منوعات

سياسة الموت الرحيم

بقلم : ريما

سياسة الموت الرحيم
موضوع مثير للجدل اختلفت فيه الآراء الشخصية و الدينية

كانت الغرفة هادئة جدا…لا يخترق هذا الهدوء سوى طنين الأجهزة الطبية المتناثرة التي امتزجت بتنهدات ثقيلة أضناها التعب و أعياها الم الرقاد..

لم يمض الكثير حتى اتخذ الطبيب قراره وتقدم إلى ذلك السرير الحزين ومع نهاية تلك الحقنة انتهى آخر نفس..

صمتت جميع الأجهزة و توقف تواتر التنهدات و حلقت الروح عاليا و لم يتبقى سوى الجسد الذي أضحى جثة هامدة .. أسدل الطبيب عليه الغطاء كمن يسدل الستارة على الفصل الأخير….

لطالما أثار هذا الموضوع دونا عن غيره جدلا منقطع النظير ما بين التحليل و التحريم و التأييد و الرفض القاطع …

أما الخلاص المتوقع إيجاده بتطبيق سياسة الموت الرحيم من جانب الأطباء المشرفين على حالة المريض من اجل إيقاف معاناته و وجعه وخصوصا عندما يرفض جسده العلاج أو يدخل في كوما طويلة الأمد فهنالك حالات كثيرة من المرضى الذين يبقون في الغيبوبة سنوات طويلة دون إبداء أي علامة من علامات التحسن مهما كانت وتيرتها ضعيفة! و بالتالي فأن اختصار الزمن و الألم و العذاب برأي الكثير من الأطباء يكون أمرا محبذ للغاية…

أو ترك المريض على حالته مهما طال زمن بقاءه فيها و مهما كان حجم الألم كبيرو برأي الكثير من الأطباء هو الحل الصائب إذ يصرون على نظام علاج معين حتى النهاية!!!

برأيي التشبيه الصائب لهذا الأمر انه كمن وقع من أعلى جرف كبير و تشبث بحد السيف!!

أن تركه فارق الحياة و أن بقي متشبثا به أعياه الألم و العذاب…..

***

أول استخدام واضح لمصطلح (القتل الرحيم) يرجع للمؤرخ Suetonius الذي وصف كيف مات الإمبراطور أغسطس بسرعة و بدون معاناة في أحضان زوجته ليفيا مما حقق الموت الرحيم الذي كان يرغب به…

أما أول استخدام للكلمة في سياق طبي فكانت من قبل فرنسيس بيكونفي في القرن17 للإشارة إلى وسيلة موت سهلة, سعيدة, وغير مؤلمة..

تصنيفات الموت الرحيم:

أولا – الطوعي : وهو الذي يتم بموافقة المريض التامة بغية إنهاء رحلة المعاناة مع المرض و في هذا التصنيف بالتحديد أي عندما يتسبب المريض في وفاته بمساعدة الطبيب يطلق عليه اسم: المساعدة على الانتحار.

وهو قانوني في كل من : بلجيكا,لوكسمبورغ,هولندا,وسويسرا,وبعض الولايات المتحدة مثل اوريغون و واشنطن

و هو التصنيف الأكثر إثارة للجدل إذ أن الطبيب بالفعل يساعد على الانتحار و مجرد قبوله بالأمر فهو تلقائيا يؤثر بشكل نفسي كبير على المريض و يحثه على التشبث بقراره

إذ انه بمجرد أن عقل المريض واعي و مدرك لما حوله و ليس في غيبوبة مجهولة الأمد فهو قادر على المقاومة ولا يحتاج إلا للإصرار و العزيمة التي (يفترض) أن يتلقاها من طبيبه..

ثانيا – الغير طوعي : و هو الذي يتم بقرار من الطبيب في حال عدم توفر موافقة مريضه..

واحد الأمثلة عليه هو الموت الرحيم للأطفال و هو غير قانوني في جميع أنحاء العالم ماعدا كونه في ظل ظروف محددة في هولندا بموجب بروتوكول جرونينجن.

ثالثا – القسري : و هو الذي يتم ضد إرادة المريض و بالتأكيد هو الأقسى و الأقرب إلى الإجرام…

***

بما ان المعنى القضائي للقتل يشمل كل تدخل واضح لإنهاء الحياة بالتالي الموت أو القتل الرحيم يعتبر في الكثير من البلدان جريمة و يعاقب عليها قانونيا كجريمة قتل جنائية باستثناء بعض الحكومات التي لها تشريع يسمح به مثل هولندا و بلجيكا.

و من أشهر قضايا الموت الرحيم قضية الطبيب الأمريكي جاك كيفوركيان الذي تعرض للسجن لمدة ثمان سنوات بتهمة القتل من الدرجة الثانية لمساعدته 130 مريض على إنهاء حياتهم.

انه و بحق موضوع مثير للجدل اختلفت فيه الآراء الشخصية و الدينية و اختلفت منطقية التفسير لكل رأي لذلك إذا كنت مكان الشخص المسئول هل كنت لتترك المريض يخوض رحلة العذاب الطويل أم كنت ستضع بيدك نهاية هذه الرحلة!!!

تاريخ النشر : 2015-05-06

guest
55 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى