أدب الرعب والعام

الحلقة

 
بقلم : أنيس صالح عوض سعدان – اليمن

 

كانت تلك اللوحة قد أسرت عقلي كليا

الحلقة

أنيس صالح عوض سعدان – اليمن

كتبت اسمي على ورقة الحضور الى رحلتنا الجامعية الى متحف اللوحات التي افتتح في مدينتي

وبينما في طريقنا الى هناك كنت أحمل كتابا يسليني في الطريق بقراءته وكان هناك موضوع أثار اهتمامي كان بعنوان (( حلقة الوقت ))

لم أتمعن في الموضوع جيدا إلا أنني عرفت أن صاحب المقال يقول بأن هناك فجوات زمنية تحدث في الوقت مما يسبب إعادة للوقت بكل الاحداث التي حدثت في هذا الزمن وكأن الوقت يستمر في الدوران على نفس الاحداث ويستمر في إعادتها وتكرارها

 

أقفلت الكتاب وقمت بتخبئته ففي الحقيقة لم اصدق هذا المقال ابدا ….

وصلنا الى المتحف ولقد كان رائعا ولا يوصف بالفعل فلقد كان يحتوي على العديد من اللوحات والرسومات لأعظم رسامي و فناني العالم ولكن

تلك اللوحة …… لم تكن كغيرها …… بدت وكأنها تمسك بيدي وتشدني اليها ….. وقفت مذهولا امامها كطفل صغير يشاهد العالم من نافذة السيارة …لم تكن هناك أي لوحة أخرى تفعل بي هذا …… منظر الفتى جامح الملامح وهو يمسك بوتد حديدي ويطعن رجلا كانت ملامح الهلع قد طغت على وجهه……. كانت اللوحة دموية بمعنى الكلمة لكنها أعجبتني …… لا أعرف لماذا …. ربما لغرابة المنظر أو لدقة الرسوم أو للألوان الجذابة …… نظرت لأرى أسم الفنان الذي قام برسم هذه اللوحة ولكن …. لم يكن هناك أسم ….. كل ما كان مكتوب هو (( ك . ف ))

تعجبت من هذا الأمر ……. كنت أريد معرفة اسم الفنان بشدة ولكنني لم أعثر عليه …

كانت تلك اللوحة قد أسرت عقلي كليا في طريقي إلى العودة …. كان جل تفكيري ينصب لها لا أعرف لماذا ……. كنت اتوق إلى معرفة أسم الفنان الذي قام برسمها ….

عدت إلى منزلي المتواضع ….. وبينما كنت أسير داخلا نحو حديقة المنزل الصغيرة التي تقع أمامه …… سمعت أصواتا أرعبتني ….. صراخ أمي ……. وصوت أبي المرتجف وهو يردد هذه الكلمات …

 

أعدكم بأنني سأدفع لكم ……. أمهلوني بعض الوقت فقط …..

وأسمع بعدها صوت أخر غليظ يرد على كلمات أبي بنبرة قاسية كالحجر

لا أريد أعذار منك ….. أريد مالي الان فورا ….. حثالة من أمثالكم لا يجب عليهم إبقائي منتظر هكذا …..

 

تسمرت في مكاني بعد أن سمعت هذه الامور …… ماذا أفعل ؟ …. من الواضح بأنه ذلك الرجل الغني الذي تدين منه أبي مبلغا من المال ولم يستطع إعادته في الموعد المتفق عليه …. وهاهو ذلك الرجل الان في منزلنا يريد استعاده أمواله بالقوة ………

و يتراود في عقلي منظر تلك اللوحة ……

هاه ؟؟ …….. ماهذا ؟ …… لما تخطر في بالي تلك اللوحة ؟؟؟ وفي هذا الوقت الان ؟؟ …

وأهرول مسرعا الى داخل المنزل وأفتح الباب بقوة …… لأرى ذلك المنظر ……. أمي ملقاة في أحد زوايا المنزل فاقدة للوعي ….. بينما ثلاثة رجال يقفون حول أبي الذي تكوم في الارض يترقب ما سيفعله اولئك الرجال الثلاثة ……

كان أثنين من أولئك الرجال الثلاثة ضخام جدا …. فقد شعرت بأن قمصانهم على شك ان تنفجر من شدة ضخامة عضلاتهم …. بينما كان الشخص الثالث يرتدي ثيابا تبدو غالية من مجرد النظر إليها فقط … ورائحة دخان سيجارته قد ملأ الغرفة بأكملها …. كان ينظر إلى أبي نظرة احتقار و ازدراء وكأنه ينظر إلى كلب ملقى أمامه وبنبرة صوته الغليظة تحدث إلى أبي وهو يقول :

 

كان يجب علي أن أعرف أن قمامة مثلك لن يتمكن من رد الدين يا فؤاد …

إذ كنت لا تملك المال …….. فلتمت إذا ..

 

ويخرج الرجلان مسدسيهما ويستعدان للإطلاق على أبي الذي غطى عينيه بكفيه منتظر موته فقط ……. لكنني …… لن أقبل بهذا أبدا …

وإذا بعيناي تقع على وتد حديدي كان ملقى على الارض … انتشلته بسرعة ……. وتوجهت نحوهم وأنا أصرخ بكل صوتي …

سأسحقكم …

وبقوة لم أعهدها من قبل … أضرب الرجل الاول بقوة على رأسه … ثم الثاني ….. ثم ……. هو …. ألتفت اليه بنظرات جامحة مليئة بالكراهية والسواد ….. حتى أنه سقط على الارض مذعورا من نظرتي إليه فقط …. أصبح تحتي مباشرة ….. ليس هناك شئ يمنعني من قتل هذا المخلوق الدنيء الذي يسمي نفسه بشرا ….. رفعت يدي مستعدا لغرز هذا الوتد في جسده مباشرة ……

 

و يترواد في عقلي منظر تلك اللوحة مجددا …..

توقف أرجوك …… سأعفو عن دين والدك …… لكن لا تقتلني أرجوك … أرجوك

تلك اللوحة …… منظر الفتى جامح الملامح وهو يمسك بوتد حديدي ويطعن رجلا كانت ملامح الهلع قد طغت على وجهه ….

توقف يا بني ….. لا تقتله …. توقف يا كامل ….

ومع كل جزء من الثانية يمر ويدي تقترب من طعن ذلك الوغد ….. ادرك الامر ……

أنا …… اللوحة ……. (( ك . ف )) …. (( كامل . فؤاد )) ……

ويتجمد الوقت ……. على تلك اللقطة …..

صورتي وأنا أمسك بوتد حديدي وأطعن رجلا كانت ملامح الهلع طاغية عليه ….. إنها بالفعل صورة جيدة …. ثم …….

 

الساعة 00:7 صباحا

أستيقظ يا كامل بسرعة ….. حان موعد الافطار …

أستيقظ متثاقلا من نومي وأتذكر أن اليوم موعد الرحلة الجامعية إلى متحف الفنون ..

أتناول إفطاري … أبدل ملابسي …. أخذ كتاب (( حلقة الوقت )) معي …. وأهم بالمغادرة .

أرجو ألا تكون رحلة اليوم مملة ……..

 

تاريخ النشر : 2015-02-08

guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى