً في الرواق المظلم ، و لذلك لم يتمكن من رؤيتي بينما كنت أنا تقريباً أراه بسبب بصيص ضوء الشارع المطل نوعاً ما على السقف .. رباه ما كان ذلك ؟ فعلاً شعرت برغبةٍ في البكاء و ضاقت نفسي من روع ما رأيت ، و لكن فكرت في إنذاره و إعلامه أن البيت ليس فارغاً و لا أهله نيام .. على الأقل حتى لا ينزل إلينا ، تراجعت محافظةً على توازني و أشعلت التلفاز و زدت صوته إلى حد أن يسمع هو ذلك .. و دخلت المطبخ و شغلت الخلاط لبرهةٍ ثم عدت إلى غرفة أخوي ، فأيقظتهما من نومهما مشيرةً لهما بالنوم بجانب أختي الرضيعة ..

كانت الساعة وقتها الثانية ليلاً و لم يتبقَّ إلا القليل على عودة أبواي ، و لكن هي ساعةٌ كاملة و من يدري قد تكون كافية لحدوث جريمةٍ أو شيءٍ لا يحمد عقباه .. فتحت باب الشارع بحيث إن حدث شيء يمكن لأي شخصٍ اقتحام البيت لإنقاذنا ، ثم عدت لأجلس في الرواق حيث كنت أراقب الدرج من خلف باب الزجاج الفاصل بيني و بين فناء البيت .. و في نفس الوقت أرى الغرفة التي ينام فيها إخواني و أرى أيضاً باب الشارع الذي فتحته ، لم يحدث شيءٌ .. فكرت في العودة إلى الغرفة و الجلوس أمام التلفاز .. و ما أن قمت من مجلسي حتى سمعت صوت سيارةٍ قد توقفت أمام بابنا فمشيت ببطءٍ ، و نظرت فإذا بهم عائلتي قد عادوا أخيراً .. قصصت ما حدث على أبي فقال أن ذلك قد يكون توهماً بسبب بقائي وحدي في البيت ، و لكن بعد أن أعلمته بما رأيت أخذ ذلك بعين الاعتبار و صعد لأعلى و لكن لم يكن هناك أثرٌ لأي شيء .. كنت متأكدةً أنه ليس وهماً و ربما غادر ذلك الشخص عبر سطوح الجيران ..

في صباح الغد اجتمع الجيران يتحدثون عن سرقةٍ حدثت في ليلة الأمس داخل بيتين أحدهما كان مجاوراً لنا و الآخر جارنا من الخلف .. فقدم أبي لنا يؤكد حقيقة ما رأيت في تلك الليلة ، و قال أيضاً أن الجيران يشكون في جيراننا اليُسُر – على يسارنا – حيث لم يحدث معهم شيء .. فهم من يمكنهم المرور عبر بيتنا إلى البيتين الآخرين ، و خصوصاً أن التهمة غير بعيدةٍ منهم .. فهم و قبل كل شيءٍ متهمون في قضايا تهريب ممنوعات و سرقة و زيادةً على ذلك يعد منزلهم من البيوت المشبوهة ..

بعد هذه الحادثة بيومٍ أو اثنين وجدت أختي حين كانت تلعب في الفناء العلوي مفتاحاً لا يرجع لأي فردٍ منا ، و بعد مرور قرابة ثلاثة أيام شوهد جيراننا اليُسُر و هم يغيرون مفتاح منزلهم ..

تاريخ النشر : 2018-11-30

guest
33 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى