أدب الرعب والعام

رفيقي في المنزل

بقلم : اسيل – فلسطين

رفيقي في المنزل
يبدأ بالاقتراب مني ليجعلني أحوم في المنزل كالمجنونة ..

ادخل بيتي كل يوم متناسية وجوده ومثقلة بهموم كثيرة أصبحت اعشقها فهي تشغلني عن التفكير به للحظات .. لحظات ولكنها تعني لي الكثير .. إنها لحظات راحتي في يومي .. عجبا كيف أصبحت راحتي في همومي .. لكنه لا يسمح لتلك اللحظات بأن تطول .. يقتحمها بقوة ويهزها ..

ما أن يراني أدخل البيت حتى يسارع إلى الاختباء , ليس ليطمئنني .. أبدا .. بل ليصنع لي جوا هادئا فيزيد فزعي عندما يقرر أن يريني وجهه الجميل .. فهو لا يرضى بأن يفزعني فزعة صغيرة أثناء ضجيجي .. لا يسمح لمقامه إلا أن ينتظرني لأجلس هادئة متفرغة تماما لرؤية وجهه .. وحينها يطل علي بوجهه الذي أصبحت أراه أكثر من وجهي .. برأسه الصغير الذي يحمل رعب العالم في ملامحه .. وظلام الظلام في عينيه .. ورجولة الرجال في شاربه .. وقرف الدنيا بذلك الشعر الأسود الذي يتزاحم ليملأ كل حيز في وجهه بل وفي جسمه … ودهاء أدهى النساء في ابتسامته الصفراء التي يكشف لي بها عن أسنانه الحادة التي لطالما رأيتها تنهش لحمي في أحلامي ..والتي كانت رؤياها كافية لتسمرني مكاني ولتجعلني لا اختلف كثيرا عن ذلك الحائط الذي اتكئ عليه ..

ولأنه يمل من سكوني ويعشق دموعي وأنا اركض من زاوية لأخرى .. يبدأ بالاقتراب مني ليجعلني أحوم في المنزل كالمجنونة .. كالثكلى على ابنها المقتول .. اقفز من غرفة لغرفة لعلي أجد ملاذا منه .. لكني تعبت وأنا ابحث عن ذلك الملاذ .. فلا ملاذ منه .. يصل لكل مكان .. لا تعيقه الأبواب .. ولا تردعه الجدران .. ولا يتعب أبدا .. لا يتعب من إيذائي .. لا يتعب من ملاحقتي .. لا يتعب من تدمير كل شيء أحبه .. من تدمير كل مقتنياتي .. لا يتعب من تدمير ملابسي وطعامي .. وكأنه انتصاره الأكبر موتي جوعا أو بردا .. أو لعله ينتظرني لأهزل فيقتلني , أو لعله سيأكلني .. لكن لا .. لا اعتقد انه يأكل البشر .. ولكني واثقة انه يأكل أشياء مني .. يأكل راحتي وسكينتي .. يأكل دماغي .. يأكل عيني التي أصبحت تخاف أن تنظر لأي شيء خوفا من أن ترى ملامحه فيه .. يأكل قلبي الذي أصبحت نبضاته تتزاحم وكأنها تسابق بعضها .. يأكل أذناي اللتان لم تعودا تسمعان سوى أصوات أسنانه وهي تأكل كل شيء في بيتي ..

ولكني حزمت أمري وقررت الآن .. قررت أن أواجهه .. قررت ألا أخاف منه بعد الآن .. قررت أن اقتله .. نعم سأقتله .. ولكن لماذا ارتجف كلما أقولها .. سأقتله .. سأقتله .. سأضع له السم في طعامي الذي طالما حرمني منه .. نعم سأضع له السم .. إذا كنت لا أقوى على مواجهته سأخدعه .. فالحرب خدعة ..

قررت إذا .. إن هذه الليلة هي الأخيرة لنا معا .. هي آخر ليلة ابكي فيها .. هي آخر ليلة لا أنام فيها.. وهي آخر ليلة له .. آخر ليلة يفرح فيها .. غدا سأعود وأنا احمل السم معي .. سيختبئ ليخيفني كالعادة .. وسأنتهز تلك الفرصة لأضع السم في طعامي الذي كان يتلذذ بأكله أمامي .. سيأكله أمامي ككل مرة .. ولكن أنا من سيتلذذ هذه المرة ..سأراه يحتضر .. ويموت .. ثم احمل ذلك الفأر اللعين لأطعمه لقط جارنا ..

ولكن أردت أن أسألكم .. من أين اشتري سم الفئران ؟ ..

تاريخ النشر : 2015-05-02

اسيل

فلسطين
guest
42 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى