أدب الرعب والعام

هـــــــــــــو ..

بقلم : أحمد مسعد محمد – مصر
هو يملك عيوناً حمراء تجعلك تقشعر بمجرد النظر إليها …

العاشر من نوفمبر(ليلاً)..

أسمعهم بوضوح … أسمع أصواتهم يضحكون في الخارج … أسمعهم يخططون لعملية العمر كما يقولون .. أسمعهم يتقاسمون الغنائم فيما بينهم .. حتى من قبل أن يحصلوا عليها .. أسمعهم يتفقون على قتلي وتمزيقي إذا لم يحصلوا على ما يريدون .

وحيدة في غرفة مظلمة ,بدون طعام أو شراب ,وبدون حتى أي منفذ للضوء أو الهواء ,سوي فتحة صغيرة بحجم قبضة اليد ,ألتقط منها بعض ذرات الأكسجين التي تساعدني على البقاء حية .

مقيدة أنتظر مصيري المشئوم. فكرت في كل الطرق المتاحة للهرب لكني لم أجد. وكيف أهرب من غرفة مظلمة ومغلقة من الخارج وموضوع أمام بابها دولاب لإخفاء مكانها وأنا مقيدة؟؟؟ .

إن مُت الآن فسيكون ذلك المكان هو قبري,ولن يشعر أحد بوجودي .. لا أعرف أين أنا ,ولا ماهية هذا المكان الذي أخذوني إليه ,كل ما أعرفه الآن هو إن مصيري متوقف على كون أبي سيدفع الفدية المطلوبة أم لا .. فإذا لم يدفع فسيتم تمزيقي …

 الثاني عشر من نوفمبر(صباحاً)

 لا أستطيع أن أتحمل أكثر من ذلك ,إن الظلام يخنقني ويشل حركتي ,متى سينتهي هذا الكابوس؟.. كم الساعة الآن ؟.. أنا لا أعرف.. هل نحن ليلاً أم نهاراً؟

لقد جف حلقي تماماً .. منذ أن جئت إلى ذلك المكان وأنا لم أتناول جرعة ماء واحدة .. لم أعد أستطيع تحمل كل ذلك .. أريد الخروج .

وبأعلى ما تملك حنجرتي من قوة صرخت:

-النجدةاااااااااااااااااااا.

 الثاني عشر من نوفمبر(ليلاً)

 أسمعهم يصرخون … أسمعهم يتعذبون .. بدا الأمر منذ حوالي ساعة.

إنهم في الخارج …. مرعوبون …. يهرولون … يصرخون … ويستنجدون … لكن أحد لم يسمعهم غيري.

– النجدة … أنقذونا … أبتعد عني أرجوك … ما هذا الشيء بحق الجحيم…..ااااااااااااااااااااااااااااااااه.

بعد ساعات من الصراخ والعويل المتواصل .. صمتت الأصوات تماماً .. ولم يتبقي في النهاية غير صوت واحد .. إنه يبدو كصوت شيء يزمجر !!!!!؟؟؟؟؟؟؟

 الثالث عشر من نوفمبر(صباحاً)

 لم يعد هناك سوى السكون والظلام ودقات قلبي التي يطعنها الرعب…

(لب دوب  لب دوب  لب دوب)

 الثالث عشر من نوفمبر(عصراً)

 أصبحت متأكدة إنه لا يوجد مخلوق حي غيري في ذلك المكان …حتى الفئران التي كانت تزعجني طوال الوقت قد كفت عن ذلك ..ولم أعد أسمع الآن غير صوت أنفاسي اللاهثة من العطش و… صوت أخر ؟؟؟؟؟؟

 الثالث عشر من نوفمبر (ليلاً)

 أصبحت متأكدة الآن من وجود شخص غيري يتنفس في الغرفة!!!!!!؟؟؟؟؟

الثالث عشر من نوفمبر (ليلاً)

 هناك كرتين حمراوين تلمعان في الظلام …

الرابع عشر من نوفمبر (فجراً)

 همسات وتنهيدات لا تتوقف..

-هااااااه  هاااااااه هاااااااه

 الرابع عشر من نوفمبر (صباحاً)

 أنا أمقت الظلام … أمقت القيود… وأمقت ذلك الحائط المتهالك خلفي … وامقت تلك الغرفة وأمقت تلك الرائحة العفنة القادمة من كل اتجاه …أو تعرفون؟؟؟ أمقتكم أنتم أيضاً .

لكن أكثر شيئاً أمقته في ذلك العالم …. هـــــو؟؟؟؟؟؟

هو يجلس في الظلام طوال الوقت… هو يهمس في أذني طوال الوقت بكلام غير مفهوم… هو غير موجود وغير ملموس… هو يملك عيوناً حمراء تجعلك تقشعر بمجرد النظر إليها … هو الموت هو المصير .. هو مولود الظلام وسفير الجحيم …

هو الشر القابع بداخل عقلك وعقلي ..

هو موجود في كل زمان ويحيط بك في كل مكان ..

في أحلاك وكوابيسك ,وفي أركان  غرفتك ,وأسفل سريرك , وبجوارك ,وخلفك الآن …

أشعر بأنفاسه الحارقة تلفح وجهي من بعيد. إنه يجلس هناك في ركن الغرفة أعرف ذلك من لمعان عينه لكن هل هو موجود حقاً ؟؟؟؟

 الرابع عشر من نوفمبر (ليلاً)

 بدأ ضوء القمر باختراق ظلام المكان ,عبر تلك الفتحة الصغيرة في الجدار , مشكلاً عمود فضي مضيء في وسط الظلام … لكن لازال الظلام هو السيد في تلك البقعة المظلمة التي يجلس فيها هو…

هو يتنفس كوحش مفترس… هو يزمجر في غضب.. هو بدأت عينيه تصبحان أقرب … هو يقترب مني ببطء شديد … هو يجعل جسدي ينتف رعباً .. هو يريد أن يمزقني كما مزق الرجال في الخارج.. أنا لا أخاف الموت بل أخاف من الطريقة التي سيقتلني بها هو..

بدأ يقترب أكثر وأكثر حتى بدأت ملامح وجهه تدخل في مجال ضوء القمر داخل الغرفة… يا الهي ما هذا الشيء … لم أتخيل إنه بهذا الشكل أبداً ..

عرفت الآن ماذا كان يقصد الرجال في الخارج قبل أن يموت عندما قال…

– ما هذا الشيء بحق الجحيم!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 *****

 الاسم :ميار محمد عبد القادر

السن:20 عام

تم اختطاف ميار من منزل والدها منذ حوالي أسبوعين من قبل عصابة من خمس أفراد.. وقامت العصابة بطلب فدية وقدرها أثنين ونصف مليون جنية لإطلاق صراح الضحية …

لكن بعد أربع أيام من اختطافها تمكنت الشرطة من تحديد موقع العصابة ,وأرسلت فريق مسلح من رجال الشرطة لمعالجة الأمر واسترجاع الضحية … وعند وصول فريق الشرطة .. وجدوا مقر العصابة في حالة من الدمار ,وقد قتل منهم ثلاثة رجال بطريقة بشعة وتم تمزيق جثثهم.. وتبين فيما بعد إن أصحاب الجثث كانوا أحياء أثناء تمزيقهم… وتم العثور على الاثنين الباقيين من العصابة على قيد الحياة ,وقد فقدوا أجزاء من جسديهما …ولم يتم العثور علي الضحية ..لكن في خلال يوم واحد تم استجواب أحد الاثنين اللذان تبقيا على قيد الحياة من أفراد العصابة …ومعرفة مكان تواجد الضحية ..في غرفة سرية داخل مخبأ العصابة …وعندما ذهب فريق من رجال الشرطة للعثور عليها في يوم 14/11 من العام الجاري …وجدوها في غرفة مظلمة ومغلقة وبابها مخبأة خلف دولاب في حالة يرثا لها, وهي مقيدة وتصرخ بهسترية وتقول :

-أبتعد عني لا أريد أن أموت في هذا المكان .

وبعد العثور عليها تم إحضارها إلى مستشفي الأمراض النفسية والعصبية وقمت أنا الدكتور/ إبراهيم عودة ,بالأشراف على حالة المريضة ومتابعة أخر تطورات الحالة ..ولاحظت الآتي :

تخاف الظلام ..تسمع أصوات غير موجودة ودائماً تتحدث عن شخص ما وتقول هو ..؟؟؟؟؟؟؟

يبدو إن المريضة قد مرت بتجربة عصيبة …فجلوسها وحيدة في الظلام كل تلك الفترة بدون ماء أو دواء .. جعلها ترى وتتخيل أشياء غير موجودة وتولد عندها نوع من الهلاوس السمعية والبصرية..

 ويبدو إنها نجحت في ابتكار صديق خيالي يشاركها ذلك الظلام ولكن يبدو إنه مع الوقت أنقلب هذا الصديق إلى أبشع كوابيسها ..لكن لا زال هناك شيء محير بشأن تلك الحكاية من الذي قام بقتل أفراد العصابة وتمزيقهم بهذه البشاعة ..كلما كنا نسأل المريضة هذا السؤال كانت تجاوب دائماً نفس الإجابة ..

-هــــــــــو ……….

د/إبراهيم عودة

تاريخ النشر : 2015-01-04

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى